هل يكفيكِ أن أحبَّكِ


وديع أزمانو – المغرب


يحدثُ، أن أتركَ السرير
ليلا،
وأخرج إلى الشارعِ
كسمكةٍ تخرجُ من المياهِ الدافئةِ
لتعلقَ في شصٍّ من فضَّةِ بناتِ الليل
يحدثُ، أن أشربَ برميلا من النبيذِ
ولا أثمل، إلا في دمعةٍ تزهرُ في مُقلةِ طفلٍ
تمسحُ عن أحذيةٍ
غُبارَ ما جنينا على الطريق.
جِمارٌ هذي الحصى
تتقدُّ في القدمِ الحافيةِ لمتشرِّدٍ ، يخلعُ النَّعلَ
ويصفعُ وجه العالمِ
شطئانٌ من طحالبَ هذي الشوارعُ
تتنفَّسُ في رئةٍ مشقوقةٍ من ملحٍ صخريٍّ
وتمنحُ للحقولِ، إرثها العقيم
بركٌ من الدمعِ هذي السَّاحاتُ،
وآسنٌ حزننا المعتَّقُ
صحاري هي الحدائقُ العامةُ
ومكرورةٌ أغنياتنا في أعشاشِ العصافير.
لو رأيتِ يا عائشة، ورطتي
لشربتِ السُّمَّ بدلَ الأعشابِ، لأسقطَ دما في دمي
لو رأيتِ الأحجار مُقنطرةً فوق قلبي
لانتفضت بطنكِ زلازلًا، بدلَ ركلاتي الرحيمة
لو رأيتِ الأصفر في عيني
لكفرتِ بالولادةِ
وأهديتِ القبائلِ، بهجةَ المناحات
كأسي مترعةٌ
وشفتاي مزبدتانِ بضخامةِ البابِ، وأصابعي تسقطُ
عندَ أول نافذةٍ، تنفتحُ كذراعِ العاشقةِ في طراوةِ الجُرحِ
هل يحقُّ لي عائشةُ، بعد هذي السنواتِ
أن أولدَ في خيبةٍ أخرى كأشعارِ المبتدئين
ما زلتُ مبتدئا
أرتدي معطفَ الحروبِ، لأنجو من قنابلَ ماطرةٍ
وأفتحُ وجهي في مرآةِ الصباحِ
لأرى الأمسَ مغمضَ العينين
أعمشٌ حاضري
حيثُ البلادُ تبتدئُ من ولادةِ ملكٍ
وتنتهي في الهتاف
أعمشٌ تاريخي، يشرقُ من سيفٍ
ويغيبُ في رصاصةٍ
هل قلتُ يا عائشةُ، و أنا بين الكأسِ والموسيقى
إنَّ قيلولتي تنعطفُ لصدركِ
كي تشربَ حليبَ البدايةِ
هل قلتُ إنّ حليبكِ أسودَ، لم يورِّثني غير انحراقِ الأعمدة
هل قلتُ إني ميِّتٌ، يومَ خرجتُ منكِ دون صرخةٍ، دون أهدابٍ،
لأحتمي من شهقةِ الرِّيحِ
عائشة، ورصاصةُ الرحمةِ أخطأتني مرارا، الزرقةُ مكتوبةٌ في شفاهِ الراحلين، المسافةُ تنكسرُ في زجاجةِ النبيذ، القطارُ يعبرني بلا سكّةٍ، و المحطّاتُ فارغةٌ
هل يكفيكِ أن أحبَّكِ
أنا الذي خرجَ من بطنكِ،
جثَّةً مُشوهَّة
وهتفَ باسمكِ في خرابِ الوجود!

 

تعليق عبر الفيس بوك