ليس هناك أثمن من الوطن

...
...
...

سعد ناجي علوان - العراق


تؤكد جميع اﻵداب والفنون وهي تتشد إرساء العديد من القيم والمبادئ على توفر عامل التسلية كأحد عناصر منظومتها تلك،وقد يتوارى هذا العنصر أحيانا خلف جدية أكبر يفرضها واقع العمل  اﻷدبي أو الفني، مثلما تصر/تحت  سماء  الكلاب / السيرة  الروائية للكاتب العراقي المغترب في كندا صلاح صلاح بطبعتها الثانية عن مكتبة ودار سطور، في بغداد، 2015 بعد طبعتها اﻷولى 2005عن المؤسسة  العربية للدراسات  والنشر  والكتاب سياحة في ميثولوجيا  اﻷلم وبحث موسع في الخراب اإنساني الذي تخلفه الدكتاتورية، ومدارات  القسوة  والظلم  التي تقود الفرد إلى الضياع والقتل والاستلاب ليتم عرض الإنسانية  كأحد بضائع اﻷرصفة وبأبخس اﻷثمان، وما عادت التمظهرات السياسية  والاجتماعية والدينية إﻻ سلما لغنائم السُّلطة.
تُقسم السيرة إلى فصول أو أقسام صغيرة وبأسماء عدة ﻷشخاص وأماكن لينتقل الراوي بسهولة سردية لبث مايريد من رؤى وأفكار وأوجاع ﻻتنتهي... وإن طالت بعض تلك الوقفات عند الطبيعة أكثر مما هي عند الإنسان كي يلتقط أنفاسه ويواصل مارثون وجوده....ومع التتقل الاضطراري بين مدن أربيل ودهوك وشقلاوة التي لجأ إليها هربا من الدكتاتورية الصدامية ظلت زاخو هي جسد  السيرة التي وجد فيها الراوي فضاءه اﻷرحب ليصرخ بلعناته بكل ما يمتلك من قدرات تمثلت بالكتابة المستمرة كسلاح لمحارب عتيد عن أصالة الحلم وديمومته ... وهو يواجه  تمثلات اﻷحزاب والكيانات السياسية ومايسمى بالمعارضة /خلال سنوات انسحاب  الحكومة المركزية من شمال العراق/ ونفاقهم وخياتاتهم وتعاونهم مع حكومة صدام ومع اﻷجنبي عن طريق سمسرة مقيتة حتى باتت كما يقول الكاتب /تنام مقرات الخيانة الوطنية واﻷجنيية جنبا إلى جنب في تآلفات غريبة/وهي تعلن عن تغيير المنطققة طبوغرافيا وأثنيا ودينيا تحت مسمى فضفاض جدا،،،،، إسقاط نظام  بغداد،،،،، وﻻ يمكننا سرد تلك اﻵفاق التي يصفها الكاتب بألم وحرقة كبيرين ﻷن المقال ليس تقريرا يوثق العمل بشكل روتيني بقدر مايبدي وجهة نظر خاصة تحتاج لقراءة شخصية للفرد تفرضها فنية السيرة وموضوعاتها ﻷنها تتضمن إشكاﻻت عدة قد تبدو غريبة وصادمة لقاريء السيرة والروايات الروتيني،،، فالكتاب لغة ونسيجا ليس كتابا للاستمتاع وااسترخاء لقضاء بعض الوقت مع حكاية جميلة هادئة، ﻷنه صفعة قوية لكل مسترخي الوعي وتاركيه، فيما حولنا من حيوات خافية أو متوارية، مثلما  تمتد إلى أفق معرفي جميل يشمل إضافة نوعية لمسار العمل لكنه يفرض وقفة أكبر ودراسات مختصة للبت به بشكل نهائي....، حين ينحدر الكاتب إلى سهول سيكولوجية الفرد الكرديّ.. بجانب الذات التي تنزع إلى الفردية واللقاء بالطبيعة للتماثل معها إلى جذوره الدينية والعشائرية  ووﻻءاته المتعددة والعميقة، وإن إنفكت عرى أي ارتباط وسط تساؤل يكرره الكاتب /لم ﻻيحني الكردي أحلامه بيننا إنه يحمي أحلام اﻵخرين ويظل مشروعا دائما للهجرة فيما ﻻتحكمه سوى سلطات جلدته/.....
ولربما ﻻ نتفق كثيرا أو قليلا مع لواعج السيرة وآﻻمها وإشكالاتها إﻻ أنها تبقى محاولة جريئة وشجاعة تدافع  عن العراق كبلد للجميع وعن اﻷهل كأحبة، وهكذا  سيستغرب أوﻻده/الكاتب  وبطل السيرة/عندما يجدونه يبكي بألم وهو يجتاز جسر إبراهيم  الخليل العابر إلى تركيا ومنافٍ أخرى،،،،،، نعم الحرية غالية؛ لكن ليس هناك أثمن من الوطن

تعليق عبر الفيس بوك