خــارج التكـويـن

علي سرمد - العراق


حين كنتُ أستعيدُ شَهوةَ النار
وأستنزفُ الأسئلةَ
وأتسلَّلُ مثل الضّباب إلى سديم الكلمات
حاصرني الغزاة،
رموا كلَّ بنادقِهم في فضاء الحرف
وأخرجوا سهام الوقت من أنفاسهم
وقيل:
 إنّ صديقي كان هلاميًّا لا ينثني تحت أباطرةِ التأويل، يرفعُ سيفَه كشجرةٍ عاريةٍ في بطون مَن لا يغوصون في المعنى مشرَّداً.
غير أنَّني لا أعرف عنه شيئاً سوى أنّ خطواته كانت تستدرجني مثل رائحة الخبز.
وأعرفُ أنّني جالسته طويلا، أضع قلبي عند بوابةِ حلمه، وأزيِّن له الأحلام كضوءٍ أثيرٍ يبحث عن ثقبٍ في جدارِ الكون.
وأعرف أنّنا كنّا نسير معاً، مثل البحر وظلِّه،
كلما هاج بنا الشوقُ فتحنا قلبينا للأسماك الشاردة من إثم الحيوانات المتوحشة
وأعرفُ أنّني كلَّما مشى بي البياضُ لم أعدْ أتذكَّر شَكلَه جيدا، ولم يخطر ببالي ذات يومٍ أنْ أسأله عن اسمه، ومن أين جاء،
كنا نروفُ أحلامنا  معا
نسيلُ مثل زبر الحديد على خدِّ الماء
كانا يأجوجَ ومأجوج حولنا ينشدان أساطيرهم عن الجوع والسكينة فأطعمهم بما يفيض به القلب من الحب وآويهم بين أضلعي
ينالني الوهم فقط عندما أحرِّك أصابعي أمام عيني، أشعرُ كأنها قطعٌ من الجليد أو نهرٌ عارٍ يحتضنُ مخلوقات الله بعيدا عن سمائنا المتخمة بالغيوم الظمآى.
لا شيء يتجلَّى في هذا الصبحِ الذي يتنفسُ رئةَ الهواء
ويكتبها على خيطِ نايٍّ
سوى بقايا أوهامٍ تكدَّست في مخاض الحقيقة
وأُخرِجتْ بزي العذارى.
ربما كان صديقي وردة ضائعة في الهباء
 أو فكرةً عابرةً تنداحُ فيها الخيامُ
وتنثالُ فيها ملائكةُ البحرِ
كريشةٍ في انعدام الهواء.

تعليق عبر الفيس بوك