دُسْــتُ ظِــلًا فانْتـَبَهْتُ

محمد حربي – مصر

)هوية)

صرت شرفة
وطريقاً
وبحراً في المتناول
وخطوة حائرة
بين النوافذ
والظلال
أنا جمع كثير
في لوحة المفرد
المنعزل
وظلي على الماء
كثرة الواحد
المتعدد


    
(مهنتي(
صارت مهنتي رتق طرق
تفر من ثقوبها الظلال
أخزن في أحلامي ظلالا لطرق عارية
أصابعها جسور خشبية
وأقدامها جذوع نخل
وخصرها يضيق.
كأنه قصيدة لا ترى
فيصحو العابرون على غبار في الظهيرة
يتهجى الظمأ
ويحفظ أنساب الخطى
ربما يعود حذاء شهيد
من غربة الطرق


)مصير رصاصة)

أطلَقْتُ رصاصةً على المرآة
من يومِها لم أعُد أرى

***
أوصَتْني رصاصة
قبل أن تغلقَ المرايا بإحكام:
"لا تلتفِتْ للظل
الذي يعيش تحت عقب الباب
إنه في الأغلب
قط ضرير"..
سمعْتُ مواءً
وسارعت بإغلاق نافذة
لكن الرصاصة
عَبَرَت
ولم تجفلْ غزالة كانوا
يدرّبونها على القتل البطيء

***

- كيف تختارين ضحاياك أيتها اللعوب؟
- أغويهم برقصة نموت فيها معاً..
فيُرشدُني عطر الخوف في عيونهم
فأراهم
وأنا مغمضة العينين

***
قالت رصاصةٌ لأختها
وهي تخلع رداءَها استعداداً للرّقصة الأخيرة:
إنهم كاذبون
لا يدفعون لنا ثمناً للموت
ويربحون من موتنا
أشجارا تنمو للأسفل وظلالاً ترقص للأعلى
وغيوما لا تعرف المطر
فلا تتعجلي الرحيل قبل تمام الزهو
واكتمال الأغنية..
فقالت لها وقد أكملت عُريها:
أنا لم أُلوّث نهراً
ولم أقتل قطرة ماء واحدة
ولا أرى عيني ضحيتي
ولا أسخر من موت ضحية
جاءت إلي ولو بالخطأ
وأعترفُ بما فعلت بفارغ
يبقى بعدي ليكشف الاثر
فكيف أخاف الموت
في رقصتي الاخيرة!
***
بعد تمام المذبحة
سقطتا في بئر تعاني الظمأ
فبكتا معا موتاً لا يكتمل
وقصّا قصص الضحايا للماء الشحيح
***
باحت رصاصة وهي في الجُبّ بالنبأ
كيف أغير تاريخكم وأنا أنتحر..
فانا لم أكن يوما شجرة تعلن النار بثدي الفروع
فتحترق الضروع
ولم أك يوما بغيا
فتِّشوا عن الزناد
إنه البرزخ الذي يقودني إليه ربّي
وأنا لستُ بكافرة
***
أخبرني قصّاصو الأثر
أنّ رصاصة المرآة
وجدوها عارية
في القبر
من يومها لم تمطر السماء
ولم أتقن العمى

تعليق عبر الفيس بوك