معاناة طالبات الجامعة

 

سعيد الشعيلي

تمثل الجامعة حلما جميلا في المرحلة العمرية التي تسبقها وهي مرحلة المدرسة، ولكل طالب طموحه العلمي الذي يتحدد بعد ظهور نتائج القبول في الجامعات والكليات الخاصة. وبالنسبة لنا، كان التنافس على أشُده من أجل الحصول على مقعد دراسي في جامعة السطان قابوس؛ فهي منارة العلم الأبرز في السلطنة، وما يزيدها شرفا وتكريما أن تحمل اسم جلالته في مقدمتها.

لكن، وكمثل أي طريق للعلم، فإن درب الدراسة في الجامعة ليس مفروشا بالورد؛ فالمطبات تملأ الطريق والعوائق كثيرة، من مشاكل أكاديمية وما يخص السكن وغيرها الكثير. أذكر عندما بدأنا الدراسة في الجامعة قبل ثماني سنوات كانت مشكلة ارتفاع الأجور هي العائق الأبرز أمام كل طلاب الجامعة، غرفة صغيرة لا تتسع لشخصين تؤجر بمائة وخمسين ريالا. اضطر أغلب الطلاب التشارك في الغرفة الواحدة وتحميلها أكثر مما تتحمل من أجل تقليل التكاليف، ثم ظهرت لنا مشكلة أخرى وهي النقل من وإلى الجامعة، بدأ أصحاب التكاسي برفع السعر، وبعضهم كان يرفض الذهاب إلى الجامعة بسبب الزحام؛ فمشوار نصف ساعة يأخذ أكثر من ساعتين. في تلك الفترة، كُنا نحسد الطالبات على نعمة السكن الداخلي، حتى لنحسب أنهن في نعيم الجنة، فالسكن متوفر ومجاني، وعلاوة على هذا فهو قريب من الفصول الدراسية ولا حاجة للبحث عن تاكسي في أول الصباح وعن مطعم رخيص الثمن في فترة المساء.. لكن يبدو أن لكل جنس معاناته الخاصة.

ففي هذه الأيام، يستحوذ وسم معاناة طالبات الجامعة على أغلب التغريدات المنشورة في تويتر، ويكشف عن معاناة جسيمة للطالبات، وأن ما كنا نحسدهن عليه غير صحيح، وأن الصورة في المرآة غير الصورة في الواقع.. فحسب الوسم، تعاني الطالبات كثيرا من النظافة في السكنات، ومن جودة الطعام، ومن الأسعار في استهلاكية الطلاب. لكن الحديث أكثره عن نظام التصاريح المتبع في الجامعة الواجب على الطالبة استخراجها قبل الخروج من حرم الجامعة من قبل المصرح له. الحديث عن التصاريح في الوسم، انقلب إلى إشكال بين مؤيد ومعارض، وبين من يقترح حلا وسطا؛ فالبعض يرى أن الطالبة في الجامعة تجاوزت سن الثامنة عشرة وهي السن القانونية لحمل كافة تصرفاتها ومسؤوليتها أمام الجهات القضائية.. فلماذا تلزم باستخراج تصريح لمجرد الخروج من السكن؟!

بينما البعض يرى أن وجود التصاريح ضروري من أجل المحافظة على النظام، ومنع التسيب بقدر الإمكان. أما الحلول المقترحة، فتكون بعمل تعهد وأخذ توقيع ولي الأمر أنه يوافق على خروج ابنته من دون تصريح. إحدى التغريدات تكلمت عن الجانب القانوني: "من ناحية قانونية، وبالتحديد قانون الأحوال الشخصية، تُعتبر المرأة بالغة سن الرشد بسن الـ18، وراشدة ومسؤولة عن كافة تصرفاتها القانونية، ما لم يعتريها عارض من عوارض الأهلية كالسفه والجنون. وحسب هذا الكلام، مفترض يُلغى كل قانون يعتبر الطالبة سفيهة ومجنونة بالجامعة". يُمثل المقترح الأخير الحل الأنسب لهذه المشكلة. فبإمكان الجامعة أن تقوم بأخذ تعهد من ولي الأمر يتحمل من خلاله كافة المسؤولية عمَّا يحدث لابنته خارج الحرم الجامعي في حال رغبتها الخروج دون تصريح رسمي.

وفي الأخير.. طلاب الجامعة هم خِيرة شباب عُمان ذكورا وإناثا، وبيدهم مستقبل هذه البلاد، وعلى إدارة الجامعة أن تعرف معاناة أبنائها؛ فمواقع التواصل الاجتماعي اليوم تكشف خبايا المستور بالأمس.

تعليق عبر الفيس بوك