في الاحتفال باليوم العالمي للشعر في 21 آذار (مارس):

إلى أصدقاء غادة سعيد


الأسمر زوج غادة المجنونة – إسبــانــيا


هي الآن تحت المراقبة الطبية الصارمة، بعد أن أعلن الطاقم الطبي المشرف: نجاح العملية.. لكن هم يحتاجون لوقت حتى يتأكدوا من استجابة جسدها للعضو الجديد المزورع..
عبر الزجاج الواقي للغرفة، أرسلت تحية من يدها، وإشارة حياة جديدة تؤكد لي من خلالها:
إن لها سبعة أرواح كالقطة..
//
إلى غادتي ومجنونتي..
هل تعلمين حبيبتي، أن غيابكِ عني طيلة اليومين الماضيين، جعلوا مني شخصا آخر، أكثر عدوانية..!
هل تعلمين أنني صرخت في وجه الكل، خاصة أختكِ حين غيرت ملاءات فراشكِ، وجمعت كل ملابسكِ، بدعوى تنظيفها، قبل مجيئكِ إلى الغرفة ثانية.. وهي بذلك حرمتني، دون قصدٍ من شم رائحتكِ وعطركِ المدمن عليه..
هل تعلمين أن من صبَّرني وساندني في غيابك هو حذاؤكِ المركون أسفل السرير: حضنتهُ. أشمّهُ. وأيّ رائحةٍ زكيةٍ متأتيةٍ منهُ..
تخيّلتُ نعومة أصابعكِ وقدميكِ. أتحسس جلد الحذاء. أُمررُ أصابعي الخشنة على الكعب العالي. أسمع هسيس نقرات صوته وصورتكِ الواقفة الشامخة كجبل "قاسيون"، وأنتِ تختالين وسط صحراء قلبي العاشق حد الغرق بكِ.
ألتقط صدى طقطقة رقصات جمعتنا منذ قدم التاريخ على حلبات حياة تشاركنا فيه المُرّ والحلو..
وكان حذاؤكِ نِعمَ أنيس وونيس خفَّفَ عليَّ ارتباكي وتوتري وقلقي..
حذاء رغم قدمه، أشبعتُ به حواسّي.. ثم أحضنهُ فأقبلهُ..
أعرف أنكِ، حين ستقرأين هاته الكلمات، ستقولين في قرارة نفسكِ:
- تُرى من فينا المجنون الآن.. أيها المجنون العنيد..!
أمام فوهة عيونكِ الضاحكة في صورتكِ المخبأة في حافظة نقودي، وسماء روحي مبللة بقطرات شوق عجاج وعجاف، وجوفي يمور و ينِزُّ حروفًا ساخنة، باتت تصرخ كبركان هائج على مصيركِ وعويل الشوق يُدمي قلبي.. كان:
الليل يعريني من خذلانك ومن ضلالي وضعفي... الشيء الوحيد الذي كنتُ في أمسِّ الحاجة إليه لأشبع حنيني هو: أنتِ...
لمسة واحدة على شعري الأشيب.. كانت تكفيني لأعود لطبيعتي..
لا أعرف صدقا، حبيبتي:
هل كنتُ أدرك الأماني التي كانت بدونكِ؟
هل كنتُ أشعر بألم المخاض الذي ينجبكِ في ذاكرتي؟
هل كنتُ أعلم أن ألم المخاض يشبه سكرة من سكرات الموت؟
هل كنتُ أشعر برغبات المهموميين في المكوث أكثر برحم الأمهات؟
هل ... هل..
كنتُ أودُّ البقاء في رحم أيامك... فقط...
أن أبقى مكورا كالطفل بين ذراعيكِ، وأنتِ تُنشدين لي أغنية بكل لغات الحب...
كنت - و ما زلت - أريد سماع صوتك يدندن لي:
ماما.. زمانها جاية ..جاية..
وجايبة معها لعب وحاجات..
///
لأقاطعكِ بمقطع آخر:
جبار حبك ولكنك علي غالي
وقلبي على حبك الجبار وصيته
يا أول غلا في خفوقي وآخر آمالي
من قلبك الحب والإخلاص حسيته
مرت شهور بغيابك وانت في بالي
اشتاق اشوفك وبعدك ما تمنيته
غبتك ياروح روحي عذبت حالي
عانيت جرح الغلا والشوق قاسيته
ماهمني قول عذالك وعذالي
ولا الزمن لانوى الفرقى تحديته
العمر دونك حبيبي كيف يحلى لي

 

تعليق عبر الفيس بوك