"موديز" تعزو الخطوة إلى إبقاء الحكومة على أجور ومزايا الموظفين

خبراء: خفض تصنيف السلطنة "مفاجئ".. ورفع "المركزي" لأسعار الفائدة يعزز السيولة

 

◄ القرار لا يشمل رفع الفائدة على القروض الشخصية عند 6%

◄ رفع سعر الفائدة على الإيداع يضمن بقاء السيولة في السلطنة وجذب أموال من الخارج

◄ احتمال تحريك البنوك لسعر الفائدة على القروض التجارية

الرؤية- نجلاء عبدالعال

أكّد خبراء اقتصاديون أنّ قرار مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني بتخفيض التصنيف طويل الأجل وتصنيفات السندات غير المضمونة لحكومة عُمان إلى Baa3 من Baa2 مع نظرة مستقبلية سلبية، "مفاجئ" مشيرين إلى أنّ السلطنة لا تزال تقع ضمن تصنيف الاستثمار المعمول به عالميا، وأن الانتقال من مستوى ائتماني إلى آخر لا يعنى الكثير.

وخفضت وكالة موديز سقف السندات طويلة الأجل للعملات الأجنبية في عُمان إلى Baa2 من Baa1 وسقفها طويل الأجل للودائع بالعملات الأجنبية إلى Baa3 من Baa2. في الوقت نفسه، تم تخفيض سقف الودائع بالعملات الأجنبية قصيرة الأجل إلى Prime-3 من Prime-2، في حين أن سقف السندات بالعملة الأجنبية قصير الأجل لم يتغير في Prime-2. تم تخفيض سقف السندات والودائع بالعملة المحلية العمانية طويلة الأجل إلى Baa2 من Baa1. وبالتزامن مع ذلك القرار، قام البنك المركزي العماني برفع سعر الفائدة الذي يعرضه على الودائع الرأسمالية (وهي الودائع المطلوب من البنوك والشركات المالية الأخرى وضعها لدى البنك المركزي) 0.5 نقطة مئوية إلى 1.5 بالمئة. ويمكن لقرار البنك المركزي العماني أن يكون مرتبطا بجانب من تقرير وكالة التصنيف، إذ أنّ رفع الفائدة يزيد من جاذبية الإيداع.

ويرى المكرم الدكتور سعيد بن مبارك المحرمي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة أنّ هناك جوانب إيجابية وجيدة لقرار البنك المركزي العماني لرفع سعر الفائدة، موضحا أنّ القرار لا يشمل أي تحريك لسقف الفائدة على القروض الشخصية وهو 6%، وأنّ البنك برفع سعر الفائدة على الإيداع يعمل على بقاء السيولة النقدية في البلد وعدم خروجها إلى دول أخرى، مع جذب مزيد من السيولة من الخارج بإيداعها في الداخل، وبالتالي يستفيد المودعون وأيضا الاقتصاد ككل.

وقال المحرمي إنّ قرار البنك المركزي العماني قد يقابله تحريك بعض البنوك للفوائد على القروض التجارية -غير الشخصية- للمؤسسات الاستثمارية بشكل عام مما قد يشكل تأثيرات جانبية على حجم الكلفة التشغيلية للاستثمارات، خاصة التي تعتمد بشكل كبير على التمويل البنكي، ومن ثم ارتفاع في أسعار المنتجات، وبالتالي قد تتأثر بشكل ضئيل فرص العمل المتاحة عبرها، لكن التأثير الإيجابي على الاقتصاد العام أكبر. وأوضح أنّ تطبيق القرار بأثر رجعي منذ يناير الماضي سيكون له أثر إيجابي على الثقة من جانب أصحاب الودائع الاستثمارية المتعاملين مع البنك المركزي العماني والبنوك العمانية بشكل عام.

من جانبه، يرى لؤي بطاينة الرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال، ارتباطا غير مباشر بين تخفيض التصنيف الائتماني للسلطنة ورفع البنك المركزي العماني الفائدة على الودائع، وقال إنّ رفع سعر الفائدة كان مفاجئا إلى أنّ علمنا أنّ هناك تخفيضا في التصنيف. وعزا وصفه للتخفيض بـ"المفاجئ" إلى سببين؛ الأول أنّ التصنيف اعتمد على زيادة اقتراض السلطنة، وهذا بالفعل حقيقي، لكن على وجه الدقة فإنّ اقتراض السلطنة أكثر من المطلوب لتغطية العجز لتمويل مشاريع استثمارية تزيد القيمة المضافة، وهذا ما يفسر لجوء السلطنة مؤخرا إلى الاستدانة بأكبر من حجم العجز وأيضا أكثر من المعلن في خطاب الموازنة التي حددت قيمة التمويل عن طريق الاستدانة والبنود الأخرى مثل السحب من الاحتياطي العام، وهذا يؤكد أن السلطنة تعمل على تعزيز الاحتياطيات الأجنبية وبما يعني أنه طريق لتقوية الاقتصاد وليس لتمويل مصاريف جارية وتمويل العجز.

وأكد أن السلطنة ما زالت تقع ضمن تصنيف الاستثمار حسب وكالات التصنيف العالمية، وأن الانتقال من مرحلة ومستوى إلى مستوى أقل لا يعنى الكثير، ولكن الانتقال بهذه السرعة قد يكون مفاجئا لأنّ هناك مؤشرات إيجابية مهمة يفترض أن تنعكس، لأن الأمر المهم يتمثل في قدرة السلطنة على تعزيز الإيرادات من خلال وسائل غير عائدات النفط والاستدانة؛ حيث قامت بتسريع تنفيذ عدد من مبادرات التنويع الاقتصادي، وكذلك بدء إنتاج غاز حقل خزان وبدء عمل القاطرة الثانية في المشروع، مع تخفيض الدعم عن استهلاك الكهرباء على كبار المستخدمين، وطرح الوقود بأسعار جديدة، وكل ذلك مؤشرات إيجابية.

وفيما يتعلق برفع البنك المركزي العماني لسعر الفائدة على الودائع الاستثمارية، قال بطاينة إن القرار سيعمل على تعزيز الاحتياطيات واستقطاب مدخرات جديدة خصوصا في مجال أدوات الدين المحلية، خاصة وأن رفع نسبة الفوائد على الدولار قد يؤدي إلى التحول إلى الدولار بدلا عن الريال رغم أن رأيي أنّ الريال سيظل قويا على أمد قريب ومتوسط على الأقل.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني قالت إنّ حفاظ حكومة السلطنة على أجور الموظفين ومزاياهم كان سببا لخفض التصنيف، وقال التقرير "إن تخفيضات الحكومة في الإنفاق وإجراءات زيادة الإيرادات لن تؤدي إلا إلى تضييق العجز إلى حد محدود؛ حيث تبقى فاتورة أجور القطاع العام العماني الكبيرة جدا عند 12% من إجمالي الناتج المحلي و27% من إجمالي الإنفاق والزيادات الكبيرة في الإنفاق الاجتماعي التي ساهمت في الاستقرار السياسي الداخلي على مدى السنوات السبع الماضية تشكل عقبة كبيرة لمواجهة الإصلاحات المالية اللازمة". وأضاف التقرير أنّه: "في حين أنّ الحكومة تهدف إلى الحفاظ على أجور الموظفين الحكوميين ومزاياهم دون تغيير بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن موديز لا تتوقع خفضًا كبيرًا وجوهريًا في الإنفاق الحكومي على خدمة الديون على المدى المتوسط".

تعليق عبر الفيس بوك