ندوة ومعرض متخصص لإبراز أدوار ومهام "الوثائق والمحفوظات" في حماية الذاكرة العمانية

...
...
...
...
...
...
...

مسقط - الرؤية

نظمت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية -وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم- صباح أمس، الندوة التعريفية حول الهيئة ودورها في حفظ وصيانة الوثائق؛ خدمةً للبحث العلمي والفكري، والمعرض الوثائقي الذي يجسِّد مسيرة التعليم بالسلطنة، وذلك بديوان عام الوزارة.

رعى افتتاح الندوة سعادة مصطفى بن علي بن عبداللطيف وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية، بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وعدد من المستشارين ومديري العموم والمديرين المختصين من الوزارة والهيئة، وتهدف الندوة للتعريف بأهمية الوثائق، ودورها في تعزيز الجوانب الوطنية والعلمية والثقافية؛ إذ لا يقتصر دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في التوثيق، والتسجيل عند حد معين فحسب، بل تعد الهيئة من أهم المؤسسات التي لها دور في التعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية، فضلاً عن رفد الباحثين والمؤرخين بالوثائق لدعم أبحاثهم الأكاديمية، خدمة للبحث العلمي والفكري.

وقال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني: إن الندوة جاءت بناء على مبادرة من معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم؛ بهدف تعريف المسؤولين والمعلمين والطلاب بأهمية دور الهيئة ومجالات عملها، وإقامة معرض وثائقي يبرز أهمية الوثائق وقيمتها العلمية والتاريخية والحضارية في مختلف مجالات الحياة بما في ذلك الجوانب التعليمية والوطنية؛ وهذا ما يعكسه المعرض الوثائقي، كما أن المعرض الدائم التابع للهيئة ودائرة الاطلاع على الوثائق معلم ثقافي ورمز حاضر على الدوام في المشهد الثقافي ليكون بمثابة المنارة المضيئة الذي يخدم البحث العلمي والفكري، ويُسهم في ترسيخ الذاكرة المحلية وحفظها. توعية الناس بأهمية الحفاظ على الوثائق التي تمثل بدورها الحفاظ على الإرث الحضاري والثقافي والبعد التاريخي العريق لعُمان.

وأضاف سعادته: إن التعاون البناء بين وزارة التربية والتعليم وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية سيدعم بشكل كبير مسيرة المحافظة على إرث الوثائق العُماني، وسيعزز إدراك المواطن العماني بأهمية الذاكرة الوطنية العمانية المتمثلة في الوثائق والمحفوظات بمختلف صنوفها؛ وذلك من خلال الدروس والمحاضرات والفعاليات والملتقيات العلمية والثقافية التي تتناول الوثائق العمانية ودورها في خدمة العلم والمعرفة.

وافتتحت الندوة بكلمة الهيئة قدمها الدكتور جمعة بن خليفة البوسعيدي مدير عام البحث وتداول الوثائق؛ حيث قال: إن الوثائق العمانية لها صيتها الواسع داخليًّا وخارجيًّا بما تحتويه من معارف شتى، كتبت بلغة عربية رصينة، وعالجت مواضيع متعددة، ولم تقتصر على مجال دون غيره. إذ نجدها حوت تفاصيل لحياة الإنسان العُماني في الجوانب الإدارية والعسكرية والفنية والرياضية...وغيرها؛ فعبرت الوثائق المختلفة على عمق الحضارة العمانية.

وقال البوسعيدي: منذ فجر التاريخ، استطاع العماني أن يدوّن مشاهداته ويكتب معارفه وينقل خبراته بدءاً من النقش على الصخور والرسم والكتابة على الحجر، وتطورت كتابة الوثائق مع مرور الأيام ومع ظهور أدوات ومواد الكتابة وأوعية الحفظ، فانتقلت من طور الكتابة على الصخور إلى الكتابة على الورق ، من ثم الكتابة والتوثيق الإلكتروني. وكان العماني يُدرك منذ بداية التوثيق قيمة الوثيقة وأهميتها في حياته ومسيرته الحضارية.

بعد ذلك، تم عرض فيلم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية "ذاكرة وطن"، والذي يحكي نبذة عن الهيئة والتعريف بمجالات عملها، وإنجازاتها، والهدف من إنشائها.

تضمنت أوراق العمل ورقة بعنوان "مفاهيم منظومة المستندات وإدارة الوثائق"، قدمتها ماريا السيابية محللة نظم بالهيئة، تناولت شرح مبادئ ومفاهيم إدارة الوثائق الإلكترونية، والجهود التي تبذلها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية للنهوض بهذا القطاع.

والورقة الثانية قدمها الدكتور عبدالعزيز الخروصي مدير دائرة البحوث والدراسات بالهيئة، بعنوان "التاريخ الشفهي ودوره في حفظ الذاكرة الوطنية"؛ أشار فيها إلى أن الرواية الشفهية مكملة للوثيقة المكتوبة، وهي مصدر علمي بحثي يرفد الذاكرة الوطنية؛ حيث تطرق لانطلاق مشروع التاريخ الشفهي (المروي) الذي تعمل عليه الهيئة، ويمثل جزءاً من الذاكرة الوطنية، كما تناول منهجية عمل مشروع التاريخ الشفهي.

وقدم محمد السليمي رئيس قسم الترميم بالهيئة، الورقة الثالثة تحت عنوان "ترميم الوثائق والمخطوطات"؛ تطرق فيها إلى أهمية الترميم والمشاكل التي تواجه الحفظ، إلى جانب أشهر مدارس في علم الترميم، والترميم في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

واختُتمت الندوة بالورقة الرابعة "الوثائق الخاصة ودور الهيئة في الحفاظ عليها"، قدمها أحمد المحروقي إخصائي وثائق ومحفوظات بالهيئة؛ تطرق فيها إلى قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 60/2007، الذي أفرد فصلاً خاصًّا للوثائق الخاصة التي تهم الصالح العام؛ لما لها من أهمية في الذاكرة الوطنية للبلاد، كما عرف من خلالها بالوثائق الخاصة وهي التي تهم الصالح العام والتي يملكها أو يحوزها الفرد أو العائلة أو القبيلة وتتضمن معلومات أو بيانات تتجاوز نطاق أي منهم ويمكن الاستفادة منها في البحوث والدراسات.

وقام راعي الحفل بافتتاح المعرض المصاحب للندوة، والذي يحتوي على العديد من المخطوطات الثمينة؛ من بينها: مخطوط ديوان السلطان سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني المتوفى عام 910هـ-1505م، ويتناول قصائد شعرية مختلفة مرتبة بحسب الحروف الأبجدية، ومخطوط بعنوان "المقالتين في الطب" تأليف الشيخ راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف بن هاشم الرستاقي المتوفى في العام 1019هـ-1610م، والمخطوط عبارة عن موسوعة طبية لوصف بعض الأمراض وكيفية علاجها، إضافة لمخطوط بعنوان كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة تأليف العلامة سرحان بن سعيد الأزكوي من علماء القرن الحادي عشر الهجري، والمخطوط يحتوي على القصص والأخبار التي وقعت منذ بداية عصر الجاهلية مرورا بعصر النبوة والخلافة الراشدة وعصر الدولة الأموية، كما يتناول الأخبار والأحداث التي وقعت في عُمان حتى نهاية دولة اليعاربة.

كما تضمن المعرض مجموعة من الصور والوثائق القيِّمة التي تحكي مسيرة وحضارة السلطنة، خاصة في مجال التربية والتعليم؛ ومنها: صورة توضح حفل افتتاح السلطان سعيد بن تيمور للمدرسة السعيدية بمسقط عام 1940م. وأخرى توضح رحلة لتلاميذ المدرسة السعيدية بصحبة السيد كامل بن محمود 1945م، إضافة إلى صورة تذكارية لأول مجموعة من التلاميذ العمانيين المبتعثين للدراسة في العراق 1936-1940م، وصورة لكشافة المدرسة السعيدية بمسقط خلال حفل استقبال السلطان سعيد بن تيمور أثناء عودته إلى مسقط 1958م، وصورة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وهو يوضح معلومة للطلاب في إحدى المدارس العُمانية، تعكس حرص جلالته على تفقد سير العملية التعليمة بنفسه 1974م، وحوار صحفي مدعم بالصور مع السيد فيصل بن علي وزير التربية والتعليم آنذاك؛ بمناسبة توقيع اتفاقية ثقافية بين عُمان ومصر، تحدث فيه عن مظاهر الاهتمام السامي بقطاع التعليم في السلطنة 1974م، ويعرض بالمعرض الوثائقي رسالة من فون بسمارك -المستشار الألماني- إلى السلطان خليفة ابن سعيد -سلطان زنجبار- يُعلمه باستقبال سفرائه إلى برلين سعود بن حمد ومحمد بن سليمان، ويبلغه برغبة القيصر الألماني بتقوية العلاقات بين الجانبين 1889م...وغيرها الكثير من الوثائق والصور التي تحكي اهتمام عمان بالتربية والتعليم، وعرضت وثائق تتحدث عن جوانب من العلاقات العمانية مع عدد من دول العالم.

تعليق عبر الفيس بوك