في الاحتفال باليوم العالمي للشعر في 21 آذار (مارس):

أُمومَةُ الحُبّ


سمر محفوض – كاتبة وصحفية سورية


حين يعودُ متعبًا بغبارِه
رِجلاه تذوبانِ بالخطو الثقيل
ويمسكُ  بالضجيجِ..
بِوَجَلٍ مَسِّدِي  كَتفَه
وقبلَ الحُبِ أعدِّي شَايَه
قطِّعي حَنانَك قليلا قليلا
كرغيف رقَّةٍ وأطعميه
ذَوِّبِي بفِنجانِه نجمتين
مالحٌ نبضُه والزمانُ
تلمَّسِي المعاركَ في رأسِه
تقف الساعةُ عند الحدِّ الفاصل للوهمِ
لاتسأليه عن همومِه وماذا بعدَ البعد
أو عمَّا يشاءُ.. أنكري حروبَه
ببساطةِ التَّشهي اخْلَعِي عنْه جروحَه
لتغسلِي انتظارَها ثم انْشريها
على شُرفة اللفظ...
شمِّسي له الصَّدى واجْدُلي الرِّيح
باحتقانِ صوتِه، ينزلقُ نحو فناء لا يحدِّدُ وِجهته
ولا في آخِرِ السَّطرِ
ينهار الموتُ
على أهبّة ظلك
 في الغرفة شِبْهِ المضاءةِ أمسكِي طيفَه ولُفِّيه بتزاحمِكِ عليه
وقبلَ الطَّعام أعيدي له أغنياتِ أمِّه وتشهَّدي بالماء
أشعلِي  موقدَ الكَازِ العتيقِ
لينامَ بطفولةٍ غامَت خلفَ تغضنِ الجبين
لا تسألي عن أحوالِهِ
حَدِّثيهِ عن الجاراتِ وغلاءِ الأسعارِ
أخْبريه عن شَتلة الحَبق التي نامت آخر الخَريفِ
تَنَاسِي شرودَه وجمّعيه إليك
بهدوءٍ خُذي أصابعَه ونقِّي منها  الصرخاتِ واليأسَ ورائحةَ البارودِ
وأصواتَ الرِّفاقِ والسَّرابِ
تقفُ اللحظةُ حيثُ وَقَف..
حيث الوجْهُ الآخرُ للأبعادِ المهملةِ
تَقَاسمِي معه الصمتَ
قَاسِمِيه  الليلَ
وما يصنعُ بالكائنِ الواقعيّ
 بعد تلفِ الرُّوحِ
وإنْ تنَحَّى من ريفِ عينيهِ نهرُ نحيبٍ
 لا تُكدِّري صفوَ الدمعِ
خَلِّي للنَّاياتِ صوتَه
واحملي معه آخرَ جِهةٍ انكسرتْ بضلعِه
وهو يَعدُّ القتلى وندوبَه ويُخطئ بالعدِّ،
اتركيه ولُمِّي غموضَه بِما فَاتَكَ من طِينِهِ
حتى السَّفحِ الأخيرِ منَ المجازِ
كُفِّي عن السؤالِ الصَّعبِ
لم نكُ يومًا سوى رَغبتِنا
المضَى الذي لا يمضي
والحنين يقودنا إليه
بطلاقةٍ عميقةٍ اتركيه يتأرجحُ
في جِهتك اليُسرى
وحين يسألكِ.. هل مازلتُ موجودًا؟!
صُبِّي على جسده المؤقتِ عطرَكِ
خُذيهِ إلى النُّعاسِ وضَعِي بمنامِه
دريئةً لأشباحِ الضَّحايا
وبخيبةِ الأمل الأخيرةِ
غَطِّي قلبَه..
وقولي صارَ غريبًا مثلي
بين الموتين..
اتركيهِ مثقلا بنجاتِه
ووحيدًا

 

تعليق عبر الفيس بوك