اِغْـفِـــــــرْ لي محبّتي

ربى الحايك - سوريا

 

لداليةٍ من الشوق فوق سحابٍ يرسم حزني أترجمُ تنهّدات القلب على ورقي..
أبحث عن غيثٍ يهطل فوق مساحة الذاكرة، عساه يخمد ألسنة اللهيب في شريان الأيام..
قد شبّ الحنين في قافيتي.. فماذا يملك الحرف أن يفعل؟؟!!
يا أكبر من حكاية.. وأشدّ تأثيراً من حرفٍ على صفحة بيضاء، وأرقى من توصيف أدبيٍّ، وأعمقُ من تشبيه بليغ، وأكثر مما لديّ من حِبر وأفكار..
ماذا يملكُ الحرفُ أن يفعل، وما الذي يملكه ضعفي أمام عتاب القلب لي...؟؟.
**
لاتعتب يا قلب ولاتلُمني..
فأنت لستَ ملكي، والنبض وجعٌ إلزاميٌّ لم أمتلك قراره أو اختياره..
ولا أجد نافذةً تُفتَحُ في وجهي لأفرّ منك إلى الحياة..
هم أحبّتك ياقلبُ.. فلا تلمني..
وما أجملهم أحبّتك، كم هو عظيم عمق شعورك بهم..!!
ما أجملهم رغم أوجاعهم، وجرحنا.. ما أحلاهم وهم يرفضون أن يغادروا البال..
اِغفر لي محبتي التي ترافقني على مقعد المفردات، ترتشف عني دمعةً، وكأس خيبتي بي وبك..
أحبابك يا قلبُ يملّون الصمتَ، وأنا أحبّه وأحترفه حينما يخنقني الكلام..
هم فتحوا الباب لرأسك، وأنتَ تشربتَ من مبادئهم قواعد الحياة، ونهلت من نبع تجاربهم بوحاً خاصاً لامسَ نبضك.. فكيف لك أن تتحدث حينما يخنقك الكلام..؟
أحبابك ياقلب.. ما استطاعوا أن يُترجموا الخطى، وما عرفوا قيمة النبض فلا تلمني،
ولاتجادلني في صمتي.. حاولتُ أن أمنحك الوقت لتحدّق في تفاصيلهم أكثر، فتتعرّف إلى حزنك المقبل لحظة انعطاف وجوههم عند خاتمة الحكاية..
قدّمتُ لهم الوقت.. غير أنني كنتُ أقدم لك روحاً وحياة..
**
يا قلبُ.. اِغفر لي تلاشياً في الفرح يؤذيك..
أحبّتك ينتشرون عبقاً بك وإن غادروك.. ويمتدون إلى كل مكان داخل وجدي.. فلا تُخفي تعطُّرك بهم..  
ولاتتساءل عن هذا المفترق..
ربما أتْعَبَتْهم فرحتك بهم، وربما أنْهَكهم خوفك عليهم، أو ربما فشلوا في العثور على جوابٍ لنبضك.. لكنهم مافتئوا يحتفظون بأمكنتهم مثل ضوءٍ في آخر الحلم، حيث لا دقائق تعلن زمن انتهاء ضحكتهم إذا ما اخترقت حكايتهم دمعة انفعالي بانتظار يدٍ تمتدّ للعبير..
**
أنا لم أُدْمِكَ ياقلبُ.. حاولتُ فقط أن أسرق منهم وجعهم، وأهديهم كلّ فرحتي.. حاولتُ أن أمسح دمعهم، وأن أُمرِّر لهم قلبي..
 أنا لم أُهدِرك يا قلبُ.. حاولت فقط أن أقدِّمك لهم على طبق من الودّ عساك تُثمر خارج قواعد هذا الزمان.
اعذرني ياقلب، ولاتتكبّر.. فأنت وأنا لم نزل ننتظر عبورهم مساحة الرؤيا، والإحساس.
**
لا تدعني أرشف ملح خيبتي، وأهمس للروابي بأن منها من احتضن رقيّ الشعور، ومنها من لا يفتأ يبكي..
هم لون الحب في صوتي، وهم لون الوجع.. هم صراخ القوافي على مشارف قصيدة لم تكتمل..
فارفع نظرك نحو كرسيّ الحبّ حيث الأفق أعلن امتلاءه عبثاً، بينما توقفت صباحاتك على رفّة شمسهم..
فهذه لهفتي..
حدودها تنسكب بين الساعة والانتظار..
إنها لهفتي.. أقوى من جنون أَحِبَّتك ياقلب، تتدلى من أُفق غيَّب وجههم، تمسك بصوتهم.. تعيدهم أطفالا يركضون في رابيتك..
**
كلّما نظّفتُ أو رفعتُ أثاثاً من غرفة ذاكرتي تهتزّ الورود، فأشتمّ رائحةً عَطِرةً، هي ما تختزنها أنت عنهم.. وبينما ينتقلُ الجسدُ من ملجأ لآخر.. تهمسُ الروحُ لترى أن من يتحرّك في القلب يشدُّ أكثر على الوريد..
يا قلبُ..
هؤلاء الذين يتحركون هم الراحلون دون رحمة.. فارمِهم بالمحبّة، وواصل رحيقك بارتقائهم..
ولا تعتب أو تَلُمني.. فقط اغفر لي محبتي..

تعليق عبر الفيس بوك