علي بن كفيتان
سَبق وتناولت في مقال سابق الإنجازات التي حقَّقتها وزارة الخدمة المدنية على مختلف الصُّعد، وأثار المقال ردودَ فعل مختلفة بين الشعور بالرضا، وبعض رسائل التثبيط التي تلقيتها من كَتائب المتذمرين، والتي باتت تنمو باضطراد لافت، وفي نافذة هذا الأسبوع سنستمرُّ في هذه السلسلة التي لن يكون فيها مكان للمحاباة مطلقاً؛ فالواجب يملي علينا أن نكُون صادقين ومنصفين، ومثلما نُوجِّه بعض النقد يجب أن نوجه الثناء لمن أحسن عمله.
الوزارة التي سنتناولها كانتْ في صِرَاع كبير مع الزمن خلال الخمس سنوات الماضية؛ فحجم المطلوب منها كثيرٌ على صعيد الوطن، فهي التي تربط شرايين عُمان وتعمل على صيانتها وتحديثها لكي تتدفق الحياة وتسري التنمية إلى كافة أنحاء عُمان، ولا شك أنَّ التحديات جمة؛ فطبيعة الأرض في السلطنة وتوجهات الحكومة الرشيدة بأن تصل الخدمات لكل قرية كلها تُشكل عقبات في هذا المضمار، إلا أن فريقَ عمل مميزًا ظلَّ يعمل بكل طاقته، وأنجز الكثير على أرض الواقع.
فريقُ العملِ الذي يُشرف عليه معالي الدكتور أحمد بن محمد بن سالم الفطيسي، أنجز للعيان عددًا من المشاريع الإستراتيجية التي يجب الوقوف عندها؛ مثل: افتتاح مطار صلالة الدولي هذه البوابة المهمة في جنوب الوطن إلى العالم، فهذا المطار هو باكورة جديدة لمشاريع الجيل الأحدث من المطارات العُمانية، ولا شك أنَّه نقلة نوعية كبيرة في ظفار وواجهة حضارية مشرقة في جبين الوطن، والأمل يحدو الجميع بأن تستكمل الحزمة الثانية من هذا المشروع؛ والمتمثل في مبنى التموين والصيانة؛ بحيث يكون مهيَّئًا للرحلات الدولية؛ فحسب المؤشرات المطار يقع في منطقة مثالية لرحلات الترانزيت بين شرق وغرب العالم، والمحافظة مهيأة ببنيتها الأساسية لهذا الهدف بإذن الله.
إنَّ افتتاحَ مَطَار مسقط الدولي شكَّل نقطة نجاح أخرى في غاية الأهمية لوزارة النقل والاتصالات؛ فهذا الصرح هو الواجهة الحضارية للسلطنة، وبحق فإنَّ المطار شكَّل تحفةً معماريةً نادرةً، ويُمكننا القول بأنه أصبح ضمن الوجهات الأكثر حداثة في المنطقة. لقد كان المختصون بوزارة النقل والاتصالات في صراع مع الزمن لإنجاز هذا المشروع الكبير في الموعد المحدد، ورغم التحديات والشائعات والكثير من التكهنات إلا أنَّ الوزارة ربحت الرهان، وجندت كل طواقمها لتحقيق المطلوب، وهنا توقفت الانتقادات وبدأت الإشادات حتى من أكثر المتشائمين قبل افتتاح المطار.
زفَّت إلينا كذلك الوزارة خبرًا سعيدًا قبل عدة أشهر، وهو افتتاح طريق الباطنة الساحلي الذي يربط العاصمة بأكبر منطقة سكانية في السلطنة، ومن ثم بالدول المجاورة، بحاراته الأربع، وجسوره المتعددة، وهذا أعطى صورة أخرى للإنجاز على أرض الواقع، فما تخطِّط له الوزارة يُصبح أمراً ملموساً يعايشه المواطن، ويقلل من معاناته، ويُسهم في رفد البلد اقتصاديًّا؛ فهذا الطريق ليس فقط لتسهيل حركة المواطنين، بل يعتبر شريانًا اقتصاديًّا مهمًّا يربط ميناء صحار ومطارها ومنطقتها الصناعية الواعدة ببقية مناطق السلطنة وبالدول المجاورة، إضافة للإسهام السياحي والحضاري الذي يحققه هذا الطريق، ناهيك عن تقليل الحوادث بعدما كان الطريق القديم يحصد سنويًّا الكثير من الأرواح.
ولا يزال في جعبة هذا الطاقم المتفانِي في خدمة وطنه الكثير في قادم الأيام؛ فطريق الشرقية على مشارف الانتهاء، وازدواجية مرباط-طاقة انتهتْ، ومشاريع مطارات عُمان على الطريق، وسكة الحديد في آخر مراحلها بإذن الله، وازدواجية أدم-هيماء على مشارف الانتهاء، ويحدونا الأمل أن يمتد الإنجاز حتى بقية المشوار، وصولاً إلى ظفار الخير، وهذا ليس بكثير على هذه الثلة الطيبة من الرجال المخلصين في هذه الوزارة.
وفي الختام، لن نَنْسَى التحرُّك السريع للوزارة -مُمثلا بالمديرية العامة للطرق بظفار- عقب إعصار مكونو، فقد أعطتْ المديرية جلَّ اهتمامها لإعادة فتح الطرق المتأثرة بالأنواء المناخية في مختلف ربوع المحافظة، ولم تستسلم للروتين القاتل في إسناد الأعمال الميدانية؛ فقد لاحظ الجميع وجود المهندس المدير العام وطاقمه الفني في جميع المواقع، ومن ثم بدأت الشركات العمل على الأرض لإصلاح وترميم الطرق في الولايات والنيابات المتضررة، واليوم يُمكننا القول: شكراً لمعالي الدكتور وزير النقل والاتصالات، ولجميع العاملين بالوزارة على هذه الإنجازات العظيمة، وعلى هذا التميُّز في تقديم خدماتكم، فأنتم أهلٌ لحملِ الأمانة، وأنتم أهلٌ للإشادة.
----------------------------------
نقطة نظام: هذه الإنجازات الكبرى لا ينقُصها إلا إعادة النظر في أسعار تذاكر الطيران العُماني على خط صلالة-مسقط؛ بحيث تكتملُ الصورة المشرقة، ويصبح الناقل الوطني بالفعل وطنيًّا.
alikafetan@gmail.com