حمد بن سالم العلوي
لقد عقدت وزارة النقل والاتصالات المؤتمر الصحفي السنوي، وزفت الوزارة من خلال هذا المؤتمر البُشرى إلى الوطن "عُمان كلها" بجاهزية مطار مسقط الدولي، وأنه سيفتح في نهاية الشهر الجاري، وطريق الباطنة السريع سيفتح بالكامل مع نهاية الشهر القادم، وكما تمَّ فتح جزئية الطريق السريع جبرين/عبري أمام الحركة المرورية، والنية بفتح جزئية وادي العق من طريق الشرقية في وقت لاحق من هذا العام، ومطار الدقم في الجزء الثاني من العام الجاري أيضاً، وإعلان نية تطوير مطار صحار، وتطوير ميناء السويق ليكون ميناء تجارياً، وهناك مشاريع واعدة كثيرة في الطريق، فصلتها وشرحتها الوزارة في أكثر من أربع ساعات، فلا يمكن أن تحتويها مقالة في عمود صحفي واحد.
ثم يُجادل مُجادل أتى في الدقائق الأخيرة من المؤتمر الصحفي السنوي لوزارة النقل والاتصالات فيقول، ترى ماذا قدمتم جديداً يا معالي الوزير فالمشاريع التي تعملون على إنجازها قد أعلن عنها قبل مجيئكم للوزارة، ثم لماذا أنتم ترأسون كذا وكذا من المجالس؟ فأتاه الجواب حازما جازما من معالي الدكتور الوزير بالقول، إنَّ الذي أنجزناه شرحناه أنا وأصحاب السعادة الوكلاء والمختصون في الوزارة خلال الأربع ساعات التي مضت وأنت أتيت الآن، أما سؤالك عن المجالس فنحن لم نعد نرأس شيئاً مما ذكرت، لقد ضايقني شخصياً أسلوب الخطف والتصيُّد، ولكنه لم يضايق رئيس المؤتمر الصحفي.
وقد ضايقني أكثر أن يتعمّد الإنسان نكران قرص الشمس في كبد السماء، وللحقيقة أقولها وأنا من الناس الذين لا يقبلون بأنصاف الأمور، ولكنني مُعجب بداية بتجانس وتناغم الفريق القيادي لهذه الوزارة، وهي الوزارة التي تقدم ما يقارب ثلثي الخدمات الرئيسية إن لم يكن ثلاثة أرباعها على الإطلاق، فهي تقدم خدمات الطرق وما أدراك ما خدمات الطرق في عُمان، وتقدم خدمات المطارات وخدمات الموانئ، وخدمات البريد وخدمات الاتصالات، وخدمات النقل البري والبحري والجوي، لذلك رأيت أنها تستحق أن تكون أم الوزارات الخدمية.
لأنه بدون توفر هذه الخدمات الرئيسية الضرورية، فلا راحة للمواطن، ولا تنمية ولا تطور ولا تقدم على كافة الأصعدة التي يقوم عليها كيان الدولة المدنية الحديثة، ووزارة النقل والاتصالات أجادت عملها وقدمته بأسلوب حضاري شيق، وتكاد تكون الوزارة الوحيدة التي تعمل وتنجز ليس بطريقة الترضية وسد الذرائع، وإنما تعمل بعمل الواثق بنفسه، المحب لعمله ووطنه، وبعقيدة المسؤول الواعي الذي يُشرك المواطن في منجزاته، ولا تسد الأبواب في وجهه فما كان ممكناً أخذه منها، وإلا فأعتذر له مع شرح السبب على وعد وأمل عند الفرصة السانحة بتلبية ما طلب، وإنهم ينجزون المشاريع الإستراتيجية لتأسيس روافد حضارية تمتد إلى المستقبل البعيد، لأن عُمان تستحق أن ترقى وتتقدم إلى غد واعد بالخير والنماء، ودونما نظر إلى المثبطات والمحبطات للعزم، وإن كانت كثيرة عند الآخرين، فهي منعدمة الوجود في ذهن القائمين على هذه الوزارة، المتميزة في أدائها وسلوكها العام، فالشفافية نهجها والمصداقية شعارها، والإنجازات شاهدة على ذلك.
ففي العام الماضي أصابت الغيرة البعض، عندما قلت في مقالتي إنَّ هذه الوزارة تجيد العمل بالأهداف، فكان ردي على المتسائلين عن سر قناعتي بأنها كذلك، بسهولة ويسر وذلك بالقول، الميدان أمامكم فدعونا واعرضوا علينا إنجازاتكم وخططكم، وما هو قيد التنفيذ وما هي المعوقات المنطقية إن وجدت، وبعد ذلك لكم العتب علينا إن نحن لم نتفاعل مع جهودكم، وهنا أتكلم بالجمع ليس لتفخيم الذات كما يحلو للبعض، وإنما أقصد كصحفيين وإعلاميين، ولكنهم عجزوا بل سيعملون لوضع العصي في عجلات الناجحين، حتى لا يكون هناك فارق بين الماشي بالتقدم إلى الأمام، والجالس العاجز عند دك العياء بلا حراك، ولكن في الحالين الكل يجري له الرزق نهاية الشهر مع اختلاف بين من يأخذ رزقه بالحلال ومن يأخذه بغيره.
إنَّ وزارة النقل والاتصالات يا عزيزي السائل الآتي في آخر لحظة، لو لم تفعل شيئاً غير المؤتمر الصحفي في نهاية كل عام لكفاها إنجازاً، لأنها قدمت أنموذجاً في شفافية الطرح بينها والجمهور، وهذه العقدة التي لم تستطع الكثير من الوزارات كسرها إلى اليوم، هي كسرتها بلا رجعة أو تأسف عليها، ولكن لا أبخس شركة "حيا" حقها فهي دعت إلى مؤتمر صحفي مماثل، شرحت للناس عملها ومشاريعها، وربما يكون عدد قليل من الجهات المعنية فعل ذلك بصورة مختلفة، ولكن المرجو من الجهات الخدمية التي لها علاقة بخدمة الجمهور، أن تحذو حذو وزارة النقل والاتصالات وتفصح عن خدماتها، إلا إذا كانت تعتقد أن تلك الوزارة خاصة بموظفيها فقط دون سواها.
وأنا هنا أوضح للسائل والمتسائلين معه، وذلك بما قد علمته - أنا - عن وزارة النقل والاتصالات، فعندما عُيِّن الدكتور أحمد بن محمد بن سالم الفطيسي كوزير لهذه الوزارة فقد نظر إلى مشروع طريق الباطنة السريع، وأمر بإضافة حارة رابعة عليه، وكذلك فعل مع طريق الشرقية، وهذه مبادرة من مسؤول ينظر إلى المستقبل بعين الواعي المُدرك لمتطلبات النمو المتسارع، فلم ينتظر حتى تتوقف المسارات بالحركة، ويضج النَّاس بالطلبات، وهذا أمر يحسب للمسؤول الواعي، وقيل لي أيضاً إن هناك ملايين الريالات كادت أن تذهب في غياهب المشاريع غير المكتملة، فتم تداركها وانتشالها من براثن المفسدين في الأرض، وهذا في حد ذاته إنجاز كبير، وأخيراً لا أنصب نفسي محامياً لهذه الوزارة، ولكن رضا الناس عنها هو المحامي الأفضل. أفبعد كل هذا يظل هناك تساؤل ماذا أنجزت الوزارة؟! إذن ليس إلا الشكر يستطيع اللسان أن يصدح به، وذلك على أقل تقدير، لأنَّ الإنسان المنصف العادل لابد أن يقول للمحسن أحسنت، وللمسيء الله حسيبك على تقصيرك وإخلالك بالأمانة.