في الاحتفال باليوم العالمي للشعر في 21 آذار (مارس):

خيالاتُ العزلة

محمود الكرشابي – مصر


الأسلاف عـبء..
وكلّما أمتدّ نسبك
كلّمـا زاد حِـمـلُك
وضاق بهم كتفك
...اللقطاءُ خِفاف

***
هل قلتُ لكم:
إنّني لا أُحبّ أبي
أكرههُ
ستقولون عنّي:
ولدٌ عاق،
ابن حرامْ
ليس الأمر كما تصوّرتم
فأنا أميلُ على قدمِيه
لإنْعلَهُ حذاءه
أساعده ليدخل إلى الخلاء

وأفرح ملء قلبي
عندما يدعو لي
ليس اعتقادًا في شيء
أو رجاءً لشيء
فقط لأرى سعادته
وهو يمارس دوره
كأبٍ يدعو لابنه

لكنّني لا أحبّه
أما عن أسبابي
-إن كانت تعني أحدًا غيري-
خُذ عندك:
ألا تكفي خطيئته الكبرى
أنه في لحظة نزقٍ
ألقى بي إلى العالم
ولم أكن مستعدًا

ألا يكفي أنّني
أسير حاملًا على كاهلي
اسمه واسم أبيه وجدّه
إلى آخر عائلة عاطلة
عن أيّةِ موهبةٍ
ليس لي جدٌّ عظيم
مؤسفٌ هذا بقدر ما هو محبط

ألا يكفي أنّني رأيته
ذات مرّةٍ
يصفعُ وجه أمي
تلكَ الكائنُ الملائكيّ
والتي لا يستأهلُ ظفرها
هي أوّلُ وآخرُ مَرّةٍ
وهي سامحتُه
 بعد نصف ساعةٍ وقُبلتين
وعندما ستموت
بعد نصف قرن وأربعة أولاد
وما لا يحصى من أحفادَ، وهزائم
سيبكي على قبرها
كما لم يبكِ أحدٌ
على أحدٍ في العالمين


ثُم ألا يكفي
أنه لم يكن عظيمًا
ولا غنيّا، ولا زعيمًا
ولا نجمًا، ولا حتّى شاعرًا
يا أخي لم يكن على قدر توقعاتي

هذا رجلٌ لم يقرأ
 الـ"communist manifesto"(*)
بالله عليكم
وأنا الخائبُ العظيم
 كيف لي أن أحبّ رجلًا
لم يقرأ "كارل ماركس"

وهو وتلكَ ثالثةُ الأثافي
يشمئزُّ من الحداثيين
يَدّعي أنّ نتنًا
يفوح من نصوصهم
يتطيّر من صورهم
الّتي تطلي جدران غرفتي
ويتمتمُ: سَحَناتٌ كقساوسة...
تَقْطعُ الخميرة من البيت

لو كان لي أن أُنجِبَ أبي
لو كان لي أن اصطنعه
لاصطنعته أكثر جمالا
وأقلّ حنانًا
-حنانُه الزّائد إبرٌ مغروسةٌ في قلبي-

كثيرةٌ هي أسبابي لأكرهه
 لكنّها نقيةٌ وساذجة
ليس من بينها صراعٌ على عرشْ
دماؤنا  ليست زرقاء
كرهي كان خالصًا
ومُنزّهًا عن كلّ غرض
فلا تحسدوني عليه

أنا ذاهبٌ الليلة لقتله
فلا تحْجِزوا بيننا.

تعليق عبر الفيس بوك