من يروج للظواهر الغربية في بلادنا العربية

 

د.يحيى أبو زكريا

 

قال الله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ *قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ "

ظاهرة خطيرة ومربكة بدأت تنتشر سرًا في العالم العربي والإسلامي ثم ما فتئت تعلن عن نفسها وهي ظاهرة جماعات عباد الشياطين الذين كثر عددهم وإتسع إنتشارهم .

ويستغل عباد الشيطان المكبوتين والراغبين في التنفيس عن نزواتهم وشهواتهم فيدعى هؤلاء إلى حفلات صاخبة من دون إعلامهم عن مضمونها الشيطاني، فيغرونهم بالمخدرات والجنس الذي لا يستطيعون مقاومته فينخرطون في هذه الأجواء ويدمنون ملذاتها في شكل لا يمكنهم من العودة عنها، وتعرف هذه المرحلة بمرحلة ما قبل الطقوس الشيطانية، وعندما يُدمن الشباب العربي والمسلم الموبقات تأتي مرحلة الالتزام وهي أخطر بكثير. وفيها يتم تسخير الشيطان بطرق سحرية وكيميائية وتستباح لحظتها كل المحرمات الشرعية والإنسانية والفطرية.

ويرجع أصل فكرة عبدة الشيطان المعاصرة – أقول المعاصرة – لأن الإنسان القديم عبد الشيطان أيضاً - إلى طبيب نفسي أمريكي اسمه ألستر كراولي وصديقه اليهودي من أصل أمريكي اسمه "أنطوان تليدر ليفي" والذي قام بتأسيس معبد للشيطان في سان فرانسيسكو في أبريل عام 1966 وظل يدعو إلى عبادة الشيطان وخرجت دعواته إلى أوروبا وأستراليا ومن الغرب تسللت الظاهرة إلى العالم العربي والإسلامي. ساعدت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة على انتشار ثقافة الـ"بلاك   ميتل"Black Metal، الموسيقى المصاحبة لعبدة الشيطان والمستعملة أحيانًا في بعض الطقوس الجماعية والحفلات الماجنة، من مخدرات وبغاء وغيرها، حتى وصلت العالم العربي، وكانت تلك البذرة التي فرّخت طوائف عبدة الشيطان في العالم العربي وأغلبهم من المراهقين والشباب الطائش الذين جلبهم الفراغ الروحي والعاطفي والخواء الفكري إلى هنا بتأثير من أصدقائهم غالباً بسبب الفضول الشديد في التعرّف على ما قد يبدو لهم عالماً خفيّاً إذا يكثر الحديث هنا عن الجنّ والعفاريت والقوى السحرية والأمور الخارقة للطبيعة، مما يدفع الكثيرين إلى الدخول في هذه الطائفة وتجربة هذا العالم.... هذه العبادة برزت في العديد من الدول العربية منذ حوالي العقدين من الزمن فيعود أول ظهور لعبدة الشيطان لعام 1986 في لبنان وفي منتصف العقد الأخير من القرن الماضي، كشف عن وجود بعض مجموعات عبدة الشيطان في كل من الأردن ومصر والمغرب وبعض الدول العربية والإسلامية الأخرى.

وعبادة الشيطان لا تختلف عن الإرهاب الأعمى وقتل الإنسان المسلم والمسيحي والمخالف على السواء، حيث فهمت آيات القتال بطريقة خاطئة من أساسها ... " وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا "

" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"

 "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا"

عشرات الآيات القرآنية تتضمن معنى القتال، ونزلت في ظرف زمني معين، وبإشراف الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام ..

فهل نزلت الآيات في مقاتلة المسلمين أو أهل الكتاب أو البشر؟ أم أنها مرتبطة بوضع خاص وفي مرحلة زمنية معينة؟ ويجوز استصحابها على الراهن الإسلامي لتكون منطلقًا فكريًا للتكفيريين وهم يقتلون بموجبها المسلمين وأهل الكتاب أو من خالفهم في الرؤية المذهبية وحتى العقدية؟

ألم يقدس الإسلام الروح الإنسانية، وبناءً عليه نص فقهاء الإسلام على القاعدة الشهيرة ما احتاط علماء الإسلام مثلما احتاطوا في الدماء...