الإقرار الجمركي وجريمة غسل الأموال

الحسن بن علي المرهون
اعزائي القراء الكرام ،،،، نتطرق في هذا المقال إلى مسألة في غاية الاهمية، قد يتعرض لها الكثير من المواطنون اوالمقيمون والزائرون على حد سواء ، دون ان يخطر ببال أحدهم أنه من الممكن جدا بأن يكون عرضةَ لإتهامه بجريمة يعاقب عليها القانون ، وقد يفاجئ عندما تكون التهمة التي من الممكن ان توجه إليه هي تهمة "جريمة غسل الاموال وتمويل الارهاب" ،  فلذلك ارى انه من الواجب علينا كمحامين ورجال قانون ، ان نقوم بنشر الوعي القانوني حتى يتم تجنيب من يمكن تجنيبه من الوقوع في شبهة "جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب"والتي من الممكن انتنتهي لا محالة  في حال ثبوتها بعقوبة حبسيه قد تصل لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى وبغرامة مالية لا تزيد عن عشرة آلاف ريال عماني.
لقد ألزم قانون غسل الاموال وتمويل الارهاب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (30/2016) بأن  على كل شخص طبيعي ام اعتباريأن يقر بما لديه من أموال نقدية ام مادية  والتي تبلغ في قيمتها القيمة الحديةالتي اقرتها اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب ، على ان يكون ذلك الإقرار امام سطلة الجمارك قبل مغادرة أراضي السلطنة او عند دخولها وهذا ما نصت عليه المادة (53) تفصيلاً من ذات القانون المشار إليه حيث جاءت بالآتي بيانه:-
(يلتزم كل شخص يدخل أراضي السلطنة او يغادرها، وتكون بحوزته عملات او ادوات مالية قابلة للتداول لحاملها او يرتب لنقلها لداخل السلطنة او خارجها من خلال خدمة بريد او خدمة شحن، بالإقرار عنها لسلطة الجمارك اذا بغلت قيمتها الحد الذي تقرره اللجنة. ويجوز  لسلطة الجمارك ان تطلب من الشخص معلومات إضافية عن مصدرها او الغرض من استخدامها).
مؤدى ذلك ان على كل شخص يدخل أراضي السلطنة  او يغادرها سواء كان ذلك الشخص مواطناً او مقيماً او زائراً  او كان شخصاً اعتبارياً القيام بإبلاغ سطلة الجمارك بما لديه من أموال او عملات  او ادوات مالية قابلة للتداول بالتفصيل الوراد في المادة سالفة البيان، وذلك في حال ما كانت تلك الأموال او العملات او الادوات المالية تزيد في قيمتها عن مبلغ (6000 ر.ع) ستة آلاف ريال عماني وهو الحد القيمي المسموح به حسبما  اقرته اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب بموجب القرار رقم (1/2017) ، وذلك حتى لا يتم الوقوع في شبهة جريمة غسل الأموال وتمويل الارهاب، حيث ان عدم الالتزام بالمادة آنفة الذكر يترتب عليها عقوباتحبسية ومالية بالتفصيل الذي سيرد  في نص المادة (98) من ذات القانون  والتي  جاءت بالآتي:-
(يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن (3) ثلاث سنوات ، وبغرامة لا تزيد عن (10.000 ر.ع) عشرة آلاف ريال عماني، او بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف عمداً او عن إهمال جسيم احكام المادة (53) من هذا القانون، وذلك بتقيدم إفصاح او بيانات او معلومات كاذبة عن العملة او الادوات القابلة للتدوال لصالح حاملها ، او إخفاء وقائع ينبغي الإفصاح عنها ، واذا كان مرتكب المخالفة  شخصاُ إعتبارياً يعاقب بغرامة لا تقل عن (10.000 ر.ع) عشرة آلاف ريال عماني ولا تزيد عن قيمة الاموال محل الجريمة ).
يتبين لنا من مضمون النص سالف الذكر ، لزوم  قيام الشخص سواء اكان هذا الشخص طبيعيا ام شخصاً اعتبارياً بالاقرار بما لديه من اموال او عملات او ادوات مالية قابلة للتداول والادلاء بمعلومات حقيقية صحيحة عنها او عن اي وقائع قد تكون مرتبطة بها بشكل او بآخر ولا يجوز في كل الاحوال إخفاء اية معلومات قد تقوم السلطات بطلبها او بالاستيضاح عنها ، حيث ان عدم الالتزام بذلك يجعل منك عرضة لتكون محل إتهام بإرتكابك لجريمة غسل الاموال وتمويل الارهاب.
الجدير بالذكر في هذا المقال،  ان هذه المواد جاءت ضمن تدابير احترازية معمول بها دولياً في سبيل مكافحة جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب وفقاً لتوصيات دولية صادرة من مجموعة  العمل المالي (FATF) وهذا ما نجده في التوصية رقم (32) الخاصة "بناقلو النقد"  حيث جاءت بالآتي :
"ينبغي أن تكون لدى الدول تدابير مطبقة تمكنها من كشف النقل المادي للعملات والأدوات القابلة للتداول لحاملها عبر الحدود، بما في ذلك من خلال استخدام نظام للإقرار أو نظام للإفصاح أو كلاهما. وينبغي على الدول أن تتأكد من أن لدى السلطات المختصة السلطة القانونية التي تمكنها من وقف أو حجز العملات أو الأدوات المالية القابلة للتداول لحاملها التي يشتبه في ارتباطها بتمويل الإرهاب أو غسل الأموال أو الجرائم الأصلية، أو العملات أو الأدوات المالية القابلة للتداول لحاملها التي يتم الإقرار بها أو الإفصاح عنها بشكل كاذب. كما ينبغي على الدول أن تتأكد من وجود عقوبات َّفعالة ومتناسبة ورادعة لديها للتعامل مع الأشخاص الذين يقومون بالإقرار أو الإفصاح الكاذب عما بحوزتهم لأكثر من مرة. وينبغي على الدول في الحالات التي ترتبط فيها العملات أو الأدوات المالية القابلة للتداول لحاملها بتمويل الإرهاب أو بغسل الأموال أو بجرائم أصلية، أن تتبنى تدابير تمكنها من مصادرة مثل هذه العملات أوالأدوات، بما في ذلك التدابير التشريعية التي تتوافق مع التوصية ٤".
اود أن أشير هنا  بإيجاز إلى ان الاقرار والافصاح هما نظامان معمول بهما دولياً، ويختلف الاول في مفهومة عن الاخر، في ان الاقرار يقوم به المسافر دون ان تقوم سلطة الجمارك  بتوجيه الاسئلة عن قيمة الأموال المنقولة عبر الحدود التي بحوزته اذا كانت تزيد في قيمتها عن القيمة الحدية المسموح بها لدى الدولة المغادر منها او المقصود السفر إليها، وبالطبع تختلف القيمة الحدية من دولة إلى أخرى.  في حال ان الافصاح يكون بعد ان تقوم سلطة الجمارك بتوجيه الأسئلة إلى المسافر عن قيمة الاموال المنقولة عبر الحدود فيصبح لازماً عليه الادلاء بمعلومات صحيحة بما لديه من اموال وقيمتها وكافة الوقائع المرتبطة بها .
عليه فإني اتوجه بهذا المقال ، إلى كل مواطن ومقيم وزائر في حال مغادرة اراضي السلطنة او الدخول إليها او التوجه إلى اي دولة  أخرى،  ان يقوم بأخذ كافة المعلومات عن القيمة الحدية المسموح بها وعن النظام المعمول به لديها والتوجه مباشرة إلى سطلة الجمارك والاقرار او الافصاح حسب النظام المعمول بهبما لديه من اموال التي تبلغ قيمتها الحد المسموح به لدى الدولة المغادر منها او المتوجه إليها.
حفظ الله عمان ارضاً وسلطاناً وشعباً.

alhassan.almarhoon@gmail.com
محام ومستشار قانوني
 

 

تعليق عبر الفيس بوك