كتاب جديد عن المستشرقات اللاتي أنصفن الإسلام

 

القاهرة - العمانية

يتناول الباحث المصري أحمد أبوزيد في كتابه "الاستشراق النسائي"، دور المرأة في العمل الاستشراقي، وأثره على واقع الحياة الغربية والشرقية على حد سواء.

ويركز الكتاب الصادر عن المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسكو)، على الجهود الاستشراقية لتسع من المستشرقات من أوروبا وأمريكا وروسيا ممن أنصفن الإسلام وحضارته؛ وهي جهود لم تنل من اهتمام الباحثين مثلما نال الاستشراق الذكوري، حيث ضمت الحضارة الغربية المعاصرة نماذج متعددة لنساء تَخصّصن في الاستشراق والدراسات الإسلامية، وتميّزن بالنزاهة والموضوعية في نظرتهن للإسلام وللشرق الإسلامي، والسعي للتعرف على الحضارة الإسلامية وثقافات الشرق الإسلامي وعقائده.

ويقول الباحث إنَّ هؤلاء المستشرقات سجّلن في دراساتهن شهادة إنصاف لهذه الحضارة، حيث ضمت المكتبات العالمية عشرات الكتب التي ألّفنها بعدد كبير من لغات العالم، لتكون دليلاً على عظمة هذا الدين الصالح لكل زمان ومكان.

ويبين أنّ دافعه لقصر كتابه على المستشرقات فقط، يرجع لتركيز الباحثين على الاستشراق الذكوري، وهو بذلك يقترح مصطلحين جديدين في دراسات الاستشراق، بتقسيمه إلى ذكوري ونسائي، دون أن يتطرق لأثر جنس الباحث على جهوده البحثية، وهل النظرة الاستشراقية المنصفة نظرة نسائية بالضرورة، وهل كل المستشرقين الذكور لم يكونوا من المنصفين؟ كذلك فإنّ تناوله لشخصيات المستشرقات خلا من الإشارة للمدارس الاستشراقية المختلفة، وأثرها في توجيه فكر مَن تنتمي إليها، فكأن كل واحدة منهن اختطّت لنفسها طريقاً نابعاً من نظرتها الشخصية دون أثرٍ لبيئة ثقافية وبحثية خرجت منها.

ويوضح أن مدرسة الاستشراق الألمانية تعدّ من أهم مدارس الاستشراق وأغزرها إنتاجاً، وأنها تميزت بالاهتمام العلمي الجاد بالإسلام في وقت مبكر عن سواها من المدارس الاستشراقيّة الأوروبية، وأظهرت جهد المستشرقين الألمان في مجال تحقيق المخطوطات الإسلامية، كما تميزت الباحثات الألمانيات تحديداً بالاهتمام بالدراسات الإسلامية، والقضايا العربية، واهتممن بالجانب الروحي في الإسلام، وكتبن عنه كتباً كثيرة، باعتباره جسراً مهماً يربط الشرق بالغرب، وهناك بعض المستشرقات دافعن عن الإسلام، ورددنَ شبهات المستشرقين السابقين من بني جلدتهن. كما قمن بتصحيح صورة الإسلام لدى المجتمع الغربي.

ويلفت إلى أنه اختار ثلاث مستشرقات؛ أولهن آنا ماري شميل التي وصفها بـ "السفيرة الرفيعة بين الإسلام والغرب"، مؤكدا أنها تعدّ عميدة الاستشراق الألماني، إذ قضت أكثر

من خمسين عاماً من عمرها في الكتابة عن الإسلام فتناولت أبحاثها كثيراً من جوانب الإسلام وعلومه ومعارفه وآدابه، وترجمت كثيرا منها، حيث كانت تجيد اللغة العربية إلى جانب إحدى عشر لغة أخرى، وقد حصلت على ثلاث شهادات دكتوراه، الأولى عام1941، حيث تناولت مكانة علماء الدين في المجتمع المملوكي، والثانية بعنوان "البنية الاجتماعية للطبقة العسكرية في دولة المماليك" وهو ما أهّلها للحصول على درجة الأستاذية وهي في العشرين من عمرها، والثالثة بعنوان "دراسات عن مصطلح الحب الصوفي في التصوف الإسلامي المبكر" وكانت هذه الرسالة بداية لاهتمامها الواسع بالتصوف، مما دفعها لدراسة اللغتين التركية والفارسية، ودرست أشعار محمد إقبال، وترجمت كتابه "الخلود" إلى الألمانية والتركية، ثم أصدرت عنه كتابين بعد ذلك.

ويتحدث الباحث عن زيجريد هونكه التي وصفها بـ "مؤمنة آل فرعون"، حيث يُقال إنها أسلمت في أواخر حياتها، وهي صاحبة الكتاب الشهير "شمس الإسلام تسطع على الغرب"، الذي أصدرته عام 1960، وفيه تقارن حضارة العرب في أوجها بظلام أوروبا وقتها فتقول: "كان إقبال العرب على الكتب واقتنائها، يشبه شغف الناس اليوم باقتناء السيارات وأجهزة التلفزيون، ونمت دور الكتب في كل مكان كما ينمو العشب في الأرض، ففي عام 891، كان عدد دور الكتب العامة في بغداد وحدها أكثر من مائة،

وحوت مكتبة صغيرة كمكتبة النجف في العراق في القرن العاشر 40 ألف مجلد، بينما المكتبة في أديرة الغرب لم تحوِ سوى 12 كتاباً رُبطت بالسلاسل خشية ضياعها".

ويتوقف المؤلف عند جهود البريطانية كارين آرمسترونج المتخصصة في علم الأديان المقارن، والتي ركزت جهودها على إعادة كتابة تاريخ الحروب الصليبية، ففي كتابها " الحرب المقدسة: الحملات الصليبية وأثرها في العالم اليوم" توضح أن هذه الحروب لم تكن سوى محاولة أوروبية للتخلص من الشعور بالدونية تجاه المسلمين الأشد منهم بأساً والأرقى ثقافة. مشيرة إلى أن الصليبيين وظفوا حروبهم في بناء ذات جديدة، وهكذا كانت الحملات الصليبية تعبيراً عن الروح الغربية الجديدة.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك