عيون الزعتر تفيض دمعًا.. وداعًا ريم البنا

...
...
...
...

إيهاب القسطاوى - فلسطين


«ساهرب خلسة بين الورد المسجى فى الصندوق، وأترك الجنازة، وخراريف العزاء عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام ومراقبة الأخريات الداخلات والروائح المحتقنة، وسأجري كغزالة إلى بيتى، سأطهو وجبة عشاء طيبة، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وأنتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول هذة الحياة جميلة، والموت كالتاريخ فصل مزيف"،،، كانت هذه العبارة آخر ما كتبته ريم البنا، قبل أن تمر روحها الطاهرة بين الغيوم بدون أجنحة، حتى تنتهي الحرب، لكننى على ثقة من عودتها إلينا.. وحين نسألها محتارين : "أين كُنتِ" ، ستقول مرحة: " كنت ألعب مع الغيوم"
ولأن "ريم" فراشة ، ومتى كان عمر الجناح قصيرًا؟، لكنه كان جناحًا صارخًا سارحًا بفضاء مجرة ذكريات بدايتها نهاية ممتدة بحبل طويل من الآهات، ولأن "ريتا" فراشة ، فلم تكن إلا جناح نبع من قلب حلم رعد من عين إحدى الغيمات، وسرى زخات اشتياق روت ظمأ رعشة جارحة فى وريد دمعة سارحة انتفضت من مضجع الأحزان، ولأن "ريم " فراشة، فلم يكن جناحها إلا نبضا نازفا من قلب الوريد، ولأن "ريتا" فراشة، كان جرحها نبضا قائما في الألم، حنينا يحاور الاشتياق بعمق، حزنا نائما في ينبوع الدموع.. لا شيء في هواك، يستحق النسيان... "ريم": الفقد ثقيل.
 وافت المنية الفنانة الفلسطينية الملتزمة ريم البنا فجر اليوم السبت الموافق 24 مارس/آذار،  في العاصمة الألمانية برلين، بعد صراع طويل مع المرض، امتد إلى أكثرمن تسع سنوات،  حيث أصيبت بمرض السرطان عام 2009، وما لبثت أن  تعافت منه، حتى أصيبت به مرة ثانية عام 2015، مسببًا لها شللًا في الوتر الصوتي الأيسر، مما اضطرها إلى التوقف عن الغناء عام 2009م.
وتنحدر الفنانة الفلسطنية ريم البنا ابنة مدينة الناصرة من أسرة مثقفة، فهى ابنة الشاعرة الفلسطينية زهيرة الصباغ. ولكن قاد ريم البنا اهتمامها بالموسيقى والغناء إلى التحاقها بالمعهد العالي للموسيقى في موسكو، وتخرجت عام 1991 بعد 6 سنوات أكاديمية درست خلالها الغناء الحديث وقيادة المجموعات الموسيقية.
لم تحد بوصلة "البنا" يوما عن الوطن، وبدأت في نسج قصائد تبحث عن هموم الوطن وآلامهم، فباتت أغانيها متنفسا لملايين المقهورين والفقراء والمسحوقين، بل إنه ساهمت في صقل شخصية الفلسطينى الثائر الرافض للظلم والاستبداد.   ولريم البنا عشرة ألبومات أشهرها “جفرا” و”مواسم البنفسج” و”نوّار نيسان” و”مرايا الروح” الذي أهدته للأسرى في السجون الصهيونية. وفي عام 2016 اختارت وزارة الثقافة الفلسطينية ريم البنا شخصية العام الثقافية، وكانت قد فازت بجائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2013، وحصلت على لقب سفيرة السلام في إيطاليا عام 1994، وفي عام 2000 فازت بجائزة فلسطين للغناء.
وقد نعتها والدتها الشاعرة زهيرة الصباغ عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، قائلة : "رحلت غزالتي البيضاء، خلعت عنها ثوب السقام، ورحلت، لكنها تركت لنا ابتسامتها، تضيء وجهها الجميل، تبدد حلكة الفراق"
وفى النهاية يا ريم .. كنت آمل أن يكون الوداع ساعة...، كنت آمل أن ترحل الفراشات يوم أكون بعيدا، كنت آمل أن تغادرنا الأحباء يوم أكون على سفر، كنت آمل كثيراً، لأن العين الدامعة تبكينى، وكم من شئ، أريد منه أن أتدارى، لكن، لا مفر من الدموع».

تعليق عبر الفيس بوك