الوالدان.. خواطر وكلمات

 

حسان ملكاوي

 

كلمات جالت في الخاطر اكتبها في هذا اليوم من أيام الربيع الجميل حيث يصادف وتحتفل الكثير من الدول بعيد الأم رغم اختلاف تاريخه بين بعض الدول، ولأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها والقاعدة الشرعية تقول الأصل في الأشياء الحل والإباحة ما لم يرد دليل التحريم؛ ومن هنا أردت الكتابة عن الوالدين من باب الرمزية لا أكثر، ولأننا نؤمن أنّ أيام السنة وأيام العمر كلها حتى لو تضاعفت لا تكفي لرد الجميل أو الاحتفال بهم وأن مدحهم أو وصف جمالهم ليس بأمر جليل لأنّ البحر لا يحتاج ولا يزيد من قطرة.

 الأم والأب كلمات من حروف لا تتعدى أصابع اليد لكنها شكلت عالما بأكمله ورمزية لا مثيل لها ومثالا في العطف والحنان والمودة والشموخ والكبرياء والارتقاء والعز والكرامة وكل معنى جميل.

كلمات أجمعت عليها كل الشرائع والأديان.. كلمات كرمها القرآن والإسلام والرسول الأعظم؛ حيث قال تعالى

    (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيّاه وبالولدين إحسانا) وقال تعالى: (وقل ربي ارحمها كما ربياني صغيرا) وقال صلى الله عليه وسلم: (الجنة تحت أقدام الأمهات) وأيضا قال سلام ربي عليه (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك).

الأم والأب كلمات تغنى بها الشعراء وصدح بها الأدباء وأوصانا بها الأئمة والخلفاء حيث قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

اطع الإله كما أمر واملأ فؤادك بالحذر

واطع أباك فإنه رباك من عهد الصغر

وقال الشاعر أبو العلاء المعري:

العيش ماض فأكرم والديك به والأم أولى بإكرام وإحسانا

وحسبها الحمل والإرضاع تدمنه أمران بالفضل نالا كل إنسان.

نعم إنّ الأمومة أعظم هبة خصّ بها المولى النساء، وقلب الوالدين النابض بالحنان شكل أرق لحن وأعزف نغم والوالدين مثل الوطن إن جاد أو جف وإن ثقل الحمل أو خف يبقى الوطن له أن يعطي وأن يحرم.

والأم والأب هما أساس وجودنا وهما من غرسا القيم والأخلاق في نفوسنا. هما المثال الأسمى والأصدق في التفاني والتضحية والعطاء، سهرا وضحيا وتعبا لأجلنا.. شمعتان احترقتا لتنيرا دروب الآخرين.. مثال في فلسفة العطاء والإيثار عنوان للمجد والارتقاء.. فهما من يعطيان ويجودان دون منٍّ فلا قلم أجاد فن الكتابة بحقهما ولا شعرا استطاع وصفهما ولا نثرا استطاع التعبير عنهما.

نعم الأم والأب هما نسائم الأمل وعبق الحنان والريحان ومسك الحياة وعطرها وزهرة الحب والوفاء، هما أول مدرسة وجامعة في إعداد الأجيال وقصة الكفاح والبطولة والتضحية والعطاء ومن فضل المولى أن يمن على الأردنيين وكل والعرب بأن يحتفلوا في نفس اليوم بذكرى معركة الكرامة الخالدة؛ يوم هزيمة لا تنسى لجيش الاحتلال ليسطر جيشنا العربي الأردني أقوى البطولات وأكبر التضحيات في الدفاع عن الوطن والأمة والعروبة.. نعم يوم الكرامة التي تربينا عليها ورضعنا الكرامة والشموخ والنخوة والفزعة والشهامة مع حليبنا.

وأخيرًا تتزاحم العبارات ويتلعثم اللسان ويعجز العقل والقلب عن الوصف والتعبير، وستبقى أمي لا تقدر بثمن وأبي من لا يكرره الزمن، ولا شيء بعد الأم والأب من نعيم يذكر، ولأنهما فوق مستوى الكلام فإنني اخترت السكوت والسلام، ولأن الأم والأب يبقيان على مر الأزمان أصحاب الفضل والإحسان فإنني ادعو لهما جميعًا بالصحة والعافية والسعادة والعمر المديد والشفاء لكل مريض، وأترحم على كل أم وأب فارقا الحياة ورحلا عنا ادعو لهما بالرحمة وفسيح الجنان.

تعليق عبر الفيس بوك