قصة قصيرة:

شعري القصير جداً

هالة عبادي - سوريا


كانت تحكي لي عن "جديلتها التي اغتالتها المدينة"، وكنت ألوذ بالصمت...
فأنا لا أعرف هذا الشعور، إذ لا أذكر يوماً أني كنت بجديلة، وكنت سعيدة بأني أعوِّض عنها بشرائط ملونة من الساتان تزين ما بقي من شعري، وكذلك كتفي اللباس المدرسي وقتها...
أمي هي من كانت تأخذني إلى صالون الحلاقة، لم أكن هذي المتمردة في صغري، لكن أحببته قصيراً، ولم أجد من يلومني في ذلك أبداً.
بكاؤها الجديلة كان إحساساً غريباً عليَّ، لكنها حكت لي عنه بطريقة موجعة وجميلة جعلتني أتمنى لو كان لي جديلة، ولو أنني أنا الأخرى أسلمها "لتلك المدينة " لتغتالها، تمنيت لو جربت "إحساسها" ولو لمرة واحدة...
ذهبت إلى صالون الحلاقة... نظرتْ لي الصبية التي تعمل هناك وهي تقلب شعري...
- تسريحة أم حلاقة؟
- حلاقة.. أريده قصيراً...
- وماذا أقص؟
- جديلتي... وأمسكت بأطراف شعري القصير جداً...
في نظرة الفتاة أدركت أني أطلب ما يشبه المستحيل، ولحسن الحظ كانت معي ابنتي وابني الصغير ذو الحلاقة الناعمة جداً...
أشرت إلى شعره أريده هكذا... ابتسمت الفتاة باستغراب لكنها باشرت عملها... كنت أنظر بالمرآة وأبحث عن وجه صديقتي لعلّي أدرك وجعها الذي يشبه الاغتيال...
وعلى الرغم من نظرة الدهشة في عيون ابنتي المنعكسة في المرآة أمامي، وهي تشهد مقتل أول ملامح أنوثتي "كما اقترحت تسميته الصغيرة" لم أجد حرجاً في حضور الاجتماع العائلي الكبير، وأنا أستشعر الكثير من الحرية والثقة بـ "شعري القصير جداً" .

تعليق عبر الفيس بوك