متخصصون: التاريخ العماني كنز من الملاحم والبطولات الجديرة بالتدريس في مؤسسات التعليم

 

مسقط - الرؤية

نظمت المجموعة البحثية للتربية على المواطنة والدراسات الاجتماعية جلسة نقاشية بعنوان "وصل الأحفاد بالجذور.. تدريس التاريخ العماني في مؤسسات التعليم"، وأدار الجلسة الكاتب حميد السعيدي.

وتحدث السعيدي في البداية عن التاريخ الكبير الذي يمتد عبر أزمنة عديدة ويعبر إلى أمكنة مُترامية في الجغرافيا الإنسانية، في سلسلة من المراحل التاريخية التي ربطتها أجيال خلف أجيال لا يمكن أن تنقطع مهما كانت الظروف والتحديات في بناء الحضارة العمانية، فتلك السلسة التاريخية أحكمت ببناء حضاري متنامي كان محركه الإرادة والبناء والتحدي والتفاعل مع الآخرين للمشاركة في تعزيز التقدم الإنساني ولذا زادها ذلك متانة وصلابة. وقال: "لذا يجب أن نقف مع التاريخ لا لكي نلتفت للماضي في وقت تتطلع فيه أمم الأرض إلى المستقبل وإلى غزو الفضاء والكواكب بالعمل والمعرفة ولكن ننظر إليه؛ لأنه هو المخزون الذي يعزز من قوتنا وإرادتنا وفخرنا بإنجازاتنا وإصرارنا على تحقيق المزيد في المستقبل لكي نحافظ على متانة وصلابة السلسلة التاريخية التي يسلمها جيل عماني لآخر". وأوضح السعيدي أن الجلسة تستهدف الوقوف مع وضع التاريخ في مؤسساتنا التعليمية لا لكي نلومها على تقصيرها ولكن لكي نبصرها بأن الوظيفة الحقيقية لمؤسسات التعليم هي بناء الوعي وتعزيز الفخر الوطني من خلال نقل التراث الثقافي وتعزيز الذاكرة التاريخية، مما يجعل أحيالنا تفخر بتاريخها العظيم أينما اتجهت، وترفع سقف السماء عالياً لكي تمتد رؤوسها إلى مستوى أعلى مما تمتد إليه رؤوس الآخرين الذين يتمنون أن يكون لهم النزر اليسير من التاريخ الكبير الذي لدى العمانيين.

وكانت بداية الجلسة بمداخلة مع المكرم الدكتور إسماعيل الأغبري المحاضر بكلية الشريعة الذي أكد على ضرورة تواجد التاريخ العماني في المدرسة العمانية، خاصة أن هناك الكثير من المراحل التاريخية المهمة ينبغي أن يتضمنها كتاب المدرسة، لأن التاريخ مهم في بناء ذاكرة الأمة، فهو البوصلة المحددة لوجه المستقبل، وأداة لتقوية الهوية العمانية، وبين بأن النشء الذي لا يعرف تاريخه؛ فإن شخصيته سوف تكون ضعيفة، لذا يجب على أبناء عمان أن يتعمقوا في فهم التاريخ العماني بكل مراحله التي تعود لأكثر من خمسة ألاف سنة قبل الميلاد؛ وأن تدريس التاريخ من الضرورة بمكان؛ وذلك لكونه يمثل همزة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويمثل النسب التاريخي والعلمي للحضارات. كما أكد أيضًا أن التاريخ العماني غني بالروايات العمانية التي يمكن أن تعلم أبناؤنا القيم والمبادئ والحقوق كقصص بعض الشخصيات التاريخية كالوارث بن كعب، والصلت بن مالك وغيرهم من القادة والشخصيات البارزة في التاريخ العماني، وذكر على أن التاريخ العماني يمتلك العديد من المراحل التاريخية التي يجب أن تكون حاضرة في المدرسة العمانية.

وأكد الدكتور محمد الشعيلي محاضر بالجامعة العربية المفتوحة على أن عُمان من أغنى الدول في الإرث الحضاري، فهي تمتلك تاريخ عظيم تواجد في أقدم قارات العالم آسيا وأفريقيا، وامتدت لمئات السنين، وقد أشار في قوله بأنه إذا كانت هذه الدولة تمتلك كل هذا التاريخ، فإن تاريخها يجب أن يدرس ليس لأبنائها فحسب، وإنما يتجاوز الواقع المحلي والإقليمي إلى العالم أجمع. وذكر أن هناك حقلة مفقودة في التاريخ العماني خاصة ما يتعلق ببعض المراحل التاريخية التي كان لها دور ليس على عمان فقط؛ وإنما كان تأثيرها على العالم في تلك الفترة، وأكد على ضرورة تواجد العديد من المراحل التاريخية خاصة دولة اليعاربة نظراً لأهمية تلك الفترة الزمنية ودورها في نشر السلام في المنطقة؛ وذلك بفضل الإنجازات والاسهامات والأمجاد التي خُلدت ليس في التاريخ العماني فحسب؛ وإنما في تاريخ العرب والخليج بصفة عامة، ولها إنجازات تتجاوز طرد البرتغاليين والأسطول الحربي والتجاري والحياة العمرانية. وناشد بضرورة تسطير منجزات هذه الدولة، وذلك لأنها تستحق أن تفرد لها مساحة في تدريس التاريخ العماني وإعادة أمجادها في مراحل التعليم العام، وهو التعليم الذي ينبغي أن تبنى عليه ثقافة الأجيال وارتباطها بتاريخ عمان. وأكد أن "الحدود الجغرافية لا تلغي التاريخ" فتاريخ عمان ضارب في القدم، مشيرا إلى أن كتاب "عمان عبر التاريخ" الذي أصدرته وزارة الإعلام من الكتب التاريخية المتعمقة في التاريخ العماني ويجب أن يستفاد منه خاصة في التاريخ العماني الذي يدرس في المراحل التدريسية بحيث يتضمن كل الأحداث التاريخية بصورة أكثر تعمقا من الكتب الحالية.

وخرجت الجلسة بالعديد من التوصيات التي يمكن أن تكون لها دور في إعادة تدريس التاريخ في مؤسسات التعليم، وأكد الباحثون على أهمية الاعتماد على الباحثين المختصين في كتابة منهج التاريخ، ومن الأهمية ايجاد كتاب للتاريخ يدرس في كل المراحل الدراسية، بحيث تأخذ كل مرحلة فترة زمنية من التاريخ العماني، بحيث يصل الطالب في نهاية مرحلة التعليم العام إلى تعلم جميع الفترات التاريخية التي كان لها أثر في الحضارة العمانية بصورة أكثر عمقا. كما أقترح الحضور على أهمية تأليف سلسلة قصص وروايات تتحدث عن الشخصيات العمانية التي تركت إرث حضاري، بحيث يكتسب منها الطلبة العديد من القيم والاتجاهات والمبادئ الحقوق، وأقترح الحضور أن مادة التاريخ يجب أن تخرج من إطار الجمود إلى إطار التفكير الناقد والقراءة الفاحصة للتاريخ العماني، واكتساب الطلبة المهارات المتنوعة التي تساعدهم على قراءة التاريخ بما يسهم في تنمية الافتخار الوطني، والتمسك بالهوية العمانية.

 

تعليق عبر الفيس بوك