مسندم.. درة سياحية

 

سيف بن سالم المعمري

تزخر السلطنة بمقومات سياحية متنوعة من مسندم شمالاً إلى ظفار جنوبًا، وتنفرد محافظة مسندم بطبيعة سياحية خلابة، ولعلَّ أبرز ما يميز مسندم سلسلة جبالها التي تتهادى بشموخها على أمواج بحر عُمان والخليج العربي، وتتعانق شواطئها وأخوارها وجزرها لتشكل لوحة بانورامية تعطي بُعدا سياحيا نوعيا للمحافظة، فضلا عن الموقع الاستراتيجي للمحافظة حيث تشرف على مضيق هرمز أحد أهم الممرات الدولية التي تعبر منها موارد الطاقة إلى العالم وسائر البضائع والسلع.

لقد كان الإنسان ولا يزال في هذه المحافظة الجميلة أهم الطاقات المحركة للنشاط الاقتصادي والاجتماعي وقد تحدى التباين الجغرافي والتضاريسي الذي تشتهر به بيئات ولايات المحافظة.

وقد حرصت جمعية الصحفيين العُمانية في كل عام على تنظيم ملتقى ينتقل من محافظة إلى أخرى؛ للتعريف بالمقومات الحضارية والسياحية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتميز بها جميع محافظات السلطنة، وقد استضافت مدينة خصب حاضرة محافظة مسندم النسخة الخامسة من الملتقى الذي شارك فيه أكثر من 70 صحفياً يمثلون مختلف وسائل الإعلام العُمانية ونظمته الجمعية بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص وأقيم خلال الفترة من الرابع وحتى السادس من فبراير الجاري.

وقد حفل الملتقى الخامس ببرنامج نوعي بدءا من انطلاقة الصحفيين من مقر الجمعية بمسقط مرورا بولايات محافظتي جنوب وشمال الباطنة، ثم الانطلاق بالعبارة من ميناء شناص حتى ميناء خصب في رحلة بعرض بحر  عُمان امتدت لثلاث ساعات كانت فرصة ملائمة للاستمتاع بالمناظر الخلابة لسلسلة جبال مسندم والجزر المتناثرة والتي شكلت بُعد جماليًا فريداً من نوعه.

ثم كانت الرحلة البحرية للمشاركين في الملتقى لخور شم والذي يُعرف "بنرويج العرب"والذي يعتبر محمية طبيعية تمتد لـ16 كيلومترا في المضيق البحري مع المياه النقية المتلألئة والذي يضم بين أحضانه عددا من المناطق السكنية والجزر ذات التضاريس الجمالية المتباينة كقرية نضيفي التي تعد أولى القرى على مدخل خور شم، وقرية قانا التي تشتهر ببيوت الحجر النموذجية، كما يُمكن مشاهدة قوارب الصيد القديمة والتي كانت تعرف بـ"الباتيل"، وقرية "مقلب" التي تعتبر كمنطقة أقصر مسافة بين الساحل الشرقي مع المضيق البحري القادم، وجزيرة التلغراف التي بنيت فيها محطة التلغراف البريطانية في عام 1864 وتم مد كابل تحت الماء من الهند إلى البصرة في العراق، للحصول على اتصال التلغراف بين الهند وإنجلترا، وتحيط بالجزيرة الشعاب المرجانية والتي تعد من أفضل الأماكن لممارسة رياضة السباحة والغطس، وجزيرة صيبي التي تقع في نهاية المضيق البحري والتي تمثل مكان ملائماً للسباحة والغطس.

وقد شاهد المشاركون في الملتقى الدلافين ورقصها فوق مياه بحر عُمان النقية المتلألئة.

وتضمن برنامج افتتاح الملتقى جلسة حوارية حول المقومات والفرص الاستثمارية في محافظة مسندم والتي أدارها الإعلامي القدير يوسف بن عبدالكريم الهوتي وشارك فيها كبار المسؤولين بالمحافظة، ممثلاً بكل من: سعادة السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي محافظ مسندم، سعادة الشيخ/ عبد السلام الكمالي عضو مجلس الشورى بولاية خصب، ورائد الشحي رئيس مجلس إدارة غرفة مسندم، وسالم الناصري مدير المكتب التنفيذي للاستراتيجية الشاملة لمحافظة مسندم، وموسى الريامي مدير إدارة السياحة بالمحافظة، وبحضور المشاركين بالملتقى ولفيف من مشايخ وأعيان المحافظة، وقد كشفت الجلسة الحوارية عن الكثير من الصعوبات التي تقف عائقًا أمام رواج النشاط الاقتصادي والسياحي بالمحافظة، والتي من بينها عدم ملاءمة الكثير من القوانين والإجراءات الحكومية للطبيعة الجغرافية للمحافظة، وعدم استثناء المحافظة من تلك الإجراءات لخصوصيتها كمحافظة حدودية، وتوقف الرحلات عبر العبارات من مسقط إلى مسندم في عام 2016، واقتصارها على الرحلات من شناص إلى خصب، رغم مطالبات الأهالي الملحة لوزارة النقل والاتصالات لإعادة خط سير العبارات حسب الأوامر السامية لجلالة السلطان المعظم منذ عام2008.

كما يطالب أهالي المحافظة برفع عدد رحلات الطيران العُماني إلى مطار خصب من رحلة يومية واحدة طوال أيام الأسبوع باستثاء يومي الخميس والسبت بمعدل رحلتين.

إن الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به محافظة مسندم يتطلب مضاعفة الجهود وتكاتف جميع المؤسسات المعنية لتنفيذ استراتيجية تنمية المحافظة والتي بدأت فعلياً في عام 2016، لكنها بحاجة إلى مضاعفة الجهود وتقييد تنفيذ المشاريع التنموية التي تخدم القطاعات الاقتصادية والسياحية والاجتماعية بجدول زمني محدد، فموقع مسندم على مضيق هرمز الممر الدولي الأكثر حيوية، وقربها من الأسواق المجاورة الأكثر نشاطًا في الحركة الاقتصادية والسياحية يتطلب من جميع مؤسساتنا بناء خطط تنموية نوعية قصيرة وبعيدة المدى، وتأسيس المشاريع السياحية التي تتناغم مع طبيعتها الساحرة كرحلات المغامرات واستثمار الجزر والأخوار بالمحافظة لمشاريع نوعية.

كما إنه من الأهمية البالغة أن يتم الاستعداد الأمثل لاستثمار التظاهرات الاقتصادية التي تشهدها دول الجوار بما يخدم ويُعرف بالمحافظة والتي يجب أن تكون من الأولويات الاستراتيجية التي لا يمكن أن تغفل عنها الجهات المعنية، فضلا عن أن حركة السياحة الداخلية من عموم محافظات السلطنة إلى مسندم ومن المواطنين خاصة لا تزال بحاجة إلى تسهيلات أكبر في حركة النقل الجوي والبحري وكذلك البري، حيث لا يزال الكثير من أبناء محافظات السلطنة لا يعرفون عن مكنونات هذه المحافظة. ومن وجهة نظري والتي أجدها تتفق مع رأي الكثير مِن أبناء محافظة مسندم أنه لا يوجد تحدي لاستثمار موقع مسندم أكثر من أن تضع المؤسسات الحكومية يدها بيد بعض وتبسط إجراءاتها للنهوض بالمحافظة.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،،

saif5900@gmail.com