فِي الحَـ(ــرْ) بِ

رأفت بدر الدين – سوري مقيم بلبنان


الرّصاصة التي تَسمع صوت صفيرها.. لن تَقتُلك..لأنّها ولسوء حظّك.. مرّتْ بجانبك ولم تَنتبه لوجودك.
- سوء حظّك أنّك - بعض الأحيان - لا تُثير انتباهَ الموت.
في الحربِ.. تكثر احتمالاتُ موتِك.. صديقي ماتَ في بحر إيجة.. لم يغرق.. أكلَتْه قناديلُ البحر وهو يُحاول الهرب من الغرق.
عظامه الآن تطفو فوق وجه الماء، كـمحاولةٍ أخيرة للنّجاة.
حبيبتهُ التي رفضتْ أن تُهاجر معَه، ماتت من البرد.
كم أنتَ بارعٌ في قتل الأشياء الجميلة - تقول صديقتي - التي قتلتُها بلا قصدِ إذ تركتُ البلاد وسافرتُ عنها منذُ عام.
سبعةُ أعوامِ كأنّما شارع مظلم ومقنوص.. قطعناها مناورةً.
سبعةُ أعوام من شظايا الإسفلت والحصى المتناثر تحت وطأة الهاون والبراميل الثّقيلة.. سبعة أعوام من المقابر التي تأكل وجه البلاد.. وتمتدّ كالسّرطان.. سبعة أعوام من اللّهاث المستمر.
- المرأة التي حاولت بجسدها سدّ ثقبٍ في جدار العائلة.. ماتت رمياً بالشّتائم.
- الطّفل في مخيّمات "اليونيسف".. لايُجيد في درس الفنون.. إلا رسم البنادق.. ولا  يُميّز من الألوان سوى الأحمر.
في الحرب.. تميلُ جدران البيوت على بعضها  وتنفتح النّوافذ.. لا جيران هناك.. بيوتُنا صارت أعشاشاً كبيرة لعصافيرِ الأشجار المجاورة.
أتذكرينَ الحديقة التي التقينا فيها - أوّل مرة - بالقرب من الشّارع المُفضي إلى بيتكِ؟!
- مرّت فوق مقاعدها الخشب مجنزرةٌ ثقيلة/حطّمتْها.

تعليق عبر الفيس بوك