خبراء "الفينتك" و"البلوكتشين" يبرزون دور التقنيات في قيادة النمو

"منتدى الرؤية الاقتصادي" يوصي بتأسيس مدينة تكنولوجية عمانية لاحتضان الابتكارات وتحويل السلطنة لمركز تصنيع إقليمي

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

◄ البكري: منتدى الرؤية الاقتصادي يدعم تسارع حركة التنمية الشاملة ويعزز دور القطاع الخاص في مسيرة النمو

◄ الطائي: حاجة ماسة لتطبيق أحدث التكنولوجيات لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام

◄ المرشدي: "صندوق الاحتياطي" يضع موجهات رئيسية للقطاعات الاقتصادية المستهدفة بالاستثمار

◄ الزبير: السلطنة تواصل التنمية الاقتصادية بفضل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان

 

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

تصوير/ راشد الكندي

 

 

 

أوصى منتدى الرؤية الاقتصادي في دورته السابعة بعنوان "اقتصاد عمان وتكنولوجيا المستقبل"، بالعمل على تأسيس مدينة عمانية تكنولوجية، تكون بمثابة وادي سيليكون عماني، لاحتضان الأفكار الشابة والمشاريع التكنولوجية الوليدة، فضلاً عن المصانع الكبرى، من مختلف أنحاء العالم، وبما يضمن تحويل السلطنة إلى مركز تصنيع إقليمي رائد، يقدم قيمة حقيقية مضافة لاقتصادنا الواعد، ويوفر فرص العمل للشباب، ويستقطب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.

ورعى معالي الشيخ عبد الله بن ناصر البكري وزير القوى العاملة، صباح أمس أعمال المنتدى، وقال مَعَاليه- في تصريح صحفي- إن الخطى المتسارعة في الابتكارات التكنولوجية أدت إلى تزايد حركة التنمية الاقتصادية الشاملة؛ حيث إنَّ عصر التقنيات يطرح خيارات عديدة لضرورة إعادة تسخير الابتكارات والاختراعات بما يخدم حركة التنمية، وضرورة استفادة قطاع الإنشاءات من التقنيات الحديثة التي تقلل بشكل أساسي الاعتماد على العنصر البشري، ولضمان جعل هذا القطاع أكثر جذباً للقوى العاملة الوطنية في ظل استخدام التقنيات والميكنة الحديثة.

وأشاد معاليه باختيار "مُنتدى الرؤية الاقتصادي" هذا العام عُنوان "اقتصاد عُمان وتكنولوجيا المستقبل"، والذي يعكس جهود اللجنة المنظِّمة لمواكبة التطوَّر المتسارع في عالم التقنية وتكنولوجيا المعلومات، مشيرًا إلى أنَّ الرِّهان اليوم على مُستقبل اقتصادي يقوم على المعرفة والذكاء الاصطناعي، وأنَّ التطور الصناعي القائم على تكنولوجيا المعلومات هو القوة المستقبلية المحرِّكة، والطريق البديل لاستبدال بُنى الاقتصاد الصناعي التقليدي.

وحول ضرورة تكاتف الجهود لرفع قدرات ومهارات القوى العاملة الوطنية جنباً إلى جنب مع رفع كفاءة الخدمات في القطاعين العام والخاص، أكد معالي الشيخ وزير القوى العاملة أنَّ الاهتمام المتنامي بالتقدم والتنمية على مستوى العالم، يقتضي بضرورة الاهتمام على المستوى الوطني بتفعيل المعارف التي تحتاج إليها بلادنا لبناء إمكانات وطنية جديدة ومتجددة، والاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات على أكمل وجه، لتعزيز المسارات التنموية القائمة على تنمية قدرات المواطنين، ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال، ورفع مستوى كفاءة وفاعلية الخدمات، وتعزيز قطاع الأعمال، وصولاً لاقتصاد معلوماتي يُحقق التنمية المُستدامة المنشودة، بوسائل تخفض من الاعتماد على الموارد القابلة للنضوب، وتضمن مُستقبلاً قابلاً للاستدامة.

وشدد معالي الشيخ على أهمية أن يحقق قطاع تكنولوجيا المعلومات ازدهاراً أكبر؛ حيث إنَّ تنامي حجم الإنفاق الحكومي والاستثمار في قطاع تقنية المعلومات رغم بقاء أسعار النفط عند مستوياتٍ منخفضة، يعكس التوجُّه العام للسلطنة، المعزِّز لمزيد من العمليات الإستراتيجية في هذا المجال؛ كضمانة لبقاء قطاع تكنولوجيا المعلومات أكثر ازدهارًا، إضافة لما يبذله القطاع الخاص من جهود ترمي للتحول إلى اقتصاد وطني أكثر ذكاءً وكفاءة.

7 سنوات من الإنجاز

وألقى المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية المشرف العام على المنتدى، كلمة ترحيبية قال فيها إن أعمال منتدى الرؤية الاقتصادي تتواصل للعام السابع على التوالي، بما يضمن تحقيق المزيد من التقدم والإنجاز في مسيرة هذا المحفل الاقتصادي، وما يقدمه من مخرجات تسهم في رفد اقتصادنا الوطني بالأفكار البناءة والرؤى الطموحة. وأضاف أن المنتدى يُناقش سبل تنمية اقتصادنا الوطني عبر التوظيف الأمثل للتكنولوجيا، وأعيننا على المستقبل، الذي نأمل أن نحتل فيه مواقع الريادة الاقتصادية القائمة على أحدث التقنيات وأنجعها.

وتابع الطائي أن مسيرة نهضتنا المباركة شهدت العديد من المتغيرات، توالت خلالها الخطط الخمسية، بأهداف وطموحات، منها ما تحقق ومنها ما يزال جارٍ العمل عليه، وأنه في خضم هذه الخطط، وضعت السلطنة رؤيتها الطموحة لتوظيف التكنولوجيا في خدمة النمو الاقتصادي، وقد تحقق الكثير في هذا الجانب.. واستدرك قائلا: "ونظرا للتسارع الهائل في التكنولوجيات، بالتوازي مع ثورة تقنية تتطور بين اللحظة والأخرى، فإن المسير نحو تحقيق الأهداف لا يزال طويلا، والحاجة لتطبيق أحدث التكنولوجيات تتعاظم، لاسيما التكنولوجيات المالية، المرتبطة بالمصارف وعمليات التداول وسوق الأوراق المالية وغيرها من المجالات ذات الصلة".

وأوضح المشرف العام على المنتدى أن هذا التطور التكنولوجي يقوم في أساسه على الابتكار، تلك الكلمة السحرية القادرة على تحويل الأفكار إلى مشروعات تساعد الإنسان على تطوير منظومة الحياة من حوله. وهذا الابتكار يعتمد بدوره على الاقتصاد القائم على المعرفة، التي تشمل الإبداع والذكاء والمعلومات، وهذه الثلاثية هي التي يتولد عنها الابتكار.

وأكد الطائي أن الاستثمار في المستقبل، يمثل أحد محاور المنتدى الاقتصادي في دورته السابعة، مشيرًا إلى أنّ اللجنة المنظمة اختارت هذا الجانب لتسليط الضوء عليه من منطلق الحرص على استشراف رؤية استثمارية واعدة، قائمة على قاعدة متينة من الأفكار والمشاريع التي من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في اقتصادنا. ومضى قائلاً إن أول ما يتبادر إلى الذهن عندما نذكر الاستثمار في المستقبل، هو الثورة الصناعية الرابعة، وما يصاحبها من تطورات ستغير شكل كوكبنا وطريقة العيش عليه؛ إذ إن هذه الثورة تعتمد في أساسها على إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية، وهما مفهومان يخدمان مسيرة الابتكار، من خلال توليد أفكار إبداعية تتحول إلى مشروعات تعزز مسيرة التنمية وتُعلي من جودة الخدمات المقدمة، فهناك مشاريع رائدة تقوم على توظيف إنترنت الأشياء في خدمة الإنسان، مثل الساعات الذكية القادرة على التفاعل مباشرة مع المستخدم وتقديم النصح والإرشاد له في عدد من المجالات، أو أجهزة الإطفاء التي يمكنها التواصل مباشرة مع الدفاع المدني للإبلاغ عن حريق، دون أدنى تدخل بشري، وحتى في إعداد الوجبات الغذائية، مشددا على أن هذه المستجدات تمثل بلا شك ثورة تكنولوجية متكاملة.

وواصل الطائي حديثه بالقول إنَّ السلطنة تنطلق نحو آفاق تكنولوجية أرحب يتعين على الجهات المعنية القيام بالعديد من الخطوات التي تمهد الطريق لوتيرة عمل أسرع، تستفيد منها السلطنة في إحداث تغيير جذري في بيئة الأعمال، لاسيما وأن البلاد تستهدف مضاعفة حجم الاستثمارات في إطار خطط تنويع مصادر الدخل. وقال إن هذه الإجراءات والخطوات، تتضمن أولاً صياغة استراتيجية تكنولوجية جامعة تكون بمثابة البنية الأساسية للثورة التقنية، على أن تتضمن هذه الاستراتيجية وضع تصور لعمان خلال العقد المقبل، وما هو المستهدف تحقيقه خلال هذه الفترة الزمنية.

وأضاف أن الخطوة الثانية تتمثل في تهيئة سوق العمل لاستقبال التقنيات الجديدة، وبالتالي تعزيز خطط التدريب والتأهيل اللازمة لشبابنا وفتياتنا القائمة على التكنولوجيا، وهذا الجانب ربما يكون الأكثر أهمية بين حزمة خطوات أخرى.. فلا مناص من الاعتماد على الكوادر الوطنية، للانطلاق نحو المستقبل، لكونهم الوقود المحرك لعجلة الإنتاج والتحديث. أما ثالث الخطوات التي نراها ضرورية لتحقيق طموحاتنا، فهي بناء قاعدة بحثية تجمع مختلف الأبحاث المرتبطة بالتقنيات الحديثة وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية، بما يساعد على إنشاء كيان معرفي متخصص يكون مرجعا للباحثين وأصحاب رؤوس الأموال. وزاد إضافة إلى ما سبق أهمية تقديم مختلف وسائل التحفيز والدعم والتشجيع لأبنائنا كي يبدعوا ويبتكروا ويكون لدينا نموذج اقتصادي عماني قائم على المعرفة، وبراءات اختراع تحمل اسم "عُمان".

وأعرب الطائي عن أمله في أن تشهد السلطنة إنشاء "وادي سيليكون عماني"، من خلال بناء مدينة عمانية تكنولوجية، تحتضن الأفكار الشابة والمشاريع التكنولوجية الوليدة، فضلا عن المصانع الكبرى، من مختلف أنحاء العالم، وأن تتحول عمان إلى مركز تصنيع إقليمي رائد، يقدم قيمة حقيقية مضافة لاقتصادنا الواعد، ويوفر فرص العمل للشباب، ويستقطب الاستثمارات الوطنية والأجنبية..

وشدد الطائي على أن عمان قادرة على تحقيق ما تصبو إليه من تطلعات وما يطمح له أبناؤها، لاسيما في ظل توفر الإرادة السياسية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ما نصبوا إليه.

توطين التكنولوجيا

وألقى سعادة عبد السلام بن محمد المرشدي الرئيس التنفيذي لصندوق الاحتياطي العام للدولة الكلمة الرئيسية للمنتدى بعنوان: "تجربة الصندوق في جلب وتوطين التكنولوجيا والاستفادة منها لدعم الاقتصاد في السلطنة"، أكد فيها أن قطاع التكنولوجيا ليس مجرد قطاع واعد لتحقيق أرباح قياسية وثراء للعاملين فيه، وإنما ضرورة ملحة لسد الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة في جميع القطاعات الأخرى؛ كالخدمات والصحة والتعليم والصناعة والأمن والدفاع وغيرها، مما يؤثر على سرعة إنجاز الأعمال وتحفيز الاقتصاد وجلب الاستثمارات وخلق وظائف مجزية، لافتاً إلى أنَّ العامل البشري والتكنولوجيا يحددان مدى التقدم المحتمل تقديمه.

وأضاف المرشدي أن الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة تتسع مع الأسف ولذا أصبح من الضرورة الملحة أن يتم توظيف التكنولوجيا لمساعدة العنصر البشري في سد مثل هذه الفجوة.

وتابع أن الخبراء يتوقعون نمو حجم البيانات خلال السنوات المقبلة، فالبمقارنة بين عامي 2015 وعام 2020 يتضح أن الفارق هائل بين العامين، من حيث حجم البيانات والتقدم غير المسؤول، معرجا على مفهوم "حاسوب الكم" وهي خوارزمية بسيطة تستخدم في تحليل الأرقام إلى مكوناتها الأولية من خلال حاسوب بناءً على أسس فيزياء الكم.

وأبرز المرشدي توجهات الصندوق في الاستثمار، من خلال دراسة الموجهات الرئيسية للقطاعات الاقتصادية خلال السنوات القادمة "Megatrends"، وتحديد المناطق الجغرافية التي تتناسب مع كل قطاع، وربط هذه الاستثمارات بالسلطنة قدر الإمكان، لتحقيق عائد اقتصادي ومالي. ولفت إلى أن هناك 6 موجهات كبرى للاقتصاد تشمل: النماذج الديمغرافية وضرب مثالا بالصين وما تشهده من تغيرات ديمغرافية وفي المقابل تعتمد على تكنولوجيا المستقبل لإدارة النمو السكاني وسوق الوظائف ومن قبله مجالات التعليم. وأشار إلى ظهور الطبقة الوسطى الكادحة التي تستثمر في أبنائها من خلال توفير الأموال اللازمة لهم، لافتاً كذلك إلى أن الموجهات الأخرى تشتمل على التقدم التكنولوجي وتغير القوى الدولية والتحضر، وندرة الموارد الطبيعية.

وأبرز المرشدي مبادرات الصندوق المحلية وذكر منها العمل على تكوين منصات استثمارية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز القطاع الخاص، وتأسيس مؤسسات وطنية تساهم في تطوير قطاعات تدعم الاقتصاد الوطني، وتطوير استثمارات تعتمد على أحدث التقنيات، واستقطاب الشركات العالمية للتوسع من خلال السوق المحلي، والشراكة مع أكبر الشركات العالمية للعمل محلياً، وربط استثمارات الصندوق العالمية الحالية للمساهمة محلياً، وتقديم الاستشارات الاستثمارية للجهات الحكومية، وربط المؤسسات الحكومية بشبكة الصندوق العالمية، وتوفير حلول تمويلية للمؤسسات الحكومية. وانتقل بعدها المرشدي للحديث عن استثمارات الصندوق في مجال التكنولوجيا في الأسواق العامة المدرجة في البورصات العالمية، واستثمارات الصندوق المباشرة في مجال التكنولوجيا من خلال التملك الخاص، واستثمارات الصندوق عبر صناديق استثمارية متخصصة في مجال التكنولوجيا.

ومضى المرشدي في حديثه عن استثمارات الصندوق، وذكر منها شركة "إسكريبانو" وقال إنها شركة هندسية أوروبية بالتعاون مع مركز أبحاث وتطوير (R&D) لتطوير وتصنيع المنتجات الدفاعية والفضائية وتقنيات لصناعات عالية الدقة، مشيرا إلى أن الصندوق مساهم أساسي فيها، وأنه تم الاتفاق على إنشاء مصنع لها في السلطنة من أجل نقل هذه الصناعات بالتدريج إلى بلادنا، وهو ما من شأنه أن يعمل على توفير مشاريع اقتصادية ويحقق أكبر قدر من الاعتماد على الداخل.

وزاد المرشدي قائلاً إنه لأول مرة على هامش ندوة البلوكتشين (سلاسل الكتل) والتي عقدت لأول مرة في نوفمبر 2017، يتم تدشين مبادرتين لتأسيس نادي البلوكتشين وتأسيس شركة تجارية متخصصة في خدمات وتطبيقات البلوكتشين. وأوضح أن النادي يضم في عضويته أكثر من 1000 عضو حتى الآن، مع فروع للطلبة في الجامعات، وقد تم تنظيم أمسيتين علاوة على الإسهام في توظيف مواطنين لدى شركات بلوكتشين عالمية.

تنمية الاقتصاد الوطني

إلى ذلك، قدم خالد بن محمد الزبير رئيس مجلس إدارة شركة أومنفيست ورقة العمل الرئيسية في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، قال فيها: "يسعدني أن أرحب بكم في هذا اللقاء الذي يجمعنا فيه منتدى الرؤية الاقتصادي ونحن نتطلع لأن يكون هذا الحدث المميز واحدا من محطات تواصل الأفكار والتقاء الرؤى في سبيل تعزيز الجهود وتعاظمها نحو تنمية اقتصادنا الوطني في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-. وأبرز الزبير دور الاستثمار والتقنية في النمو الاقتصادي المستدام. وأكد أن السلطنة حققت على مدى نحو 48 سنة من النهضة المباركة خطوات تحولية يشهد لها حاضرنا ويؤكدها منجزات النهضة العمانية الحديثة، وما زلنا نسعى بخطى حثيثة إلى تنمية هذا الوطن مستلهمين توجيهات باني النهضة متطلعين إلى توجيهاته وعنايته أيده الله بما يحقق نماء ورخاء هذا الوطن المبارك. وأوضح أن موقع عمان الاستراتيجي في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية وتطبيقها للسياسات الحديثة وتوفر البيئة المحبة للسلام، يجعل منها مكانًا مثاليًا لإنشاء مرافق تصنيع وإدارة للخدمات اللوجستية الإقليمية وممارسة التجارة الإقليمية الشاملة. وتابع القول: "إننا في عصر يتميز بالاتجاهات الاقتصادية والتقنية ذات المتغيرات السريعة، تقوم الحكومة العمانية بتهيئة السلطنة بحكمة لتحتل موقعا نموذجيا لجذب المستثمرين المحليين والعالميين للمشاركة على نطاق واسع في القطاعات الرئيسية من خلال عدة مبادرات مثل "تنفيذ" لتطوير قطاعات رئيسية مهمة في نمو اقتصادنا الوطني". وبين أنه على الرغم من وضع أسعار النفط غير المستقرة قيودا على الموارد المالية، تمكنت الحكومة من إدارة الوضع وكذلك استطاع القطاع الخاص القيام بمسؤولياته الواجبة عليه، مشيرا إلى أنه على جانب الاستثمار نجحت الحكومة مؤخرا في إكمال العديد من المشاريع الحكومية الرئيسية مثل: مطار مسقط الجديد وحقل خزان للغاز.

وأوضح أن افتتاح مطار مسقط الجديد يمثل إنجازا مميزا وخطوة كبيرة إلى الأمام؛ حيث إن المطار الجديد قادر على استقبال 12 مليون مسافر في السنة، وسوف ترتفع هذه القدرة إلى 24 مليون بعد الانتهاء من المرحلة الثانية ثم 48 مليون بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة، وهو ما من شأنه أن يعمل على تعزيز القطاعات اللوجيستية والسياحية في السلطنة.

وأشار الزبير إلى أن السلطنة حققت تقدما تكنولوجيا في عدد من القطاعات ومجالات العمل، منها نظام التأشيرة الإلكترونية "eVisa" وتقنيات السفر، فضلاً عن الاستثمارات التقنية المتقدمة في قطاع النفط والغاز، وذكر منها الاستثمارات في حقل خزان للغاز والتي تقدر بحوالي 16 مليار دولار.

وقال الزبير إنه في إطار الخدمات المالية المقدمة بالقطاع المصرفي، فإنّ هناك موجة من الابتكار تجتاح جميع أنواع الأعمال التجارية مثل الأعمال المصرفية التجارية والتأمين والتأجير وإدارة الأصول. وبين أن المعاملات الرقمية في وقتنا الحاضر باتت جزءًا لا يتجزأ من أنشطة العملاء اليومية؛ مثل التسوق عبر الإنترنت، والعملات الأجنبية، والاستثمارات في الأسهم، والتحويلات المالية.

وقال إن شركات التقنية المالية سوف تحقق تحولاً في قطاعات الخدمات المالية من خلال اعتماد تقنية كتلة سلسلة المعاملات الرقمية، والمستشار الآلي لإدارة الثروات، ووحدات الذكاء الاصطناعي للتخاطب لخدمة العملاء، والتعلم الآلي لكشف الاحتيال، وقياسات حيوية لأمن أقوى.

وعرج الزبير على الاستثمارات العالمية في شركات التقنيات المالية (Fintech)؛ حيث نمت من خلال رأس المال الاستثماري إلى 27 مليار دولار في عام 2017 زيادة من 3 مليارات دولار فقط في عام 2012م، وسعت معظم شركات التقنيات المالية إلى تقنيات الإقراض وتقنيات الدفعات والضمان، ومنطقة الخليج مستعدة للانضمام لعملية التبني والاستثمار في التقنيات المالية وهذا هو المكان الذي نرى فيه فرصة سانحة اليوم.

وبين الزبير أنّه نظراً للتغيرات المستمرة بهيكل الاقتصاد المحلي والإقليمي والدولي واستيلاء القطاعات القائمة على التقنية على القطاعات التقليدية، فعلى سبيل المثال، تهدف شركات التقنية الأمريكية إلى تغيير قطاعات الخدمات المالية، ولا يوجد مثال أفضل من التغيير الإبداعي الذي تسبب فيه عمالقة التجارة الإلكترونية العالمية مثل أمازون في الولايات المتحدة الأمريكية وعلي بابا في الصين إلى قطاعات تجزئة تقليدية واتجاهات المستهلكين العامة. واليوم، تملك هاتان الشركتان وحدهما قيمة سوقية بمقدار 1.2 تريليون دولار أمريكي - ولديهما إمكانات نمو عالمية قوية - حيث لا يزال اختراق التجارة الإلكترونية منخفضًا عالمياً.

وقدم البروفيسور لوكا ديكارلي خبير التكنولوجيا السويسري، ضيف شرف المنتدى، ورقة عمل حول "الوضع الراهن للابتكارات عالميا وتحديات إدماجها في الاقتصاد".

إلى ذلك قام راعي افتتاح المنتدى بتكريم المشاركين في المنتدى والرعاة والداعمين، فيما قدم المكرم حاتم الطائي هدية تذكارية لراعي المنتدى.

المحور الأول

وانطلق المحور الأول من أعمال المنتدى بعنوان: "عمان تستثمر في المستقبل"، وقدم سعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي الأمين العام لمجلس البحث العلمي ورقة عمل متخصصة حول "البحث العلمي والابتكار"، واستهلها بتأكيدات المقام السامي لجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- على "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجرة"، ومن ثم عرج إلى مؤشرات التنمية في السلطنة؛ حيث تم تحقيق تقدم هائل خلال سنوات النهضة المباركة شملت المجالات كافة.

وسلط الهنائي الضوء على مهام مجلس البحث العلمي، والتي تتضمن تنظيم شؤون البحث العلمي وتشجيعه ودعمه بمختلف الوسائل المادية والمعنوية ويعتبر المرجعية الأساسية في هذا المجال وتؤول إليه مسؤولية التنسيق بين الجهات البحثية، ووضع إستراتيجية علمية وخطة وطنية متكاملة للبحث العلمي ومتابعة تطويرهما، وتحديد أولويات الخطة الوطنية للبحث العلمي، ووضع برنامج أو أكثر لتنفيذ أولويات الخطة الوطنية للبحث العلمي والإشراف على هذا التنفيذ، والإعلان عن الخطط الوطنية للبحث العلمي وأولوياتها بالشكل الذي يوفر الحافز لتطوير البحث العلمي، ودعم الابتكارات الفردية والخطط البحثية حسب أولويات الخطة الوطنية للبحث العلمي، ودعم نشر المؤلفات العلمية القيمة، فضلا عن مناقشة مخصصات البحث العلمي ومقترحات توزيعها على الجهات البحثية تمهيدا لإدراجها في الموازنة العامة للدولة.

تبع ذلك، تقديم المهندس يوسف بن علي الحارثي الرئيس التنفيذي للصندوق العُماني للتكنولوجيا، ورقة عمل حول "فرص تبني الأفكار العمانية المبتكرة واستثمارها"، أبرز من خلالها جهود الصندوق في استثمار وتبني الأفكار والابتكارات الرائدة، وتحويلها إلى فرص عمل.

ومن ثم، قدم الدكتور يوسف بن عبدالله البلوشي رئيس مكتب نقل المعلومات والمعارف والتكنولوجيا بوزارة الخارجية، ورقة عمل بعنوان "خطوات لجعل عمان بوتقة للابتكارات العالمية"، سلط من خلالها الضوء على "التقنيات المغيّرة Disruptive Technology" والتي تشمل: الحوسبة الكمية والبلوكتشين والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والروبوتات المتقدمة وتخزين الطاقة، والطباعة ثلاثية الأبعاد والطاقات المتجددة، والتكنولوجيا القابلة للارتداء وغيرها من التقنيات الحديثة. وأكد أن المكتب يستهدف تعظيم جهود البحث العلمي والابتكار لدعم مسيرة التطور والنمو الاقتصادي.

عقب ذلك، أقيمت جلسة نقاشية شارك فيها سعادة عبد السلام المرشدي الرئيس التنفيذي لصندوق الاحتياطي العام للدولة، وخالد بن محمد الزبير رئيس مجلس إدارة شركة أومنفيست، وسعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي الأمين العام لمجلس البحث العلمي، والدكتور يوسف بن عبدالله البلوشي رئيس مكتب نقل المعلومات والمعارف بوزارة الخارجية، والدكتور يوسف بن علي الحارثي الرئيس التنفيذي للصندوق العماني للتكنولوجيا، وطلال بن سعيد المعمري الرئيس التنفيذي للشركة العمانية للاتصالات، فيما أدار الجلسة عبد الله الشعيلي رئيس تحرير جريدة عمان أوبزيرفر. وشهدت الجلسة مناقشات موسعة حول الآليات الداعمة للاستثمار في المستقبل، من خلال خطط منضبطة تسير وفق جدول زمني تستهدف تعظيم العائد من الاستثمار في التقنيات والطاقات المتجددة، وغيرها من المجالات.

وفي إطار استعراض تجارب من العالم، استضاف المنتدى الدكتور تشي فانج هوانج المدير التنفيذي للمعهد المركزي للبحوث (شركة تاتونج - تايوان)، وذلك لاستعراض التجربة التايوانية.

المحور الثاني

وانطلق المحور الثاني من المنتدى بعنوان "تكنولوجيا المال المستقبلية"، وبدأ بكلمة رئيسية قدمها سعادة طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني؛ حيث سلط الضوء على رؤية البنك المركزي لتكنولوجيا المال "فينتك".

وتضمن المحور ورقة عمل قدمها الدكتور خالد الطحان الرئيس التنفيذي لشركة حلول وخدمات سلاسل الثقة "البلوكتشين"؛ حيث استعرض تجربة الشركة الوليدة والرائدة من نوعها في المنطقة. وشهد هذا المحور جلسة نقاشية أدارها المكرم الدكتور سعيد المحرمي الأستاذ المشارك بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، وشارك فيها سعادة طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني، والدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية، ورشاد بن علي المسافر الرئيس التنفيذي لبنك عمان العربي.

أما المحور الثالث فانطلق بعنوان "تجارب عمان مع أحدث توجهات الاقتصاد العالمي وسبل تبنيها"، واستعرض بعض تجارب السلطنة مع أحدث الابتكارات المواكبة للاقتصاد العالمي. وقدم ستيفن موس المدير التنفيذي لشركة جلاس بوينت ورقة عمل بعنوان "التطبيق العملي للابتكار يصل بـ"مرآة" إلى العالمية"، استعرض خلالها تجربة استخدام الطاقة الشمسية في مجال النفط. فيما قدم طلال حسن المدير القانوني والمالي بالشركة العمانية لتطوير الابتكار ورقة عمل حول "أهمية ودور الشركة في تطوير الابتكار"، أبرز فيها آليات استثمار الشركة في الابتكارات. وأقيمت بعد ذلك جلسة نقاشية شارك فيها ستيفن موس المدير التنفيذي لشركة جلاس بوينت، وطلال حسن المدير القانوني والمالي بالشركة العمانية لتطوير الابتكار، وماجد بن فايل العامري الرئيس التنفيذي لشركة "ثواني"، أول شركة رائدة في مجال استثمار التقنيات المالية، وأدار الجلسة عبد الله الجفيلي مدير عام صندوق تنمية مشروعات الشباب "شراكة".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة