مونودراما: أمراء الجحيم

عبد الرزاق الربيعي - مسقط

 

(يفتح الستار على مكان يوحي بالجدب والخراب.. يمتليء المسرح بحطام بيوت مهدمة، وأنين متقطع، ينطلق صوت أذان الفجر من مكان بعيد، يدخل إيَّاد، شاب ملتح في أواسط الثلاثينيات  من عمره يرتدي دشداشة قصيرة، يسير على خشبة  المسرح بحذر، متحسسا بطنه حيث يلف الحزام الناسف،  يحمل ورقة صغيرة في يده بها معلومات عن المكان, بعد أن يتأكد من أن هذا المكان هو المقصود بالعملية،  يلتقط أنفاسه، متنفسا الصعداء،  بعد لحظات ينطلق من خارج المسرح صوت انفجار، تعقبها أصوات إطلاق رصاص، صفارات سيارات إسعاف, حركة صاخبة تعكِّر صفو الفجر..أصوات غربان)
أصوات: الله اكبر,
الإرهابيون فجَّروا مسجدا مليئا بالمصلين... أوغاد...سفلة...
إيَّاد: الله اكبر...الله أكبر ....إذن أصاب قيادة الهدف... وذهب مسرعا إلى الجنة ليفطر مع رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه)... ذهب بعد أن اقتَّص من الكفرة.. لابد أنه حصد عشرات الرؤوس العفنة منهم... فنال شرف الشهادة.. لقد أصبح الآن أثيريا كأنفاس الملائكة الصالحين.. وسألحق به.. سألحق به دون إبطاء.. فالمائدة هناك تنتظرني بكل مباهجها.. وأطايبها.. سألتحق به وببهجت سائق الشاحنة التركي الذي غادرنا أمس... سألتحق به لكن ليس الآن... الأدوار مرسومة بدقة... والخطة تُنفذ حرفيا.. سأكون آخر الملتحقين بالمائدة.. أمامي وقت.. حتى يتجَّمع أكبر عدد من عمال البناء في هذه الساحة التي سأصبغها بلون الدم.. سأجعل الأعضاء مختلطة فلا تعرف يد من جسدها ولا تعرف يد من صاحبها.. ولا يعرف رأس الكتف الذي كان يستند عليه.. سأجعل عاليها سافلها.. أما أنا.. فسأصبح أثيريا.. تحف بموكبي الملائكة.. ههههههه.. رحمة الله عليك يا قتادة.. مِتَّ بعيدا عن أرض مصر بعد أن غادرتها قبل عشرين سنة للعمل في العراق.. فتزوجت منها.. وطاب لك العيش فيها.. انتهت آلامك مع الغربة.. ومع زوجتك... لكن لا عليك.... انتظرني على الفطور.. خذ إغفاءة صغيرة.. هيلا هب.. ودون أن تشعر ستجدني معك.. أنا وبقية أفراد المجموعة: هاني وحسن زادة ومنصور وبكري.. بعد أن  نجعل هذا الصباح جحيميا على الكفرة والصليبيين كما قال شيخنا الأمير (أبو دلامة في اجتماعه الأخير بنا مساء أمس).
(يرتدي قناع أبي دلامة... والمشهد يوحي بطقس تنويم مغناطيسي في عيادة للتنويم المغناطيسي..)
أبو دلامة: طلبناكم للاجتماع لأمر هام, رغم أن عددنا فقد واحدا... الشهيد بهجت..  وقبل كل شيء لا بد أن نقرأ الفاتحة على روحه.
الجميع (يقرأون سورة  الفاتحة) الله يرحمه... ويحسن إليه.. هم السابقون ونحن اللاحقون، إياد (يرفع القناع ويعود للمشهد الأول) طبعا بهجت كان ينقل البضائع من تركيا إلى العراق, كان  مجرد سائق شاحنة  بريء لم يكن يعلم أن البضائع التي ينقلها كانت فاسدة.
(يتغير المشهد.. يرتدي  إياد قناع بهجت)
بهجت: ما الذي تريده مني  مولاي الأمير؟ لقد فعلت كل الذي أمرتموني به.. أنا لا أنكر أفضال جماعتكم علي.. لا يمكن أن أنكر هذا.. لقد سهّلتم تصريف بضائعي، وحميتموني من المجاهدين الذين يقطعون  الطريق على الشاحنات, بل إنكم أسبغتم عليَّ الأموال…لا أنسى أفضالكم أبدا خصوصا بعد أن خدعتني جماعة أغا وحملتني بضاعة فاسدة, هذا ما كشفتموه لي أنتم وتسترتم عليَّ, فبعت البضاعة - وتضاعفت أرباحي....لا طبعا لا أريد أن أسجن أو أموت... إذا كان الأمر فقط أن أوصل شاحنة الخضروات للسوق، فأنا مستعد... أنا مستعد.. وكذلك على استعداد لبيعها أيضا... اتفقنا إذن... الله معك.
(إياد يرفع القناع) ومشى المسكين إلى مصيره المحتوم... لم يكن يعلم أن أبا دلامة كتب له الشهادة... حيث دس موادا متفجرة داخل الخضرة.. و.... بواسطة ضغطة من الكنترول انتهى كل شيء (صوت انفجار ... يرتدي قناع أبو دلامة)
أبودلامة: أنتم تعلمون أننا جئنا اإى هذا البلد الطيب لأنه في محنة، وهو جار لنا وحق الجار على الجار, الواجب المقدس يدعونا والجنة تنتظرنا, فلا بد أن نفعل شيئا لترابه الذي دُنِّسَ لأن المحتل داسه والناس ابتعدوا عن الدين وتمرغوا في الضلالة,  وكل من سكت على هذا فهو كافر وكل كافر إلى النار.. وقتل الكافر جهاد.. إذن عليكم بهم..لا تأخذكم بهم شفقة ولا رحمة.. انسفوهم نسفا عن بكرة أبيهم وجدهم..لا ترحموا طفلا ولا شيخا ولا شجرة ولا أنبوب نفط!! اجعلوا نهاراتهم ظلاما دامسا ورعبا وخوفا.. اقطعوا رقابهم كالخراف بلا رحمة  كما رأيتم أميركم يفعل (يقولها بفخر واعتزاز مشيرا إلى نفسه بحركة بهلوانية)  اسفكوا دماءهم .. عيثوا بأرضهم فسادا.. أجهزوا عليهم ذبحا وتقتيلا.. اغتصبوا نساءهم رحمة كما رأيتم أميركم يفعل (يكرر الحركة السابقة) قطعوا أثداءهن المنتفخات بالحليب الآسن.. حليب الرذيلة.. فيتحسر أطفالهم حتى على (النيدو)!  ليعمَّ الخراب في هذه الأرض الخربة.. لينشب الطاعون أنيابه في أرواح أهلها المثقلة بالدنس والخطايا وكل ما يغضب الله.. ليأكل السُّل عظامها وصدور رجالها الكفرة, اجعلوا الموت غاية ما يتمنون لأنهم ورثة الشيطان.. (يصمت قليلا)  يا شباب الجنة .. لقد جئتم إلى هذا المكان لتكفروا عن أخطاءكم الكبيرة, ليعفو الله عنكم ويدخلكم الجنة بغير حساب.. كلنا خطاؤون.
أبوكم أدم سنَّ المعاصي
وعلمكم مفارقة الجنان
وأنا جئت لأجعل الجنان تسعى إليكم، نعم الجنان بحورياتها وأنهار الخمر، فتتمتعون بلذة الشراب والنكاح، والأكل من ثمارها الدانية، لقد جئتم إلينا مثقلين بالذنوب والرزايا، فإياد لم يلتحق بنا في المسجد إلا بعد أن عمل المعاصي التي يندى لها الضمير.
إياد (يخلع القناع، يتكلم كأنه ثملٌ):
دع المساجد للعباد تسكنها
وقف على دكة الخمار واسقينا
ما قال ربك ويل للألى شربوا
بل قال ويل للمصلينا
لقد أمضيت سنوات عمري في الحروب الخاسرة.. فخسرت شبابي... وخسرت شقيقي الأكبر عماد الذي قتل في الحرب مع إيران.. لكنني نجوت من الموت في تلك الحرب التي دخلتها فتيا, عندما اثبت بسالتي في صد أحد الهجومات في (ديزفول) فقلدوني وساما.. ووضعوني في الخلفيات ضمن فرق الإعدام التي تنفذ أحكام الإعدام السريعة في الجنود المنسحبين إلى الخلفيات ... (كأنه يخاطب مجموعة من الجنود في ميدان قتال تسمع أصوات انفجارات ) ق......ف  لا تتحرك ... أنتم محكوم عليك بالموت.... جبناء... أنتم لا تستحقون الحياة... النصر قدرنا.. لا مجال للهزيمة... هكذا يردد القائد دائما... إذن لابد أن تموتوا ... أنتم فواصل بين موتين.. الموت برصاص  الأعداء.. والموت برصاصنا.. وأنتم اخترتم الثاني .. لأنكم جبناء... لو كنتم شجعانا لاخترتم الموت برصاص الأعداء... كان عليكم أن تثبتوا في الأرض التي أراد القائد أن نحتلها.. لا أن تنهزموا كالفئران... والآن يجب أن تموتوا برصاص يطلق عليكم من الظهر... لتتذكروا هذا العار يوم القيامة (مع كلمة القيامة يطلق النار باتجاه الجمهور) وهكذا نِلتُ وساما آخر وانهالت الأوسمة عليَّ..هههههه والدنانير... والسيارات.. والرتب وقطع الأراضي.. حتى جاءت أمريكا بجيوشها اللعينة فهرب من هرب من رؤسائي ووجدت نفسي ملقى على الرصيف بلا عمل.. مطارد من عيون ضحاياي وذوبهم.. لم يهنا لي نوم... ولم يطبق لي جفن.. لأنني محكوم عليّ  بالموت عاجلا أم آجلا،  فكان لابد لي أن أموت بإرادتي.. أن أضع حدا لخسارتي... فوجدتكم.. درعا يحميني من أعدائي.. لكن هذا الدرع حبّب لي الموت من جديد بشكل لا أعرف له تفسيرا (يبدو مثل النائم مغناطيسيا وأبو دلامة يأخذ هيئة منوم مغناطيسي).. الموت وليس سوى الموت ... لألتحق بأخي  عماد.. هو أفضل مني.. على الأقل ترك سليما.. ولده الوحيد... أما أنا فسوف لن أترك شيئا... سوى الخسارات.. (يرتدي قناع أبي دلامة).
أبو دلامة: ستربح الجنة يا إياد.. (يواصل) لقد تاب أخوكم إياد إلى الله وعرف أن الطريق إليه لن يكون إلا بالجهاد في سبيله.. والله يقبل التوبة ولكن التوبة تحتاج إلى برهان والبرهان بين وواضح اقتل كافرا تظفر بالجنة بغير حساب ولا كتاب ولا هم يحزنون!!! أليس كذلك؟
إياد: نعم مولاي الأمير.
(يواصل أبو دلامة) وأنتم كذلك  (يوجه خطابه إلى قتادة) وأنت يا  قتادة أ لست من عائلة معدمة لكن شاءت رحمة الله ان زوجك جارتك  الجميلة جداً  والتي تكره الفقر وتطمح للعيش برخاء فسيطرت عليك بجمالها  وجعلتك أداة طيعة بيدها (يرتدي قناع امرأة تتكلم بغنج) أيها الرجل الكسول, يبدو إنني أخطأت فعاقبني الله بك
قناع قتادة: وربما أحسنت في حياتي فأكرمني الله بك
قناع الزوجة: وهل وجهك وجه حسنة؟ أيها اللاشيء
زوجة قتادة:حسبي إنك كل الأشياء
قناع الزوجة : نعم أنا كل الأشياء وهذا سر عذابي بك
قناع قتادة: وماذا تريدين مني؟ اطلبي وأنا سأنفذ
قناع الزوجة: تحرك.. اعمل ..
قناع قتادة: لم يبق باب لم أطرقه
قناع الزوجة: لدي قريب يعمل في جهاز الأمن
قناع قتادة: الأمن؟
قناع الزوجة: نعم, إنه عمل شريف ونظيف وأجره كبييييير(تشدد على الكلمة الأخيرة) وسأوصيه أن يساعدك ويجعلك تجتاز الاختبار  بسرعة.. اثبتْ لي انك رجل وأنك تحبني ولن ترد لي طلبا
قناع قتادة: لكن ؟
قناع الزوجة: لكن ماذا؟ هل ستظل مترددا؟ الكل يتمنى هذه الفرصة, وأنا أقدمها لك على طبق من ذهب يا لحظي التعيس !!! (تتظاهر بالبكاء)
قناع أبي دلامة: وظلت تلح عليك حتى جعلتك توافق إرضاء لها, وهناك سلخوا ضميرك  فاثبت كفاءتك وكثر رزقك وارتفع شأنك ونلت رضي زوجتك ههههه  وثقة المسؤولين فكلفوك بمراقبة جماعاتنا  من خلال التردد على المساجد، حتى تعرفت على احد أتباعنا  الصالحين حيث كانت هدايتك, وكشفنا لك أن زوجتك كانت تخونك مع ابن عمها المسؤول الكبير الذي ساعدك في العمل بجهاز الأمن.
قناع قتادة: أيتها الفاجرة... لقد عرفت الآن حقيقتك.. لقد كنت أكذوبة تمشي على قدمين.. لذا حكمت عليك بالموت موصومة بالعار (صرخات امرأة...)
قناع أبي دلامة: نحن أصحاب فضل عليك.. لقد بصَّرناك وعندما أصبحت قاتلا حميناك من السجن  يا قتادة.
قناع قتادة: لقد أصبحت حياتي بعد اكتشاف خيانة زوجتي جحيما.. لا يطاق.. ثم إنني صرت مطاردا بعد سقوط النظام من قبل الجميع ممن أوصلت أبناءهم إلى المقابر الجماعية, وخصوصا بعد كشف ملفات الأمن , لذا كان لابد من أن الجأ إليكم
أبو دلامة: بارك الله بك    يتجه إلى حسن زادة ) وأنت ياحسن زادة  ألم تكن تعيش أزمة نفسية بسبب إدمانك المخدرات واضطرارك لحاجتك الماسة للمادة للمتاجرة  بها من خلال ترددك على كربلاء؟ حتى ضبطناك متلبسا بالجرم المشهود.
حسن زادة (جاثيا على ركبتيه) : ارحموني, ابقوا على حياتي, مستعد أن أكون خادما لكم, خذوا كل ما بحوزتي, أبقوني على قيد الحياة ولو ليوم واحد, أرجوكم, أتوسل إليكم, خذوا كل ما أملك أرجوكمأ, لا تسلموني إلى الشرطة.
أبو دلامة: ورحمناك, وصرت أخا لنا فأنقذناك مما أنت فيه من بلوى,  وكنت على شفا جرف هار, فاستدرجناك إلى تنظيماتنا وصرت عضوا فعالا وماهي إلا شهور مرت حتى طلبت منا وعن قناعة كاملة  أن تقوم بعمل يرضي الله لتكون الشهادة من نصيبك.
وأنت يا منصور  ألم تكن يائسا من حياتك بعد فشلك في الدراسة الجامعية وانقطاع المساعدة الحكومية التي كانت تصل إليك من الكويت, بعد طردك من الجامعة وبقيت ضائعا, بلا مأوى حتى آويناك ووفرنا لك متاع الحياة الكريمة حتى هداك الله وطلبت منا أن ندربك لتنال الشهادة على أرض العراق.
منصور: الحمد لله على هدايته
أبو دلام: وأنت يا هاني ألم يزج بك في السجن ظلما بعد اتهامك بجريمة قتل, فاستطعنا تهريبك من السجن بعد أن تعرف عليك أحد أتباعنا داخل السجن ولم تجد ملجأ سوانا حيث قمنا بتهريبك من بلادك وجئت إلى هنا فآويناكم بعد ضياع وأشبعناكم بعد جوع؟ لتختار هذه الطريق و(ينظر إلى بكري) حتى أنت يا بكري..أنت طلبت منا أن نقبلك معنا بعد أن فقدت القدرة على السير بعد انفجار لغم بك أدى إلى بتر قدم رجلك  اليمنى  في حرب أفغانستان.. قلنا لك: الجهاد يحتاج إلى جسد قوي.
بكري: هناك أشياء لا تحتاج إلى أقدام.. هناك أشياء لا تحتاج إلا إلى إرادة وتصميم.. وأنا بعد عودتي اإى تركيا من حرب أفغانستان معاقا.. وجدت حياتي لايمكن أن تكون إلا على فوهة بركان.. قلت لنفسي لابد أن أواصل المسير... لأن أعمل عملا يجعلني أقف على قدمي ثانية ولو في العالم الآخر... فما قيمة الحياة لرجل مثلي خرج لتحرير العالم من الكفر فعاد خائبا فاقدا  لكل شيء  حتى قدمه .. الموت أفضل لي .. أفضل بكثير.

أبو دلامة (يتجه للآخرين) رائع جدا.. الموت رائع.. إنه أفضل من حياة تدب على كرسي متحرك.. كلكم تجلسون على كراس متحركة... أتعرفون لماذا؟ لأن أقدامكم على الأرض.. المليئة بالغبار... لم لا تذهبون إلى السماء المبجلة بالنور؟  لقد جئتم إلى تنظيماتنا باختياركم.. لقد أملت عليكم عقيدتكم هذا.. اخترتم هذه الطريق لتتخلصوا  من حياتكم الرثة إلى ما هو أفضل .. إلى الحوريات اللواتي ينتظرنكما.
..
(إياد يرفع القناع برهة)
إياد : لقد زرعنا العبوات الناسفة ..وخطفنا ..وذبحنا الرقاب ما المطلوب منا اليوم  يا شيخي؟
أبو دلامة: أنا اعرف إنكم قمتم بكل هذه الأعمال الهادية.. ولهذا دعوتكم للاجتماع بكم.. لقد اخترتكم بدقة  نظرا لبسالتكم... وقوة عقيدتكم... ما أريده اليوم مختلفا تماما.. لم نعد بحاجة إلى زرع العبوات الناسفة, لقد وصلتنا دفعة جديدة من الشباب المجهدين الذين سيقومون بهذه الأعمال البسيطة.. أما أنتم فقد اخترت لكم ماهو أفضل وأعظم... (تبدو الحيرة على الجميع) لقد من الله عليكم بالشهادة
الجميع : الشهادة؟
أبو دلامة: نعم.. سنسند إليكم مهمة عظيمة...استشهادية ...
الجميع : استشهادية؟؟
أبو دلامة (غاضبا): مابكم؟ يبدو أنكم غير مصدقين هذه البشارة!! من حقكم فإنها بشارة عظيمة.. كلنا نتمنى ان ننال الشهادة.. التي هي هدفنا جميعا.. أيها الأبطال قدموا أجسادكم قربانا للجنة وقد أحضرنا لكم أحزمة ناسفة لا تبقي ولا تذر.. (يوزع الأحزمة الناسفة عليهم) اربطوها على أجسادكم الطاهرة (يبدو الذعر على الوجوه) ما بكم؟.. إنها حبل النجاة من النار التي تحيط بكم.. اربطوها جيدا.. وهناك في السماء عندما تحلقون مثل الطيور.. (أصوات غربان)  ستجدون مالذ وطاب .. اربطوا أحزمتكم.. فإنها لا تبقي ولاتذر على أحد من أعدائنا الكفرة الفجرة.. لترتقوا معارج السماء.. فتصبحوا في صف الأولياء الصالحين... اربطوها..لا تترددوا ..(يصمت) يبدو أنكم في حالة إرهاق.. خذوا رشفة من هذا السائل المقدس.. (يمررمادة مخدرة عليهم.. بعد قليل يشعرون بالاسترخاء... ويصبحون مطيعين لأوامره.. كأنهم في حالة تنويم مغناطيسي.. ستمر في دعوتهم الى ربط الأحزمة ويخفت صوته تدريجيا ...يلفون الأحزمة بكل طاعة) والآن حان وقت توزيع المهمات (يصمت) ياقتادة ..أوكلنا إليك مهمة تفجير مسجد للكفرة (صوت انفجار)
الجميع بصوت واحد: مبروك لك الشهادة  ..الله أكبر
أبو دلامة : وأنت يا منصور فستفجر مدرسة ابتدائية للبنات ..أما أنت يا هاني فستنسف بحزامك كنيسة مريم في الكرادة,   نريد ان نطلق عواصف الفوضى , نكسر المحبة , نطفيء شموع الآحاد تحت فتات النواقيس التي ستكف عن القرع (أصوات صلوات في كنيسة), نشن حربا صليبية هههههه (يضحك صوت أجراس كنيسة تقرع ثم تخفت تدريجيا)  وهذا عنوانها, أما أنت يا حسن زادة  فستفجر مرآبا  للسيارات المتوجهات للجنوب (صوت انفجار).
الجميع بصوت واحد : مبروك لكما الشهادة (يتبادلون العناق والتهاني)  ..الله أكبر
بكري ( يزحف على كرسيه المتحرك) : وأنا؟
أبو دلامة: أنا وأنت سنقوم  بعملية مركبة.. في ساحة جد حيوية... وعزيزة على قلوب العراقيين... إنها ساحة التحرير.. وبالتحديد تحت نصب الأوثان.. نصب التشبه بمخلوقات الله.. ... نصب الحرية.
بكري: نعم.. نعم.. مهمة عظيمة...بل شرف عظيم ان أكون معك في العملية.. لكن كيف؟
أبو دلامة: دعني اشرح لك تفاصيل العملية..انت تعرف حاجة العراقيين لقناني الغاز هذه الأيام بعد ان فجرت جماعات تابعة لنا أنابيب الغاز في الدورة ...سأكون بهيئة بائع لقناني الغاز بأسعار اقل من الأسعار الموجودة في السوق من باب نيل الأجر والثواب ..(تخفت الإضاءة ..يغير أبو دلامة هيئته يصيح): غاز ..غاز ..القنينة بألف دينار..ألف دينار فقط... نريد الأجر والثواب...هلموا  ..هلموا ...(كأنه يخاطب أناسا متجمهرين) لن أبيع أية قنينة الا بعد ان يعلم القاصي والداني بهذه الهبة ..هذه الرحمة التي نزلت عليكم..غاز ..غاز.. غاز.. سابدا بعد قليل بالبيع.. حسب حاجة كل فرد..أريد أن يثبت كل فرد منكم ابنه بحاجة أكثر من سواه ...هلموا إلي ..غاز ..غاز..
الشرطي: ما هذه الفوضى؟... ما هذه الفوضى؟ أيها العجوز.. ماذا تفعل في هذا المكان؟
البائع: الا ترى إنني أبيع الغاز ...؟ الا تريد أن ترحم هؤلاء المساكين الذين لا يملكون ثمن قنينة غاز من السوق السوداء؟
الشرطي: أين بطاقتك؟ (يدقق فيها) لابد من تفتيشك.. المندسون كثيرون.. لا بد من تفتيش كل شيء في العربة (يفتشه بدقة.. لن يجد شيئا. يفتح الباب الخلفي للعربة.. يفتش عددا من القناني..ثم يذهب.يقفل أبو دلامة الباب الخلفي للعربة من جديد .يدخل المسرح  بكري على كرسي متحرك).
 قناع أبي دلامة : افسحوا المجال أيها الطيبون النشامى لهذا الرجل المقعد..أفسحوا المجال.. أكيد ان لديه عائلة مثلكم...افسحوا المجال...دعوا هذا الرجل المقعد يكون أول من أبيع له الغاز .. إنه بركة.. أنا أتفاءل به.. افسحوا يفسح لكم في الجنة... (يفسحون له ..يحاول أن يفتح الباب الخلفي للعربة لكي ينزل قنينة الغاز.. يتظاهر أنه فقد  المفتاح ..يقول) أين المفتاح؟ المفتاح يا جماعة.المفتاح. ...المفتاح... يبدو أنني فقدته بعد أن فتش الشرطي العربة..اسمحوا لي دقائق قليلة ..سأجلب نسخة منه...لا تتحركوا..وأنت أيها الطيب (مخاطبا بكري) ستكون أول قنينة غاز من نصيبك... (يغادر المسرح...).
المتجمهرون: لقد تأخر...انتظروا...إنه رجل طيب.. الله مع الصابرين ...انتظروا... إنها فرصة لن تتكرر, فرصة الحصول على قنينة غاز بألف دينار... إنها بركات نصب الحرية... نصب الجمال .. بركات جواد سليم .. هذا .النصب كله بركات...
قناع بكري: انظروا إليه انظروا إلى شموخه..لم تمتد عليه يد الزمان..انظروا إليه ..انظروا..... (يضغط على الحزام الناسف (صوت انفجار مدو...صهيل حصان... نواح المرأة الثكلى.. صوت بقرة...صوت موسيقى  النشيد الوطني العراقي: موطني ...موطني) يعود أبو دلامة: وهكذا سنوجه ضربة قاصمة للكفرة... عبدة الأصنام.. ولصنمه الذي يتوسط مركز مدينة بغداد..ساحة التحرير..وتأكدوا ان قناني الغاز ستساهم في  قتل المئات وهدم نصب الكفرة.

الجميع: مهمة عظيمة.
أبو دلامة: شكرا شكرا.. جزاكم الله خيرا ..أما انت يا إياد.. فستفجر تجمعا لعمال البناء.
الجميع بصوت واحد: مبروك ... مبروك لك الشهادة .. الله أكبر.
أبو دلامة : والآن أعددت لكم قناني صغيرة من هذا الماء المقدس ..إنه يعينكم على أداء مهمتكم ...لأنه مقدس وقد نفخت فيه لليلة كاملة وقرأت عليه الأدعية الكثيرة..
الجميع: جزاك الله خيرا.
أبو دلامة: والآن ..لنحتفل بهذه المناسبة..(يمارس الجميع طقسا غريبا ..يلتفون حول البخور والدخان يأخذ كل منهم رشفة من قنينته الصغيرة التي تحتوي مادة مخدرة دون علمهم...يطلقون صيحات وصرخات وألفاظا غير مفهومة وسط قرع الدفوف والطبول.. يستمرون).
أبو دلامة: والآن حان وقت الجنة (أصوات انفجارات مروعة).
 (.. يستفيق أياد من إغفاءته يجد عمال البناء قد بداوا  التوافد الى الساحة.. يجد.
 أمامه ابن أخيه سليم.. يقشعر بدنه ويصاب بصاعقة يتأكد من لثامه جيدا يحاول أن يبتعد).
أياد: من هذا ؟ إنه سليم ابن أخي!! من قذف به اإى طريق الموت؟ من وضعه بدربي؟ من الذي  جاء بهذا الولد الآن؟ أين أخبي وجهي من عيني أخي عماد؟ (يتكلم مع نفسه كأنه يخاطب سليما) اذهب بسرعة إلى البيت إلى أمك التي ستجدها تصلي لك وتدعو لعودتك سالما, إنني أرى عينيها بعيني الآن معاتبة.. اذهب بسرعة بالله عليك, لا تحملني وِزْرَ جسدك الذي سيتقطع بعد قليل, اذهب صلوات أمك تتردد في أذني أنت صغير على الموت.. اذهب إلى البيت ونَم في حضن أمك.. أنت صغير لم تر شيئا، حرام ان تموت (يتذكر صوت أبي دلامة:
أبو دلامة: عليكم بهم.. لا تأخذكم بهم شفقة ولا رحمة. انسفوهم نسفا عن بكرة أبيهم وجدهم.. لا ترحموا طفلا ولا شيخا ولا شجرة ولا أنبوب نفط!! اجعلوا نهاراتهم ظلاما دامسا ورعبا وخوفا.. اقطعوا رقابهم كالخراف بلا رحمة.

 (صوت انفجار بعيد)
أصوات: إنه انفجار جديد.. اللعنة على الإرهابيين...(أصوات سيارات إسعاف ) يعقبه انفجار آخر.
إياد: إلى جنة الخلد يا قتادة ويا هاني.  
أصوات: لقد فجروا كنيسة.
أصوات: فجر القتلة مرابا للسيارات.
أصوات: فجروا الابتسامات... والفرحة في الشفاه... فجروا التاريخ والحاضر.
أصوات: الغد لنا
أياد (يطلق صوتا ساخرا): إن كان هناك غد!!
أصوات: أين الحكومة؟ أين الأمريكان؟ أين السماء؟ ألا ترى ما يحصل على الأرض من مجازر.
أحد الواقفين: السماء...هة... السماء في إجازة
إياد: ماذا تقول؟ إنك تكفر
أحد عمال البناء الذين بدأوا بالتجمهر: والذي يحصل اليوم على أرضنا أليس هو بالكفر؟ أين الرحمة؟ أين الضمير؟
أحد عمال البناء: الضمير في إجازة.
إياد: كفى,( ينظر باتجاه سليم ويتكلم مع نفسه)  ما يزال سليم في مكانه, لحسن الحظ إنه لا يتعرف عليّ, فهذا اللثام له فوائد عديدة.
أحد عمال البناء: وهل بقي ضمير دعوني أَرْوِ لكم هذه الحكاية الموجعة.. لتكن إفطارنا لهذا الصباح الدموي.
العامل: قبل شهر اختطف الإرهابيون.
إياد (مع نفسه): لاحول ولا قوة إلا بالله, (مع نفسه) سليم ابتعد أريد أن أرى شغلي.
العامل: (يكمل) ابنَي عمي... كانا شابين في عمر الزهور أكملا دراستهما الجامعية في قسم الترجمة بالجامعة المستنصرية كانا يعملان في وزارة الإعلام بعد سقوط الصنم وجدا نفسيهما بدون عمل فعملا صحفيين في إحدى وكالات الأنباء الأجنبية,  كلاهما كان متزوجا  للأول طفلة والثاني ينتظر وليدا في الطريق .. قبل شهر اختطفا عندما كانا في مهمة صحفية, وطالب الخاطفون بفدية كبيرة, خمسة دفاتر بعد المفاوضات, لم يكن الأهل يملكون جزءًا من هذا المبلغ, اجتمع أهل العشيرة  وقرروا إطلاق سراحهما بأي ثمن, فأنشأوا صندوق تبرعات, وبالفعل نجحوا في جمع المبلغ.. سلموه للخاطفين... وانتظروا دون جدوى... وذات يوم استشهد شرطي بانفجار عبوة ناسفة زرعت في طريق مرور دورية للشرطة, حملنا بقاياه, جزءا.. جزءا... وضعناها في تابوت خشبي وبدون تغسيل حملناه إلى مقبرة أنشاناها حديثا, إذ لم نعد نستطيع دفن موتانا في مقبرة السلام بالنجف بسبب كثرة الإرهابيين الذين يقطعون الطريق.. حيث الموت على الهوية هناك... قبل أن نصل إلى المقبرة شاهدنا مجموعة من  الكلاب مجتمعة على فريسة.. كانت هذه الكلاب تقيم احتفالا صاخبا (أصوات من احتفال الإرهابيين في حفل الوداع حيث الدفوف والطبول...تختلط بأصوات كلاب).
المشيعون: لا إله إلا الله ..لا إله إلا الله...
أحد المشيعين: أصبحت كلابنا متوحشة.. تطلق صيحات متوحشة.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله... ما هذا انظروا إن أحدها يحمل كفا بشرية .. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله... والآخر يحمل فخذا.. إنها تأكل بشرا.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله... صوبوا على الكلاب. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. (أصوات رصاص) لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.
العامل: وحين تفرقت الكلاب بعد سماعها أصوات الرصاص..شاهدنا أبشع منظر.. لا اله الا الله ..لا اله الا الله.. لقد كانت الكلاب تفترس جثتي ابني عمي  بعد أن ألقاهما الخاطفون في المقبرة الجميع: لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله... لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله... لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله إنا لله وإنا إليه راجعون
(يسمع صوت انفجار)
العمال: ما هذا؟ إنه الانفجار الرابع..(أصوات سيارات إسعاف...)
أياد: الله اكبر ..الله اكبر
العمال : الله أكبر على القتلة...
إياد: السماء تستقبل الجسد الرابع, ابتعد يا سليم ..ابتعد عن المكان
عامل: السماء في إجازة
إياد: أعوذ بالله ...أما زلت في هذا المكان؟...حسنا ..لقد أعذر من أنذر... ولا تعاتبني عندما نلتقي في الأعالي...
أصوات: لقد فجر الإرهابيون مدرسة ابتدائية للبنات... ماذا يريدون منا؟ ما ذنب الطفولة البريئة؟ مجرمون قتلة.
إياد: إلى رحمة الله يا منصور.. إلى السماء الفسيحة.. حيث الحوريات وكل ما لذ وطاب.. أما أنا فسيحين دوري.. سألحق بكم بعد أن يصبح عدد عمال البناء كافيا لرضا أبي دلامة, بعد قليل سأجعل من هذه الجماجم سلما لصعودي إلى السماء.. حيث جنة الخلد.. هروبا من جحيم الجسد.. والرغبات المكبوتة والعفونة... العفونة.. (أصوات كلاب) العفونة البشرية التي سأركلها بأقدامي مثلما ركلت الملذات.
يردد: دع المساجد للعباد تسكنها
وقف على دكة الخمار واسقينا
ما قال ربك ويل للألى شربوا
بل قال ويل للمصلينا
بعد قليل ستحف بي الملائكة الصالحون.. بعد أن يصبح هذا الجسد هباء منثورا.. هباء منثورا هه هههههههه (يدور دورة كاملة.. فيصطدم بأحد عمال البناء يتحسس حزامه الناسف..)
العامل: ما لجسمك متصلب هكذا؟
إياد: عفوا ..عفوا... لا شيء سوى  إنني أضع ضمادا على عملية جراحية.
العامل: عملية ؟ يا للرجل المسكين !! (يفزع إياد عند سماعه كلمة عملية يستدرك).
إياد: قلت لك عملية جراحية!! جراحية يا أخي..
العمل: لديك عملية جراحية وتأتي للمسطر للبحث عن عمل؟
إياد: وماذا نأكل لو جعنا؟ ديمقراطية؟
العامل: ذكرتني بالأكل.. هل تحب أن تفطر معي؟ لدي خبز طازج أخرجته لي أم الأولاد من حلق التنور..إنه طازج.. انظر .. خبز مع الشاي الأحمر المهيل... وجبة دسمة لن تجدها في (الشيراتون) يضحك... الحقيقة لقد اعتدت يوميا فجر كل يوم من الحلة باحثا عن عمل هنا... وغالبا ما أفطر هنا.. ثم عندما يحين وقت صلاة الظهر أعود من حيث أتيت والرزق على الله.. هل تظن إننا سنحصل على عمل اليوم؟
إياد: الرزق على الله.. الرزق على الله...
(ينطلق صوت انفجار بعيد, أصوات سيارات إسعاف... تنعق الغربان في أعالي الأشجار.. صوت صهيل حصان.. وأم تبكي وطفل يصرخ التي سمعناها في مشهد تفجير نصب الحرية كما تخيله أبو دلامة).
العمال: مجرمون... قتلة..
أحد العمال: كنا نعرف أنهم لن يتركوا البلد يعيش بسلام.
آخر: كل هذا من اجل أن نترك البلد
آخر: هل نترك سماءنا الجميلة ساحة تمرح بها غربانهم المفخخة.؟ لا وألف لا
آخر: يريدوننا أن نضع صباحاتنا في جيوبنا ونعود إلى بيوتنا ليسرحوا ويمرحوا
آخر: لكننا لن نعود إلى بيوتنا...لن نترك السماء مفتوحة لهذه الغربان المفخخة...
آخر: يا جماعة.. ألا تلاحظون أن تفجيرات اليوم المكثفة منعت المقاولين من الوصول إلينا
آخر: طبعا فالشوارع مليئة بالسيطرات ومفارز التفتيش والحواجز ..
هذا يعني لا أمل لنا بالحصول على عمل... لم لا نعد إلى بيوتنا؟
إياد: (يبدو مرتبكا) لا ... لا سيأتون بالتأكيد ... بعد ان تهدأ التفجيرات... (مع نفسه) إذن لا بد أن أبدأ بتنفيذ مهمتي... هم هناك الآن ينتظرون سماع صوت التفجير...لا بد ان أبدأ..قبل أن يتفرق الحشد ....لكن ماذا أفعل لسليم (كأنه يخاطب سليما) سليم  ابتعد ...ابتعد .. العبوات الناسفة  لا ترحم .. لا ترحم ..إنها بلا قلب ..
العمال : يبدو أنه انفجار جديد.. خونة...إرهابيون...قتلة... أين الحكومة؟  
أحد العمال : رأسي مصاب بالصداع من كثرة الانفجارات اليوم
آخر: هل أنت بحاجة إلى حبّة اسبرين؟
العامل: لا , بحاجة إلى حبة امن
آخر: هذه الحبة غير موجودة في صيدليات العراق
آخر: وإذا وجدت فلا تباع إلا بوصفة  طبية
العامل: عندي وصفة إرهابية (يضحك) شر البلية ما يضحك
إياد (مع نفسه): أظن أن الوقت قد حان الآن... عليَّ أن أدس نفسي في وسط العمال لأحصد أكبر عدد منهم... لكن ماذا عن (سليم) الذي يقف في الوسط؟ ابتعد يا سليم.. الوقت يمضي مسرعا.. ابتعد لأبتعد عن عيني أمك المعاتبة... (كأنه يخاطبه) تحرك من هنا.. تحرك... لا أريد لجسدك أن يتمزق مثل جسدي... ولا أن  تصيبك  الشظايا بجروح.... فقط لو تحركت قليلا إلى الجوانب... تحرك يا سليم . تحرك... لقد أعذر من أنذر... أيها المسمار البشري هل دقك قدرك في هذه الخشبة؟ تحرك لأجل عمك تحرك تحرك.. ابتعد عن هذا المكان ..أريد أن أرى عملي...عملي الذي لا يكون على أكمل وجه الا عندما احتل مكانك ويدونك...على الأقل ربما تنجو... إنه مكان استراتيجي للموت بالفعل... أنت تعرف أين تقف؟  دعوات أمك كانت مستجابة بحيث إن الأمير لم يبعث أحدا غيري.. وآلا صرت شذر مذر الآن... لذا أتوسل إليك أن تبتعد قليلا من هنا...لقد تأخرت ربع ساعة عن تنفيذ العملية..لولاك لكنت الآن في الجنة...ابتعد.مع عملي ...ابتعد ...لكي لا يعاتبني أبوك اليوم هناك... لا أريد ان أؤذيك...لا أريد لااريد...ابتعد ..ابتعد  لقد شغلني سليم عن شرب الماء المقدس (يأخذ رشفة) الحمد لله ..سليم .. هل انت سليم أم لصفة جونسون؟   .. سليم..سليم  (خلال ذلك يرى سيارة مسرعة  تقترب باتجاه الساحة.
 (صوت انفجار قوي يهز المسرح...
إظلام..
ترتفع أصوات الغربان ثم تتلاشى تدريجيا..
يسدل الستار)  
 


ـــــــــــــــــــــــــــــــ
قدّمت المسرحية في مارس 2006 في أوكلاند وكانت من إخراج وتمثيل الفنان المبدع فاروق صبري، والنص كُتب بالتنسيق معه، ومتابعته، فله الشكر. 

تعليق عبر الفيس بوك