خالد بن علي الخوالدي
أجزم بل متأكد أن أكثر إنسان يشعر بالسعادة والفرح والانشراح في عمان بعد أن لطف الله بعمان من إعصار (مِكونو) هو سيدي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- فالإنسان عندما يرى زرعه وقد نما وسما وأثمر ثمرا طيبا يشعر بالسعادة لأن مجهوده وتعبه من حرث وزراعة وسقي لم يذهب هباءً، وإنما أتى بنتائجه الطيبة. ولقد زرع السلطان قابوس منذ توليه الحكم في عام 1970 في كل عمان بذور الوحدة والتكاتف والتعاون والانتماء إلى الوطن قبل كل الانتماءات وعدم التعصب إلى أي أمر أخر غير عمان، وها هو يرى هذا الزرع يؤتي أكله في كل حين، فمن محنة إلى محنة يتضح بجلاء هذا النهج القابوسي ويسطر العماني حبه وولاءه لعمان أولا ولسلطانه ثانيا. إن المدرسة القابوسية التي تعلم الشعب العماني منها قيم الوفاء والمحبة والتضحية والتسامح والسلام والتواضع والبساطة والابتعاد عن التدخل في شؤون الغير والاهتمام ببناء الإنسان وتنميته والارتقاء بالفكر التنويري الإصلاحي ونشر السلام في كل بقاع العالم، تتجلى كل يوم ويسطع بريقها في كل مناسبة. إن هذه المعاني والقيم وغيرها هي المدرسة القابوسية التي غرسها القائد في شعبه، وهي الطريق التي رسمها لهم كي يتميزوا عن سائر شعوب العالم فكانوا بالفعل مُميزين عن كل العالم وبشهادة العارفين والمتابعين. إن إعصار جونو وما جاء بعده من حالات مناخية ومدارية استثنائية وصولا إلى مِكونو، كلها جميعا أقدار من المولى جل في علاه، والله سبحانه لطيف بعباده وهو الحامي والكافي والمصرف لكل ما في الكون، ونحمد الله ونشكره ونثنى عليه سبحانه. ومع هذه الأقدار الربانية تجلت البطولات البشرية أيضا التي قدمها رجال عمان والتي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء الرجال والنساء الذين تخرجوا في المدرسة القابوسية يمضون بنهج واضح ومدروس، ورأينا هذا النهج كيف تجلى من خلال التلاحم الوطني والتعاون والتكاتف والتآزر والعطاء في التغلب على كل المصاعب والمحن التي زادت من ثقة أبناء عمان في ذواتهم وأنهم قادرون على تقديم المزيد والمزيد من أجل عمان طالما أنهم ينهجون ويتبعون المدرسة القابوسية العظيمة. وكلما أردنا أن نغترف من المدرسة القابوسية نعود إلى الأساس ونعود إلى الخطاب الأول لهذا القائد الفذ الذي أسس مدرسة قوية على قواعد متينة وأركان شديدة القوة، نعود إلى ذلك الخطاب الذي يقول فيه مولانا المعظم –حفظه الله ورعاه-: «أيها الشعب.. سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُّعَدَاءِ لمستقبل أفضل.. وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب، كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي»، فكان لنا المكان المرموق ليس في الوطن العربي وحسب، بل في العالم أجمع؛ حيث العماني يجد مكانته واحترامه وتقديره أينما حل وارتحل. وفي خطاب أخر يقول المدرس الأول لعمان «إننا نعاهدكم بأننا سنقوم بواجبنا تجاه شعب وَطَننَا العزيز، كما أننا نأمل أن يقوم كل فرد منكم بواجبه لمساعدتنا على بناء المستقبل المزدهر السعيد المنشود لهذا الوطن، لأنه كما تعلمون أنه بدون التعاون بين الحكومة والشعب لن نستطيع أن نبني بلادنا بالسرعة الضرورية للخروج بها من التخلف الذي عانت منه هذه المدة الطويلة، إن الحكومة والشعب كالجسد الواحد، إذا لم يقم عضو منه بواجبه اختلت بقية الأجزاء في ذلك الجسد، إننا نأمل أن نكون عند حسن ظَنّكُمْ كما نأمل كذلك وفي نفس الوقت أن تكونوا عند حسن ظَنّنَا». ها نحن يا مولاي نثبت لك أننا على عهدكم ماضون وعلى خطاكم سائرون ولمدرستكم العظيمة منتهجون. فشكراً مولاي السلطان قابوس على ما قدمت لعمان، وكلمة شكراً لا توفيك حقك يا من أسست مدرسة عظيمة لا يزال يتخرج فيها الأبطال والشجعان.. فشكراً لرجال قابوس على ما قدمتموه من فداء وتضحية من أجل التقليل من آثار الإعصار «مِكونو»، شكراً لجميع المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية ولجميع الشعب العماني الذي أثبت علو قامة المدرسة القابوسية التي تخرجوا فيها، ودمتم ودامت عمان بخير. Khalid1330@hotmail.com