القيم القرآنية

 

 

سعادة الشيخ أحمد السيابي

 

عرَّف الخليل بن أحمد الفراهيدي القيمةَ بأنها المِلة المستقيمة، وعرَّفها الفيروز آبادي قائلاً: القيمة بالكسر واحدة القيم، وما له قيمة إذا لم يدم على شيء، وقوَّمت السلعة واستقمتها ثمنتها، واستقام اعتدل. وقومته عدلته فهو قويم ومستقيم، والقوام العدل.

والقيم القرآنية هي أوامره ونواهيه وأخباره، وكل وجوهه التي ترسم الحياة الإسلامية المتصلة بالله عقيدة وشريعة؛ فذلك هو منهج الله "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا".

ومن هنالك يتبين لنا أن القيم في القرآن تعني دين الله عز وجل الذي هو دين الإسلام؛ فالقرآن الكريم هو الأصل الأول والأصيل للإسلام وفي الإسلام، وهو ما يعنيه قول الله عزوجل: "قُلْ إِننِي هَدَانِي رَبي إِلَى صِرَاطٍ مسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا ملةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِن صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَب الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَولُ الْمُسْلِمِينَ" (الأنعام:161-163).

وقد رسمت هذه الآيات الخطوط العريضة للحياة الإسلامية من صلاة ونسك ومحيا وممات بأنها هي الدين القيم الذي كان عليه نبي الله إبراهيم الخليل -صلوات الله وسلامه عليه- والذي يجب على المسلم بل على الإنسان أن يسير عليه، ومن المعلوم أن خطاب الله لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خطاب للبشرية كلها سواء كانت أمة إجابة أو أمة دعوة.

ودين الأنبياء واحد في أصول العقائد والأخلاق، فقد قال الله تعالى حكاية عن يوسف -عليه السلام- في قوله لصاحبي السجن: "مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلا أَسْمَاء سَميْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم ما أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُواْ إِلا إِياهُ ذَلِكَ الدينُ الْقَيمُ وَلَكِن أَكْثَرَ الناسِ لاَ يَعْلَمُونَ" (يوسف:40).

إذن؛ نستخلص من ذلك أن القيم القرآنية هي دين الله القويم، وهو الإسلام الذي كان عليه الأنبياء والرسل منذ آدم وإلى محمد -صلى الله عليه وعليهم وسلم- لأن جميع الأنبياء والرسل في جميع دياناتهم أصولهم واحدة ومتفقة في العقائد والأخلاق.

تعليق عبر الفيس بوك