مشروعية الزكاة.. "والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"

 

مشروعية الزكاة إجمالا في عهد المكي على الصحيح بدليل الآيات المكية التي نصت على ذلك كقوله تعالى في سورة المزمل: (...وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا...) فهي من أول السور القرآنية نزولا، وما قيل من أنّ هذه الآية مدنية ليس بصحيح لأنّها لو كانت مدنية لما كان هذا الجزء وحده مدنيا ولكانت كلها مدنية مع أن الجزء الأول منها هو ناسخ لما كان مفروضا من قبل في صدر السورة من قيام معظم الليل وهذا مما كان في العهد المكي، فذلك دليل واضح على مكية هذه الآية الكريمة.

ومن أدلة ذلك قوله تعالى في سورة المعارج (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) والسورتان مكيتان وقوله سبحانه وتعالى في سورة المؤمنون وهي مكية (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) وقوله تعالى في سورة فصلت وهي مكية (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة) وما نزل في سورة النساء من قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ..) فإنّ هذه الآية وإن كانت مدنية تحكي حالة كانت في العهد المكي، فإن المؤمنين قيل لهم: كفوا أيديكم في العهد المكي، وعندئذ قيل لهم: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وقد فرض عليهم بعد ما انتقلوا إلى المدينة المنورة والجهاد ولم يؤمروا عندئذ بكف أيديهم، وهذا يعني أن الزكاة كانت مفروضة، وعندما استقرت الأوضاع في المدينة المنورة أنزل الله تعالى تفاصيل أحكام الزكاة. والله أعلم.

 

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

تعليق عبر الفيس بوك