مبادرة جديدة لمواصلة سلسلة الأمسيات الاقتصادية على مدار العام

أمسية "الغرفة" تستشرف مستقبل الأعمال وتحديات السلطنة في الثورة الصناعية الرابعة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

الجلندي: تنمية القدرات البحثية للمبتكرين محور أساسي في "الصناعية الرابعة"

كريس مودي: تأثر السلطنة بالتشغيل الآلي في التصنيع لا يزال محدودا

الهنائي: "بيئة" تدرس مبادرات لاستخدام التقنية في إنتاج الوقود الحيوي

العولقي: "النفطي" من أول القطاعات التي رسخت مفاهيم الثورة الصناعية

العبري: تطبيقات "النانو" تمكن الشركات من تصنيع الأجهزة بتكلفة أقل

التوبي: نعمل على تخريج جيل منتج للمعرفة ومتكيف مع متغيرات الثورة الجديدة

 

الرؤية - فايزة الكلبانية

قال صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد الأمين العام المساعد لتنمية الابتكار بمجلس البحث العلمي إن السلطنة ليست بمعزل عن تطورات الثورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم، والتي تمثل أحد محاور صناعة المستقبل، إذ تنعكس على مختلف المقومات الاقتصادية، موضحاً أنَّ الثورة الصناعية الرابعة تهدف إلى الابتعاد على المدى البعيد عن استخدام النفط والغاز كمصدر الدخل الرئيسي للسلطنة مما يشكل تحديا للسلطنة والدول المصدرة للنفط والغاز بشكل عام.

جاء ذلك خلال رعايته ثالث أمسيات غرفة تجارة وصناعة عمان لشهر رمضان المبارك، والتي عقدت بالمقر الرئيسي لغرفة تجارة وصناعة عمان بعنوان "الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل الأعمال"، بحضور سعادة قيس بن محمد اليوسف رئيس مجلس إدارة الغرفة، وسعادة محمد بن سعيد الحجري عضو مجلس الشورى، وعدد من المسؤولين وصناع القرار في المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الأخرى، وذوي الاختصاص في القطاع التقني.

وقال سموه إن أهمية هذه الأمسية تتمثل في نشر الوعي عن الثورة الصناعية الرابعة وإلقاء الضوء على الفرص والتحديات، موضحاً أن السلطنة تمتلك الكوادر البشرية المؤهلة التي ينبغي أن تدرب وتوجه التوجه الصحيح في هذا المجال. وأشار إلى أن برامج مجلس البحث العلمي تعنى ببناء القدرات البحثية في الجامعات ومنها على سبيل المثال ما يشهده مركز أبحاث تقنيات النانو بجامعة السلطان قابوس، مؤكدا اهتمام مجلس البحث العلمي بقطاع البرمجيات ونشر ثقافة الابتكار. وناقشت الأمسية منهجية التأثير الإيجابي للثورة الصناعية الرابعة على الصناعات الحالية والاقتصاد والتدريب والفرص الكامنة في تحويل الصناعات لمواكبة التطور، ونظم ابتكار تجارب الدول المتقدمة والتأثيرات الاقتصادية، والطاقة الأحفورية وتقنيات الطاقة في المستقبل القريب وتأثيرها على الصناعة والاقتصاد، إضافة إلى فرص صناعات تقنية النانو في الثورة الصناعية، وتكامل البيئة والمناخ لدعم الثورة الصناعية، وآليات بناء الكادر المحلي للاستعداد ولمواكبة السباق في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، كما تطرقت الأمسية إلى مناقشة متطلبات دعم القطاع الصناعي لمواكبة تطورات الثورة الصناعية من حيث البحث والتطوير العلمي، وفرص المستقبل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجالات الثورة الصناعية الرابعة.

"أمسيات الغرفة" تتواصل

وأعلن بدر بن سيف العوفي مساعد المدير العام للشؤون الإدارية والمالية خلال الأمسية عن تدشين مبادرة (أمسيات الغرفة) لتستمر على مدار العام، بدلا من اقتصارها على شهر رمضان فقط وذلك بواقع 4 أمسيات في كل عام، على أن تتناول موضوعات اقتصادية واستثمارية حيوية ذات أبعاد أساسية وهامة للاقتصاد الوطني وعملية التنمية الشاملة المُستدامة، مشيرًا إلى أنَّ الأمسيات الرمضانية لاقت تفاعلا إيجابيًا من المنتسبين، كما تؤسس لانطلاق مرحلة جديدة من التطوير في مضامين ومفاهيم الأمسيات في المرحلة المقبلة، مؤكدًا سعي الغرفة الدائم والمستمر إلى دعم مساهمات القطاع الخاص في العملية التنموية الشاملة وتعزيز الشراكة مع كافة الجهات والقطاعات ذات العلاقة في السلطنة.

مزيج من الآلات والصناعة

وألقى الدكتور كريس مودي خبير في مجال نقل العلوم والمعارف والتكنولوجيا ورقة عمل بعنوان "الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل الأعمال"، مشيرًا إلى أن الثورة الصناعية الرابعة بشكل أساسي هي مزيج بين الفيزياء والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والتي تساعد على جمع كافة المعلومات وتحليلها وإعادة إنتاجها، موضحًا أنَّ البروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي صاغ مصطلح الثورة الصناعية الرابعة ونشر كتابًا يحمل نفس الاسم في عام 2016، حيث يشهد العالم تحولات عميقة في جميع الصناعات، بما في ذلك إنشاء نماذج أعمال جديدة، وتعطيل الأعمال القائمة وإعادة تشكيل أنظمة الإنتاج والاستهلاك والنقل والتوصيل.

وأوضح كريس مودي أن الثورة الصناعية الأولى بدأت مع اختراع الطاقة المائية والطاقة البخارية، أما الثورة الصناعية الثانية فبدأت بكثافة الكميات الإنتاجية والكهرباء، وتميزت الثالثة بعصر الكمبيوتر والتقنيات الرقمية، والطريق إلى الثورة الصناعية الرابعة سيكون بشكل أساسي مزيجاً من الالآت والصناعة، وستشهد نضوج في التقنيات الفيزيائية السيبرانية الجديدة، وتمكن التحليلات الرقمية من تحقيق مستوى جديد من الإنتاجية التشغيلية، بالإضافة إلى الاتصال في كل مكان في جميع أنحاء سلسلة التوريد، وتحقيق مستويات غير مسبوقة من البيانات وزيادة قدرات الحوسبة.

وأشار كريس إلى أنَّ السلطنة من الدول المؤهلة لاستخدام طائرات دون طيار، حيث تتمتع بجو مشمش ومبانٍ مسطحة مما يجعلها دولة مناسبة لاستخدام التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة. وأوضح كريس مودي أن التشغيل الآلي في التصنيع لم يكن له تأثير كبير على السلطنة حتى الآن، ومع ذلك يتم تشغيل الخدمات وعمليات البيع بالتجزئة بوتيرة سريعة، وسيكون له تأثير كبير على السلطنة، وقد أصبحت الخدمات اللوجستية المحلية والدولية وإدارة سلسلة التوريد أكثر أهمية، وسوف يعمل التشغيل الآلي على القضاء على الوظائف ذات المهارات المتوسطة وإنشاء العديد من الوظائف الجديدة ذات المهارات العالية، وستنمو الفنون الإبداعية والصناعات الإبداعية بسرعة أكبر.

 

مستقبل مراكز التسوق

وأشار كريس مودي إلى أنَّ الولايات المتحدة وأوروبا تكافح لإغلاق مراكز التسوق دعمًا للتسوق عبر الإنترنت، وقد يتغير استخدامها خلال المرحلة المقبلة من مراكز للتسوق إلى مراكز للترفيه ولقاء الأصحاب، أو قد تؤسس بها مكاتب تجارية، وشقق فندقية، وستحدث هذه التغيرات بشكل سريع، ويستخدم حاليا أكثر من 80٪ من النفط المنتج لوقود النقل، وقد وصل إنتاج السيارات الكهربائية إلى نقطة التحول، وتخطط معظم شركات صناعة السيارات الكبرى الآن للتخلص التدريجي من مركبات البنزين خلال السنوات 10 و20 القادمة، وستصبح جميع السيارات والحافلات والشاحنات تقريباً دون سائق، مشيرا إلى أنَّ السلطنة تعتمد بنسبة 90% على النفط، وتحول العالم لاستخدام الكهرباء مستقبلا سيؤثر على طلب الغاز. وسوف تتغير صناعة البناء من العمالة المكثفة إلى رأس المال المكثف، وستقوم الطباعة ثلاثية الأبعاد وأنظمة التشغيل الآلي الأخرى بتحويل البناء خلال العشرين عامًا المقبلة.

جلسة حوارية

 

وأدار الجلسة الحوارية الدكتور عمار العبيداني مدير بحوث قطاع الطاقة والصناعة بمجلس البحث العلمي، مشيرًا إلى أن الابتكار يعد عنصرا أساسيا في الثورة الصناعية الثانية والثالثة في السلطنة، كما سيكون المحرك الأساسي في الثورة الصناعية الرابعة.

وقال الدكتور مهاب الهنائي مدير مشرع مركز التميز البيئي بالشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة (بيئة) حول الثورة الصناعية الرابعة إنها الأحدث منذ الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر، وتتميز بدمج التقنيات التي تطمس الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية، إضافة للتقنية الحيوية التي تتسم بالطفرات في التقنيات الناشئة في عدد من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والسلاسل الرقمية، وتقنية النانو، والحوسبة الكمية، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد والمركبات ذاتية القيادة.

وأضاف الهنائي أنَّه عند ظهور التقنية الحيوية الحديثة في أواخر السبعينات، تم تطبيقها لأول مرة في قطاع الصحة، مع بداية ظهور تقنية الحمض النووي المؤتلفDNA، وبعد عقد واحد بدأ استخدام هذه التقنية الحيوية في الصناعات الزراعية والغذائية لإنتاج محاصيل ذات إنتاجية عالية تستطيع مقاومة الأوبئة ودرجات الحرارة العالية والجفاف، وقد بدأ علماء التقنية الحيوية في إثراء القدرات الإنتاجية للعديد من المخلوقات الدقيقة بتعديل الحمض النووي لجعلها تنتج مواد ذات أهمية طبية وصناعية كالإنزيمات والأدوية والوقود الحيوي، ومع وصول وتطور علم الأنظمة الأحيائية (Systems Biology) وظهور علم الأحياء التركيبية، تغيرت بالكامل طرق وآليات تصميم الكائنات الدقيقة (وحتى الكائنات الحية الأكثر تعقيدا مثل النباتات والحيوانات) عن طريق إضافة او إزالة جينات، وتحويلها لمصانع حيوية تستخدم مواد أولية متنوعة وتحويلها إلى منتجات ذات أهمية اقتصادية وبيئية، ومن الأمثلة على المواد التي تم إنتاجها عن طريق المخلوقات المعدلة وراثياً هي السكريات المتعددة (السلولوز الميكروبي)، والبروتينات (حرير العنكبوت) والبوليمرات الحيوية، وقد تم أيضًا تصميم بعض السلالات بنجاح لإنتاج مواد تغليف صديقة للبيئة والعديد من الأدوية الهامة.

وأضاف الهنائي أن التقنية الحيوية يمكنها أن تلعب دورا فعالا فيما يسمى بالاقتصاد الدائري وهو بديل للاقتصاد التقليدي، حيث نحتفظ بالموارد المستخدمة لأطول فترة ممكنة، واستخراج القيمة القصوى منها أثناء الاستخدام، ثم استرداد المنتجات والمواد وتجديدها في نهاية خدماتها، وتقوم حالياً الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة (بيئة) بدراسة عدة مبادرات لاستخدام التقنية الحيوية لإنتاج الوقود الحيوي وإنتاج الطاقة والغاز الحيوي من النفايات.

وأشار الهنائي إلى أنَّ التقنية الحيوية تلعب دورا فعالا في الثورة الصناعية الرابعة لأهميتها في الصناعة والطب والاقتصاد، وقد قدر حجم سوق التقنية الحيوية العالمي بمبلغ 370 مليار دولار أمريكي في عام 2016، ويتوقع خبراء أن تتضاعف هذه القيمة لتصل إلى ما يقارب 730 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025. لذا فإن مواصلة السلطنة نحو تطوير البنية الأساسية وتأهيل الكوادر البشرية العمانية أمر ضروري حتى تُستغل هذه التقنية لتنويع مصادر الدخل، وخلق فرص عمل ذات دخل عالٍ لتدخل السلطنة عهد الثورة الصناعية الرابعة من أوسع أبوابها.

 

تطور القطاع النفطي

 

ومن جانبه قال الدكتور طلال بن جمال العولقي مشرف قطاع الهندسة البترولية بشركة تنمية نفط عُمان إن الثورة الصناعية الرابعة بدأت في السلطنة منذ فترة طويلة، وأن القطاع النفطي من أول القطاعات التي طبقت أسس الثورة الصناعية، حيث إن كافة العمليات في الآبار النفطية التابعة لشركة تنمية نفط عمان تدار عن بعد من مقر الشركة بمسقط، وأثبت فعالية كبيرة ورفعت من مستوى الأمان.

تقنية النانو

وقال الدكتور محمد بن زاهر العبري مدير مركز أبحاث تقنيات النانو بجامعة السلطان قابوس إن تقنية النانو لاقت اهتماما كبيرا من الباحثين والقطاع الخاص، لأن تطبيقاتها تمكن الشركات من تصنيع مواد وأجهزة متخصصة سهلة الاستخدام وبقيمة أقل من التصنيع المعتاد، وتمكن هذه التقنية من صناعة أجهزة معدات ذات خصائص ليس بالإمكان الحصول عليها بالطرق التقليدية مثل صناعة زجاج غير قابل للخدش أو ذاتي التنظيف أو صناعة أجهزة خفيفة الوزن.

وأشار العبري إلى أنه من المتوقع أن تكون هذه التقنية محركا أساسيا للتقنيات والاقتصاد في هذا القرن لما لديه من قدرات على تصنيع مواد ذات كفاءة عالية ونظم ذكية، مشيراً إلى أن مركز أبحاث تقنيات النانو بجامعة السلطان قابوس يعمل حاليًا على 4 برامج تتمثل في أبحاث مُعالجة المياه والطاقة المتجددة وتعزيز استخراج النفط والصناعة والتصنيع، ويسعى المركز للاشتراك مع مجموعة واسعة من الباحثين والقطاع الخاص حيث إن تقنية النانو تعتمد على الشراكة. وأشار إلى أنه في عام 2011 تم تدشين كرسي النادي التكنولوجي، وفي عام 2017 تحول إلى مركز الجودة، والذي يهدف إلى إنتاج العديد من الأوراق العلمية وتطوير المؤهلات الأكاديمية لموظفيه.

جيل منتج للمعرفة

وقال قيس بن راشد التوبي مشرف البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب إن البرنامج ينقسم إلى فئتين، الأولى فئة الناشئة من 15 إلى 17 سنة، والثانية من 18 إلى 29، مبيناً أن البرنامج سيركز على الثورة الصناعية الرابعة بتقنياتها وتطبيقاتها، موضحاً أنه قد تم البدء في استقبال الطلبات لدخول البرنامج من29 مايو وسيستمر إلى 10 يونيو. وأضاف التوبي: نسعى في البرنامج إلى بناء جيل منتج للمعرفة وقادر على التكيف مع متغيرات الثورة الصناعية الرابعة، وذلك من أجل توطين الصناعات المعرفية الحديثة في السلطنة. وأكد سعادة محمد الحجري عضو مجلس الشورى ضرورة دراسة تأثير الثورة الصناعية الرابعة ليس على الجانب المادي فقط بل على ثقافة وقيم المجتمع والتواصل الاجتماعي.

 

تعليق عبر الفيس بوك