عُمان تستوعب الجميع

 

علي بن كفيتان بيت سعيد

قبل أن نخوض في التفاصيل لا بد من توضيح أمر مهم قد يكون غائبا عن كثير وهو أنّ عُمان تستطيع أن تستوعب كل أحلام وطموحات أبنائها لأنّها وطن عظيم رغم كل العثرات ظل واقفاً محتفظاً بهيبته وعنفوانه، واستطاع النهوض مجدداً مثله مثل أعظم الشعوب على هذه الأرض، ولا نبالغ إذا قارنا أنفسنا باليابان فالأمر قبل الثالث والعشرين من يوليو 1970 لم يكن غير بقايا وطن محطم، وأناس منهكون تنهشهم عاديات الزمن. تجمّع الشتات على يد رجل وهب نفسه لعُمان، ولملم جراحاتها، وصبر على كل الأخطاء التي صاحبت التغيير بروح الأب الحاني المتسامح مع أبنائه وأخر تلك المواقف الخالدة كانت عقب اعتصامات 2011 حيث تمّت الاستجابة لجميع المطالب بلا استثناء بما فيها أحداث تغيرات هيكلية كبيرة في الحكومة، وأوضحت بجلاء أنّ القائد - حفظه الله - يقف على مسافة متوازية وعادلة من الجميع.

السلطان - حفظه الله - ليس لديه تركة لتقسيمها أغلى من المحبة التي زرعها فينا وقيم الوئام والتسامح التي أفنى جل عمره لتوطيدها بيننا، وإعلاء مبدأ المواطنة الحقيقية، وبناء دولة المؤسسات والقانون التي تضمن العدالة والشفافية بين جميع المواطنين على هذه الأرض التي ظلت وفية ومخلصة لنا جميعاً. عُمان هي الوطن الكبير والحضن الدافئ الذي لم يبخل علينا بعطاياه بل ظل كريماً رغم جفاء أنفسنا وقِلّة حيلتنا في استنباط الحلول وابتكار الفرص في بعض المراحل التي ربما نعيش إحداها اليوم.

عندما نغلق على أنفسنا ذلك الصندوق ونعتقد أنّ جميع الفرص توجد بداخله فنحن مخطئون يجب أولاً أن نحرر ذواتنا من زواياه الصارمة، وأن نفكر مثلما يقولون بالأشياء التي خارجه، وهي كثيرة وليست محاطة بخطوط أو دوائر وهمية ظللنا نرسمها ونكبل بها أنفسنا، ونسبح في مجراتها غير المتناهية حتى اليوم.

قضية الباحثين عن عمل في السلطنة يجب أن تناقش بشفافية على أنّها واحدة من الأمور التي يجب معالجتها من أساسها وليس عبر المسكنات الموسمية، والضغط من قبل القطاع العام الذي أصبح متخما بما فيه الكفاية على القطاع الخاص لتفحص مدى ولائه للتراب الوطني عن طريق استهلاكه للقدر الأكبر من المخرجات غير المؤهلة التي أفرزها نظام تعليمي ظل يعمل كحقل تجارب ضحاياه مخرجات باتت تشكل عبئا على البلد بأكمله. وزارة القوى العاملة وحدها تحاكم اليوم عن أخطاء لم تقترفها وهنا لا بد من الإشادة بمخرجات كليات التقنية التي تشرف عليها هذه الوزارة فهم اليوم الأكثر قبولاً لمؤسسات القطاع الخاص والعام، لأنّ الوزارة علمت حاجة العمل فاختطت لنفسها نظاما تعليميا ومهنيا أخرج كوادر تتخطفهم المؤسسات.

إنّ النظام التعليمي بالسلطنة بشقيه العام والعالي يتحملان وزر الزج بالآلاف من الشباب إلى الحياة دون مهارات أو قدرات تنافسيّة عالية؛ إنّ هذا النظام يجب أن يعالج أولاً إذا ما أردنا إيجاد حل حذري لقضية الباحثين عن عمل فعندما نسلح أبناءنا بعلم حقيقي يستطيعون من خلاله المنافسة في أسواق العمل الخارجية إذا لم نستطع توفيرها في الوطن، لكنهم اليوم مكبلون بشهادات ورقية لا تسمن ولا تغني من جوع سلحتهم بها تلك المؤسسات ومن المضحك المبكي معاً أن يسقط معظم هؤلاء في أول اختبارات ومقابلات العمل التي تجريها مؤسسات عامة وخاصة في السلطنة.

عندما خطفت الناقة "سمهرم" لقب شوط الرمز الذهبي في ميدان جماح بالمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي ضمن مهرجان الملك المؤسس فرح الجميع وتبادلوا ذلك الفيديو المثير الذي بين اندفاع "سمهرم" في آخر 200 متر وخطفت الذهب فرُفعت الشعارات، وتطايرت المصرات، وعلت الشيلات، ونسب الإنجاز للسلطنة وقائدها - حفظه الله - الذي يولي هذه الرياضة التقليدية عناية خاصة، ولكن لولا توفيق الله أولاً ومن ثم الروح الوثابة للمضمر حمد بن محمد الوهيبي واشتغاله على ناقته لفترة ليست بالقصيرة لما سبقت وأسعدتنا، والأمر ذاته ينطبق على جودة التعليم في السلطنة متى ما أيقننا بأن المُعلم هو الصانع الأول للمجد وأنّ مؤسساتنا التعليمية تعمل في الإطار الصحيح؛ لن تصبح لدينا مشكلة اسمها باحثون عن عمل.     

alikafetan@gmail.com