إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ


طارق الصابري – سلطنة عُمان


حكاية نعيشها بشوارع الوطن العربي وهي ليست شبيهة بقصة سيدنا يوسف عليه السلام، ولكن العبرة منها عند الاتحاد قوة وعند الانفراد ضعف وتحسّر، هكذا أصبح الشارع العربي ضعيفاً فالأخ بات يقتل أخاه والجار يلحق الأذى بجاره، ولا يعلم بأن الأدوار تتشابه فلاعب الشطرنج لا يغير تقنيته لأنه غالبا دائما يفوز بها.
ما أحوجك اليوم لأخيك وجارك عن غريب يتودد ويتقرّب إليك هادفاً استغلال غبائك وخوفك وضعفك، أليس من العار أن تتحامى بغير الله - عز وجل - وأنت من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.
ألم تكن من سُنة محمدٍ وخُلقه في قوله: "خيرهم من يبدأ بالسلام"؟، فكيف سولت لك نفسك بأن تقطعهم ثلاثا ولا تكلم أخيك وجارك.
ألم تكن من سُنة محمدٍ وخُلقه في "إماطة الأذى"؟، فكيف سولت لك نفسُك وأنت من أمته أن تزيد الأذى على أخيك وجارك؟
ألم تكن من سُنة محمدٍ وخُلقه في "الأقربون أولى بالمعروف" ، فكيف سولت لك نفسُك وأنت من أمته أن تحرم أخيك وجارك؟
يتشبه لي أن في زماننا كل مكروه ومطرود وكل فقير وصاحب ضمير وكل ذي خُلق وذي قلب نظيف هُم (محمد عليه الصلاة والسلام)، وبالمقابل يتشبّه لي بأن كل طاغ وظالم وكل حاسد وحاقد وكل غني ومتفاخر وكل ذي سيئة وقلب ضعيف هُم (أبو جهل وأبو لهب) غضب الله عليهم إلى يوم الدين).
إلى الآن نمتثل بخُلقه ونسير على نهجه وأنتم تسيرون بجهالة على نهج الأوليين، إلى الآن  نحن أمة خيّرة وأنتم ظالمون حتى تشخصُ أبصاركم يوما، إلى الآن نحن نتقي الله في أنفسنا وفيمن حولنا لذلك جعل الله لنا مخرجاً برحمته لنا ولمن معنا.

وأسألك مرة أخرى ..
أأنت منهم.. أأنت في تعداد تلك الأمة الخيّره التي قال عنها رسول الله: أمتي ثم أمتي وهم خير أمة أخرجت للناس؟
أأنت منهم.. أأنت في تعداد تلك الأمة المشفّعة التي قال عنها رسول الله شفاعتي ثم شفاعتي لأمتي يوم القيامة؟
أأنت منهم.. أأنت في تعداد تلك الأمة التي قال عنها رسول الله سبعة يُظلهم الله في ظِله يوم لا ظِل إلا ظِله؟

وأقول لك مرة أخرى:

لَا تَظْلِمَـنَّ إذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا
فَالظُّلْمُ تَرْجِعُ عُقْبَاهُ إلَى النَّـدَمِ
تَـنَامُ عَيْـنَاك وَالْمَظْلُـومُ مُنْتَبِهٌ
يَدْعُو عَلَيْك وَعَـيْنُ اللَّهِ لَمْ تَنِمِ
أمة تلاشت بسبب الأحقاد والأحساد من حولها، أمة ضعفت أمام الدنيا وتجاهلت الآخرة، أمة استقوت على الضعيف وتناست القوي الجبار، أمة غفلت عن الكثير ورب العباد يقول: "ولا تحسبن الله غافلا " و " ﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَومٌ﴾.
الشارع العربي أصبح غربيًا في لغتنا والفارق نقطة، والشارع العربي أصبح غربيًا في ديننا وعلمنا، الشارع العربي أصبح غربيا تلتف حوله الأغربة، الشارع العربي أصبح غربيًا في الطرح والفكره ، الشارع العربي أصبح غربيًا واستحلّ الدماء ونثرها.
الواقع يستدعي قول الملائكة خالقها: "قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء" حكمة الله غالبة على كل شي، لكن سؤالي لكم أيتها الأمة الظالمة والفاسدة والسافكة للدماء والمستبيحة للأعراض والحاقدة على بعضها البعض والطامعة في ملذات الدنيا وقرابينها.
أيها الناس: هل أنتم من تلك الأمة الفاسدة والسافكة للدماء التي خلقها الله قبل آدم وعرفها الملائكة من قبل؟ أم أنتم من تلك الأطيان التي خلطها الله من الأرضين السبع وخلق بها آدم وعصمه من النفس الفاسدة!

أكتفي بــ إلى أولي الأمر في المنزل والشارع والعمل والمدرسة وفي كل الأرجاء..
آمنتم بما (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)؟ وإن كان سيبقى الحال هكذا فاعلموا ما نعلمه عنكم، وأن ما نراه في الشارع العربي لا يمتّ بصلة إلى دين الله وشرعه الذي لم تتبعوه ولم تعملوا به ولم تتخذوه دستورا لمعيشة كريمة هانئة فيما بينكم، واتقوا الله في أنفسكم أولا وفي رعيتكم ثانيا وفي جيرانكم ثالثا وتذكروا قوله تعالى:  "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ"

 

تعليق عبر الفيس بوك