ممارسة برلمانية رصينة

يُمثل إقرار اللائحة الداخلية الجديدة لمجلس الدولة حرصَ مؤسسات الدولة على مواكبة التطورات والمتغيرات التي تشهدها البلاد، كما يُبرهن على عُمق التجربة الشورية العُمانية، لاسيما وأن المرحلة الحالية بظروفها كانت بحاجة لإعادة النظر في اللائحة وتطويرها بما يناسب المستجدات على مختلف الصعد.

اللائحة الجديدة من شأنها أن تدعم أدوات الممارسة البرلمانية داخل المجلس، الذي يُمثل أحد جناحي مجلس عُمان، كما تسهم في مواصلة ممارسة المكرمين الأعضاء للصلاحيات التشريعية والرقابية التي يتمتع بها المجلس، وتحديد آليات العمل بمختلف لجانه وأجهزته.

هكذا تفعل الأمم المتقدمة، لا تكُف عن مراجعة أنظمتها ولوائحها وقوانينها وتعديلها كل فترة زمنية لتتواءم مع تطورات الحياة ومسيرة بناء الدولة، وصقل الخبرات المكتسبة من خلال الممارسة البرلمانية. ويجب في هذا الصدد أن نشيد بدور وجهود اللجنة القانونية بمجلس الدولة، والتي عكفت على إعداد مشروع اللائحة وجاء متكاملاً، بعد جهد استمر لنحو عامين، ولم يتوقف جهدها عند حدود مراجعة المراسيم السامية والقوانين واللوائح التشريعية، بل عكفت طويلاً على مراجعة العديد من اللوائح وأنظمة العمل الداخلية لبعض المجالس في الأنظمة النظيرة التي تأخذ بنظام المجلسين، إلى جانب الأنظمة التي تأخذ بنظام المجلس الواحد، كما تمت الاستفادة من ملاحظات مكتب المجلس ورؤساء اللجان على مشروع اللائحة الذي يتضمن ستة أبواب، وكل ذلك من أجل الخروج بهذه اللائحة.

بهذه الخطوة، يُكمل مجلس الدولة دوره الرقابي والتشريعي دعماً للتجربة الشورية والأداء البرلماني العُماني وفي العمل الوطني من خلال ممارسته لصلاحياته واختصاصاته، وترسيخ أركان دولة المؤسسات، والإسهام في العمل الوطني وتوسيع نطاق المشاركة في صنع القرار، والارتقاء بمستوى الممارسة البرلمانية من خلال تنوع التخصصات وتوفر الكفاءات، وضمان جودة التشريع من خلال التمحيص والتدقيق في المجلسين، إضافة لاحتواء النزاعات بين الحكومة والبرلمان.

... إنَّ تجربة السلطنة في الممارسة البرلمانية، تستمد جوهرها من قيم المجتمع العماني التي ترتكز على الدين الإسلامي الحنيف الذي أولى الشورى اهتماما كبيرا، وحث على تفعيلها في واقع المجتمعات المسلمة، كما أنها تنتهج التدرج في تطورها بما يتماشى وتطلعات المجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك