الدور الرقابي في خدمة المجتمع والنمو الاقتصادي (2 - 2)

سالم بن العبد مسن

ومن جانب آخر نجد أن أول ما جات به فكرة الرقابة هو الحفاظ على المال العام وترشيد الإنفاق وتعظيم الإيرادات من خلال العمليات الرقابية التي يُمارسها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عن طريق التوجيهات والاقتراحات التي يقدمها للمؤسسات العامة والخاصة، مما كان له الأثر الوضح في نجاح العديد من المشاريع والخدمات التي تزخر بها البلاد، ومن هنا  أيضاً تتجلى أهمية الرقابة عندما تلامس المواطن بصورة مباشرة من خلال متابعة سير الخدمات التي تقدم لجميع أفراد المجتمع سواءً في الصحة أو التعليم أو السكن أو المعيشة .. مما يؤدي إلى رقي المجتمع ورفع كفاءته الإنتاجية وانعكاساتها الإيجابية على كافة الجوانب الحياتية.

   وفي خضم الكم الهائل من المعلومات المتبادلة بين الأفراد أو بين المؤسسات العامة والخاصة أو ما يسمى (بالحكومة الإلكترونية)  نجد أن الرقابة بحاجة إلى استخدام  برامج وأنظمة حديثة ومتجددة لمجاراة تطور تلك القطاعات وضبط الجودة في أعمالها الإنتاجية والخدمية خاصة وأنَّ تلك الجهات والمؤسسات  تعتمد على شبكة المعلومات (الإنترنت) التي تدار عن طريق جهات خارجية يصعب التحكم فيها بطريقة مباشرة باستثناء بعض الملاحظات الخجولة إن صح التعبير .. لذا أجد في تصوري أنه لابد أن يكون هناك المزيد من التعاون بن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ومجلس البحث العلمي، حيث إن الأخير له دوره الكبير في ابتكار الحلول من خلال دراسة الواقع المحلي وأهدافه ومصالحه، ويستطيع أن يدعم العمل الرقابي بالحلول وابتكار البرامج والوسائل التي تساعد على شمولية الرقابة المالية والإدارية والحفاظ على المال العام وزيادة تنميته.

   وفي نفس السياق نجد أن التخطيط والرقابة تربطهما علاقة منهجية تؤدي إلى نتيجة فاعلة، وبما أن المجلس الأعلى للتخطيط هو الجهة التي تعنى بالتخطيط  ووضع الاستراتيجيات والسياسات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة في السلطنة، وإيجاد الآليات التي من شأنها تطبيق تلك الاستراتيجيات والسياسات وصولاً إلى تحقيق التنوع الاقتصادي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية المتاحة..لذا يتوجب علينا مراعاة الآليات الرقابية في هذه المرحلة الهامة التي تنطلق منها مخططات البنية التحتية والمشاريع العملاقة التي تصرف فيها الدولة مبالغ كبيرة ليجني المواطن ثمارها مستقبلاً والتيقن بمدى مردودها في الناتج المحلي من خلال قوانين ولوائح جديدة تعطي العمل الرقابي دورًا أكبر ليعمل بالتعاون مع هذا المجلس الهام .

   وكما أشرنا سابقًا في بداية حديثنا فإنَّ رقابة المجتمع نفسه أو ما يسمى (الرقابة الشعبية أو الرأي العام) في العمل مع جهاز الرقابة وغيرها من جهات الأخرى ذات الاختصاص للوقوف على أي أخطاء أو تجاوزات على المال العام .. ومن هذا المنطلق يتوجب على المواطن أن يتفاعل مع كل ما يدور حوله من خدمات ومشاريع ومعرفة مدى استفادته هو وغيره من أبناء وطنه منها ولا يكون هو الحلقة الأضعف فيها بل هو المقياس الحقيقي لها من خلال اتباع القوانين والحقوق والواجبات التي كفلها المشرع له بالطرق الحضارية التي تميزت بها الهوية العمانية .

  ومن جانب آخر نجد أنفسنا نمتلك وسائل إعلامية متنوعة وصفت بأنها متّزنة في طرحها وتحاول قدر المستطاع أن تتبع أسلوب الاعتدال وهذه ميزة نفتخر بها جميعاً ولكن الوعي الكبير الذي تكون لدى المجتمع العماني يحتم على وسائل الإعلام المتنوعة: المرئية والمقروءة والمسموعة أن تكون لها كلمتها وموقفها الرقابي كممثل للرأي العام خاصة في ظل المنافسة الكبيرة من وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تنقل الخبر والصورة من موقع الحدث ليتلقاها الإنسان أينما وجد داخل السلطنة أو خارجها سواءً كانت صحيحة أو مغلوطة أو حتى مفبركة تهدف لتشويه صورة هذا المجتمع المتماسك والمحافظ على انتمائه الوطني .

 إن الاهتمام بدور الرقابة المالية والإدارية يعكس مدى ما وصلت إليه السلطنة من تقدم في العديد من المجالات التي أصبحت فيها الرقابة ضرورة حتمية لا مناص منها فكلما زادت هذه المنجزات يجب أن تزداد كفاءة العمليات الرقابية للحفاظ على المال العام بما في ذلك  استمرار تعاون جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة مع كافة الجهات ومع المواطن نفسه الذي يعد أساس التنمية في هذا الوطن الغالي.

تعليق عبر الفيس بوك