استشراف المستقبل.. "رؤية عمان 2040"

 

أحمد بن سالم آل إبراهيم

تفعيل الحوكمة أساسي لنجاح "رؤية عمان 2040"، وهذا أمر سائد في كل الرؤى الوطنية؛ لضمان سلامة التنفيذ؛ إذ إن الأمر ليس مجرد تنفيذ الرؤية، بل تنفيذها بنجاح والنجاح يعني تحقيق الرؤية للأهداف التي أطلقت من أجلها في الأساس.

وأخذاً في الاعتبار أن الرؤية هي خطة طويلة المدى، فيكون هناك اعتبارات مهمة للثبات على تحقيق تلك الأهداف، وعدم إهمالها أو إهمال بعضها، فحدوث ذلك كفيل بأن تفقد الرؤية جزءا من نجاحها؛ إذ يجب العمل من أجل بلورتها وصياغتها بإتقان تام ودقة عالية في ضوء توافق مجتمعي واسع، وبمشاركة كافة فئات المجتمع المختلفة؛ بحيث تكون مستوعبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي، ومستشرفة للمستقبل بموضوعية، ليتم الاعتداد بها كدليل ومرجع أساسي لأعمال التخطيط التي استهدفت مرتكزاتها تحديد الفرص المتاحة والاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي، خاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة إلى الموارد المتوافرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل والتوسع في مشاريع التشغيل الذاتي مع التأكيد على أهمية التوزيع المتوازن للتنمية على المحافظات، بما يتناسب وحجم واحتياجات كل محافظة، وتضمنت أهدافها كذلك دعم منشآت وشركات القطاع الخاص الإنتاجية والخدمية، فضلا عن تطوير استغلال موارد السلطنة التقليدية من النفط والغاز، وصولا للتوازن الاستثماري واستدامة النمو والتأكيد على السياسات الاجتماعية والتنمية البشرية.

وهذا بالتأكيد يأتي إيمانا برؤية "عمان 2040"؛ حيث إن الدولة تطمح ليس لتعويض النقص في المداخيل فقط، أو المحافظة على المكتسبات والمنجزات، ولكن التحدي الأكبر هو أن نبنيَ وطناً أكثر ازدهاراً يجد فيه كل مواطن ما يتمناه؛ فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دولا لعالم، بالتعليم والتأهيل، بالفرص التي تتاح للجميع، والخدمات المتطورة، في التوظيف والرعاية الصحيّة والسكن والترفيه.

إنَّ ما ذُكر من تأكيد على أن جوهر التخطيط التنموي هو كونه عملية متواصلة وليس حدثاً منفصلا عن سابقه وغير مرتبط  بلاحقه من الخطط، هو من أهم ما يميز فلسفة هذه الخطة، فواقع الحال يقول إننا لا يمكن أن نبني اقتصادا قويا بأساليب إدارية غير مترابطة بين مكوناتها، فلابد من الترابط الزمني وبين قطاعات الاقتصاد التي تكمل ويؤثر بعضها في بعض للحصول على تناغم وتناسق في مسيرة التنمية والبناء وليس التحدي الأكبر هو إحكام صياغة ووضع إطار عام الإستراتيجيات المهمة لهذه الخطة بقدر ما هو مصداقية وجدية التنفيذ لما أُقر منها.

ونوعية جودة التطبيق ربما توازي أهمية الخطة ذاتها؛ لذا نأمل أن تقوم الجهات المنوط بها التطبيق على متابعة التنفيذ للحصول على النتائج المرجوة.

تعليق عبر الفيس بوك