علي بن سالم كفيتان بيت سعيد
لقد تطرقنا في المقالات الثلاث السابقة إلى البناء المؤسسي البيئي في السلطنة منذ بداية عهد النهضة المُباركة وما مر به من تطور واهتمام واستكمالا لهذا الأمر لابد من الإشارة إلى أن المشهد البيئي اليوم تقوده عدة مؤسسات فإلى جانب وزارة البيئة والشؤون المناخية هناك مكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني، وفي الجانب الآخر توجد جمعية البيئة العُمانية بالإضافة إلى حديقة النباتات والأشجار العُمانية، والمركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة، ومكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية الذي يُدير محميات للبان.... وفي هذا الشأن هناك من ينادي بتوحيد المظلة البيئية، وفي الاتجاه الآخر يرى البعض في هذا الثراء المؤسسي خيار أفضل للحفاظ على البيئة في السلطنة.
حسب مؤشر تقييم الأداء البيئي العالمي (EPI) ENVIRONMENTAL PERFORMANCE INDEX الذي تعتمد عليه معظم المنظمات العالمية لمعرفة الوضع البيئي لأيَّ بلد حلت السلطنة عام 2016 في المرتبة 125 عالميا وفي المركز 16 عربياً والأخير على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة تقييم بلغت (60.13 نقطة) وفي مؤشر التقييم الذي صدر هذا العام 2018 تراجع الأداء إلى (51.32 نقطة) وحلت السلطنة في المرتبة 18عربياً والأخير خليجياً. وبلغ مؤشر حيوية النظام البيئي في السلطنة (34.88 نقطة) وهو مستوى منخفض ولا شك أن هذا التراجع بحاجة إلى وقفة حقيقية لمعرفة الأسباب وإيجاد الحلول الناجعة.
إنَّ زيادة الانتهاكات تجاه الأحياء الفطرية، ومحدودية الاهتمام بانحسار الغطاء النباتي، وعدم فاعلية نظام المحميات الطبيعية، وقلة الرقابة على الموارد الطبيعية الكامنة، وعدم شفافية آليات التقييم البيئي للمشاريع تساهم بشكل فاعل في تراجع مؤشرات الأداء البيئي لأي بلد حسب الشروحات الواردة في التقرير آنف الذكر والمتتبع يعلم بأنَّ الجهات المعنية في السلطنة خارج الإطار البيئي بات يقلقها هذا الموقف وعبرت عنه في أكثر من مناسبة وطالبت بإيجاد حلول خلاقة لتصحيح الوضع فربما يكون هناك قصور في البيانات التي ترد من السلطنة للجهات التي تشرف على إصدار هذه المؤشرات ومن هنا وجب تدارك الأمر في كلتا الحالتين.
ونتيجة لتزامن مقال هذا الأسبوع مع حدثين هامين هما مرور الإعصار مكونو على محافظة ظفار وما خلفه من آثار كبيرة في البيئة الطبيعية، ونقاش مجلس الشورى لمعالي وزير البيئة والشؤون المناخية لابد من الإشارة هنا لبعض الأمور التي نراها هامة ففيما يتعلق بآثار الإعصار على البيئة الطبيعية والصناعية بمحافظة ظفار نرى أن يتم تشكيل لجنة متخصصة لحصر الأضرار التي نجمت عن الإعصار مكونو بحيث يتم القيام بمسوحات وفق المنهجية المتبعة في مثل هذه الكوارث على المستوى العالمي فيتم إحصاء خسائر النظم البيئية من الأشجار والشجيرات والغطاء النباتي الآخر، وكميات التربة المنجرفة، وخسائر المحميات والأنواع الفطرية التي نفقت أو تضررت موائلها وبغض النظر عن التوصيات ومدى تنفيذها فإنَّ التوثيق العلمي للحدث يعتبر شأنا هاما لأي معالجات مستقبلية إذ لا يُمكن العمل بشكل عشوائي دون حصر الأضرار البيئية بشكل مقنن، وإذا كانت لنا من كلمة في هذا المقام فإننا نتقدم بجزيل الشكر للفرق الأهلية والأفراد بالولايات والنيابات الذين بادروا بإعادة الكثير من الأشجار المعمرة إلى طبيعتها فهذه الظاهرة الصحية يمكن البناء عليها لمبادرات أكبر في المستقبل مثل إعادة استزراع المناطق المتضررة بجهود أهلية تشرف عليها الجهات المختصة.
أما المناقشات التي دارت مع معالي وزير البيئة والشؤون المناخية تحت قبة مجلس الشورى هذا الأسبوع فقد كانت هادفة إلى حد كبير كما تبين أن الوزارة لديها خطط طموحة للحفاظ على بيئة السلطنة واستدامة مواردها الطبيعية فقد كان معاليه صريحاً وواضحاً أثناء المناقشة وحسب تقديرنا بأن هذه الجلسة كانت من أفضل الجلسات التي أجريت ضمن دورة المجلس الحالية من حيث التركيز على القضايا الرئيسية التي وردت في بيان الوزارة ومناقشتها بشكل هادئ فكان تجاوب معالي الوزير مبعث ثقة وبين أنّ هناك مرونة في الكثير من القضايا التي تم طرحها من قبل أصحاب السعادة أثناء النقاش.
alikafetan@gmail.com
حفظ الله عُمان وحفظ سلطانها وشعبها الوفي المعطاء وحفظ لنا بيئتنا العُمانية خالية من كل المنغصات.