التوافق والاختلاف في المجالس البرلمانية


حمود بن علي الطوقي

ما حدث بالأمس وعلى مدى اليومين الماضيين من تقديم سعادة الأخ العزيز أحمد بن سيف بن خالد البرواني عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إبراء استقالته من المجلس عبر حسابه في تويتر يمثل سابقة جديدة في تاريخ المجلس، وقد اُستقبلت هذه الاستقالة - رغم أنّها اعتبرت غير رسمية حيث إنّ النظام الأساسي للمجلس أعطى المجلس الصلاحية في قبول أو رفض الاستقالة، ويجب أن تمر عبر قنوات للبت فيها - بالتجاذب وفتح باب للتحاور والنقاش من قبل النشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي.
اعتبر البعض قرار الاستقالة بحد ذاته قرارا شجاعا حيث لم يحدث أن قدّم عضو منتخب استقالته بهذه الطريقة مما أثارت تأويلات وأطروحات فتحت حسب وجهة نظري آفاقا رحبة عن وعي المجتمع، وأنّه متابع لما يدور تحت القبّة البرلمانية من نقاشات تتم بين أصحاب السعادة أعضاء المجلس وأصحاب المعالي الوزراء الذي يأتون المجلس بغرض استجوابهم عن الخدمات التي تقدم للمواطنين عبر وزاراتهم الخدمية.
تابعت كغيري ما تمّ تداوله من قرار الاستقالة، وأشعل شبكات التواصل؛ ويبدو أنّ المقطع المسرب الذي صوّر سعادة أحمد البرواني من غير علمه وانتشر بشكل واسع هُو مربط الفرس، حيث قُرِنت الاستقالة بهذا المقطع الذي ظهر فيه وهو في حالة غضب واحتجاج على أمر ما؛ تمّ بعد ذلك تفسيره برفضه تأخير إرسال بيان معالي وزير التنمية الاجتماعية للمجلس؛ حيث من المفترض أن يصل البيان قبل أسبوعين على أقل تقدير، لمنح أعضاء المجلس الوقت الكافي لدراسته وقراءته بعناية حتى تتم مناقشة الضيف بدراية وقناعة.
ظاهرة التجاذب بين أعضاء المجلس واختلاف وجهات النظر في اعتقادي ظاهرة صحية تعكس وعي أعضاء المجلس في التحاور من أجل المصلحة العامة، وقد أظهر المقطع المُسرّب أنّ العضو كان يعترض على أمر يتعلق بتحقيق المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية.
تحدث في أروقة البرلمانات التوافقات والاختلافات بين الأعضاء؛ وهذا نابع عن التمسّك بالرأي ومناقشة الرأي الآخر؛ بما يعود بالنفع العام وهو ما يسعى الجميع لتحقيقه بغض النظر عن علو بعض الأصوات أثناء النقاشات التي تدور بين أروقة القبة البرلمانية.
إذا أردنا أن نُشخَّص الظاهرة التي تمّ تناقلها بتسريب المقطع فيمكن القول إنّه لا يمكن أن يكون هناك توافق تام في الآراء والطروحات والمناقشات؛ إذ لا بد أن يحدث احتدام بين الأعضاء أثناء مناقشة الضيف، وقد ترتفع الأصوات ولكن الجميع هنا على قناعة تامة بأنّ المصلحة العامة هي ما جمعتهم تحت قبة المجلس.
الذي أثلج صدري كمتابع لما يحدث في المجلس أنّ المجتمع أصبح ناضجا، ويتابع بعناية فائقة ما يتم تداوله في المجلس، ولديه القدرة والقنوات أن يوصل رسائل واضحة للمجتمع وللحكومة، ومن حقه كمواطن أن يستخدم أدوات التقييم للأعضاء ويحاسب العضو المقصر، ويمتدح العضو المتمكن، ويتابع مداخلات هذا العضو، ويفضل ذلك العضو الذي يناقش بلغة الأرقام على الآخر، ويُسجل إعجابه تارة وناقدًا تارة أخرى؛ وهذا فعلا ما يحدث أثناء متابعتنا وسؤالنا لأصحاب السعادة أعضاء المجلس.
يبقى أن نعبر عن استيائنا لتسريب المقطع وهذا شيء مخجل أن يتم تصوير مداخلات وتسريب المقاطع التي تظهر الخلافات ولكن أعود وأقول إنّ ما تمّ تداوله عن استقالة عضو مجلس الشورى واحتجاجه على ما يحدث بصوت مرتفع وتبعه انسحاب مجموعة من الأعضاء هي ظاهرة صحية بكل ما تعنيه الكلمة؛ فالتوافق والاختلاف جزء من لغة الحوار البناء.