معوقات التنمية المهنية للمعلمين في المدارس

 

د. خميس البوسعيدي

يُعد المُعلم الركيزة الرئيسة للعملية التعليمية بالمدارس؛ لما يقوم به من أدوار متعددة مثل: توفير بيئة تعليمية باعثة ومحفزة على التعلم، وتصميم وتنفيذ أنشطة تعليمية صفية وغير صفية تُثري تعليم وتعلم الطلبة، وتمكينهم من استخدام التقنيات الحديثة في التعليم،  وتدريبهم على الأسلوب العلمي في التفكير وعلى الحوار والمناقشة المنظمة وعلى التقويم الذاتي لأعمالهم، وتشجيعهم على تحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات، وغرس المثل العليا والقيم الأخلاقية في نفوسهم، ولا يمكن للمعلم أن يقوم بهذه المهام والأدوار إلاَّ إذا كان لديه المعارف والمهارات والاتجاهات التي تُمكنه من ذلك.

ويُعتبر مدخل التنمية المهنية المتمركزة على المدرسة من المداخل التي توفر برامج تنمية مهنية مستمرة للمعلمين ترتكز وتعتمد على المدرسة، أي أن المدرسة هي التي تُعد وتصمم وتنفذ هذه البرامج، كما تتيح مثل هذه البرامج التي تنفذ بالمدرسة الفرصة للمعلمين لمُناقشة أساليب واستراتيجيات التدريس مع بعضهم البعض، والموضوعات والمجالات التي يجب أن تتضمنها أنشطة وبرامج التنمية المهنية.

وتؤكد الدراسات الحديثة في هذا المجال على ضرورة إيجاد آليات واستراتيجيات متنوعة يتم من خلالها تنمية وتدريب المعلمين في المدارس، من خلال خلق شراكات وتعاون مع الجامعات والكليات للمساعدة في إعداد وتخطيط وتنفيذ ومتابعة وتقويم برامج التنمية المهنية داخل المدرسة.

   وقد بدأت فكرة التنمية المهنية المتمركزة على المدرسة بطريقة منهجية منظمة في سلطنة عُمان عام 2006م من خلال تبني وزارة التربية والتعليم بالسلطنة لمشروع تطوير الأداء المدرسي والذي هدف إلى تحويل المدرسة إلى وحدة تدريب وجعلها منظمة متعلمة، وفي عام 2009م، تبنت الوزارة مشروع الإدارة المدرسية الذاتية للمدرسة والذي زاد صلاحيات وسلطات مدير المدرسة في إقامة المشاغل والدورات التدريبية للمعلمين بالمدرسة، كذلك تبنت الوزارة مشروع تقويم الأداء المدرسي وتطويره، ومشروع رؤية المعلم الأول كمشرف مقيم، والمشروع التكاملي للإنماء المهني، وقد أفرزت هذه المشاريع مجموعة من اللجان تُساهم في تنفيذ برامج التنمية المهنية للمعلمين، بالإضافة إلى مجموعة من الأدوار والمهام والمسؤوليات لرؤساء العمل في مجال التنمية المهنية للمعلمين.

وتجدر الإشارة هنا إلى إحدى التجارب الناجحة والمتميزة والرائدة في هذا المجال والتي يجب علينا تسليط الضوء عليها والإشادة بها والحرص على ديمومتها لتشمل شريحة أكبر من العاملين في الحقل التربوي برنامج تنمية مهارات البحوث الإجرائية في المجتمع المدرسي الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم ممثلة في المديرية العامة لتنمية الموارد البشرية بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس والذي يستهدف تكوين فرق بحثية من المدارس المبادرة بكافة المحافظات التعليمية بالسلطنة،  يتوج بعد ذلك بتنظيم لقاء سنوي بجامعة السلطان قابوس تحت عنوان ملتقى البحث الإجرائي تعرض من خلاله البحوث وأوراق العمل المتميزة لتعم الاستفادة منها، وذلك لتنمية مهارات البحث الإجرائي، وتنمية قدرات المشاركين في إعداد دراسات علمية محكمة يشرف على تنفيذها نخبة متميزة من الكفاءات التربوية بوزارة التربية والتعليم وجامعة السلطان قابوس.

وبالرغم من كافة الجهود المبذولة تبقى هنالك معوقات للتنمية المهنية المتمركزة على المدرسة تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة وتتمثل هذه المعوقات بحسب نتائج بعض الدراسات المحلية في هذا الشأن في غياب ثقافة التطوير والتجديد والإبداع والابتكار عند تخطيط وتنفيذ هذه البرامج، وضعف إقبال المعلمين على أنشطة التنمية المهنية وعدم مشاركتهم في التخطيط لها. كما تواجه برامج الإنماء المهني العديد من المشكلات مثل: قلة فعاليات التدريب حيث تقتصر على فعالية واحدة أو اثنتين على مدار العام الدراسي، وأن بعض المُدربين يفتقرون إلى مهارات التدريب، وأن البرامج تركز على أسلوب المحاضرات والجانب النظري أكثر من الجانب العملي التطبيقي، وقلة الوقت المتاح للمعلمين للمشاركة في برامج الإنماء المهني لكثرة الأعباء الوظيفية، وقلة الحوافز الموجهة للمعلمين أو المُدربين الذين يحضرون تلك البرامج.   

ومن المقترحات التي نرى أنه من المناسب طرحها ومحاولة تطبيقها في هذا السياق:

  • إنشاء وحدة للتنمية المهنية بالمدارس يقوم على إدارتها فريق عمل متخصص، وتتولى مسؤوليات كافة برامج التنمية المهنية للمعلمين المتمركزة على المدرسة، وتحديد مقر دائم لها يتوافر فيه كافة الإمكانات المادية والبشرية لتصميم وتنفيذ وتقويم برامجها.
  • زيادة المُخصصات المالية الموجهة لبرامج التنمية المهنية للمعلمين في ميزانيات المدارس، وإتاحة الفرص للمدارس لتنويع مصادر تمويل تلك البرامج من خلال الشراكة مع المجتمع المحلي.
  • توفير كافة المصادر والمراجع والكُتيبات والأدلة والوثائق التي تحتاجها برامج التنمية المهنية للمعلمين المتمركزة على المدرسة.
  • التأكيد على أهمية التنمية المهنية للمعلمين المتمركزة على المدرسة في برامج إعداد وتأهيل مديري المدارس والمعلمين والمُشرفين التربويين وأن تكون محوراً رئيساً في محتوى تلك البرامج.
  • اتباع المشرفين التربويين أساليب إشرافية حديثة، ومشاركتهم في برامج التنمية المهنية للمعلمين تصميماً وتنفيذاً وتقويماً.
  • التأكيد على الدور الفني لمديري المدارس في زيارات المعلمين ومتابعة وتقويم أدائهم وتنميتهم مهنياً.
  • استقطاب الكفاءات من الخبراء والفنيين من وزارة التربية والتعليم ومؤسسات التعليم العالي كل حسب تخصصه للمشاركة في تخطيط وتنفيذ دورات وبرامج التنمية المهنية للمعلمين بالمدارس.

- العدالة في توزيع المهام والمسؤوليات والأدوار بين المعلمين حتى يجدوا الوقت الكافي للاشتراك بفعالية في برامج التنمية المهنية المُتمركزة على المدرسة.  

khamisalbu@gmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك