سؤال في التفسير:

وقفة لغوية وبلاغية مع آية قرآنية (25)

أ.د/ سعيد جاسم الزبيدي – جامعة نزوى


مازلنا رهن الإجابة على سؤال تلميذي النجيب: هل لك أن تبيّن لي تصورك عن فواتح السور في القرآن الكريم كلها بنظرة منهجية؟
فرتبتها إجمالا على ست مجموعات وفي هذه الحلقة سوف نتناول المجموعة السادسة والأخيرة من مفتتحات السور القرآنية، وهي السور المبدوءة بجملة اسمية وهي ثلاث عشرة سورة، ونرتبها على:
1- ما بدأت بمعرفة: (وهي خمس سور):
-    في سورة الزمر (مكية): (تنزيل الكتاب من الله...).
-    في سورة محمد (مدنية): (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله...)
-    في سورة الرحمن (مكية): (الرحمن، علّم القرآن...)
-    في سورة الحاقة (مكية): (الحاقة، ما الحاقة...)
-    في سورة القارعة (مكية): (القارعة، ما القارعة...).

2- ما بدأت بنكرة: (وهي أربع سور):
-    في سورة التوبة (مدنية): (براءة من الله ورسوله...).
-    في سورة النور (مدنية): (سورة أنزلناها وفرضناها...).
-    في سورة المطففين (مكية): (ويل للمطففين).
-    في سورة الهمزة (مكية): (ويل لكل همزة لمزة).

3- ما كان أولها من النواسخ: (وهي أربع سور):
-    في سورة الفتح (مدنية): (إنّا فتحنا لك فتحاً مبينا).
-    في سورة نوح (مكية): (إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه...).
-    في سورة القدر (مكية): (إنّا أنزلناه في ليلة القدر...).
-    في سورة الكوثر (مكية): (أنّا أعطيناك الكوثر).

يرى أستاذنا فاضل السامرائي – مدّ الله في عمره – أنّ "الجملة لا تدل على حدوث أو ثبوت، ولكنّ الذي يدلّ على الحدوث أو الثبوت ما فيها من اسم أو فعل"(1). ومن هنا ننظر إلى الجملة الاسمية – بصورها المتعددة(2) – التي تصدرت السور الثلاث عشرة منها:
ما تصدرت المعرفة (في خمس سور):
-    (تنزيل الكتاب...)
-    (الرحمن...)
-    الحاقة...)
-    (القارعة...)
-    وغرضها الإخبار بثبوت المسند للمسند إليه.
وتصدرت النكرة (الموصوفة لفظاً ومعنى) في أربع سور:
-    (براءة من الله...)
-    (سورة أنزلناها...)
-    (ويل للمطففين...)
-    (ويل لكلّ همزة لمزة)
وهي جمل ابتدائية غرضها الإخبار, الإخبار في بعضها، والدعاء في بعضها الآخر، وكون هذه السور تصدرتها نكرة، فإنّ "الكثرة من المسوغات قد فتحت الباب أمام كل نكرة لتدخل منه إلى الابتداء حتى صار من العسير الحكم على نكرة – أي نكرة – بأنها لا تصلح أن تكون مبتدأ"(3).
هذا فضلاً عن الاختلاف في إعراب هذه النكرات التي تصدرت السور الأربع يعزز ما ذهب إليه عباس حسن آنفاً.
وتصدّرت (إنّ) من النواسخ في أربع سور التي تحدث تغييراً في اللفظ والمعنى على ما هو معروف لدى الدارسين "لتوكيد النسبة بين طرفي الإسناد(4). وأنّ "التوكيد وهو الأصل فيها"(5). ودلالة الجمل في السور الأربع منزعة من:
إنّا = إننا + فعل ماضٍ : فتحنا.
                          أرسلنا.
                          أنزلنا.
                          أعطينا.
قطعية لتحققها(6).
لكلّ ما تقدم تعددت صور الجملة الاسمية، وتعددت دلالاتها.
......................................
المصادر:
الجملة العربية تأليفها وأقسامها. وينظر كتابه: معاني النحو، دار الفكر/الأردن، ط2، 2002م، 1/15 .
ينظر: علي أبو المكارم: الجملة الاسمية ، مؤسسة المختار/القاهرة، ط1، 2007م، ص133 .
عباس حسن: النحو الوافي، دار المعارف/القاهرة، ط9، 1987م، 1/489 .
علي أبو المكارم: الجملة الاسمية، ص133 .
فاضل صالح السامرائي: معاني النحو، 1/261 .
ينظر: البيضاوي: أنوار التنزيل وأسرار التأويل، منشورات دار الكتب العلمية/ بيروت، ط1 ، 1999م، 2/407 .

تعليق عبر الفيس بوك