وزارات على طريق التميز

 

علي بن كفيتان

في زاوية هذا الأسبوع وجدت لزاماً على نفسي أن أخوض غمار موضوع أعلم مسبقاً أنه سيجلب لي بعض الصداع ولن أنجو من اتهامات بالعمالة لأصحاب الوزارات المتميزة في نظري وليس في نظر من يلاحقون الخيبات ويسلطون عيونهم على الإخفاقات ولا يرون إلا بعين السخط وروح التذمر.

وكما تقول العرب (لكل مقام مقال) وفي هذا المقام قررت أن أسلك سياسة النأي بالنفس في عدم الخوض في التجارب التي لم يكتب لها التميز إلى الآن في إدارة دفة الرضا المجتمعي بل سنسلط الضوء على من نعتقد أنهم نجحوا في الأمانة التي أوكلت إليهم وأصبحت وزاراتهم رمزاً للشفافية والحيادية والعمل المخلص الدؤوب لكيلا نصبح مجتمعاً لا يحلو له الحديث إلا عن الفساد.

وزارة الخدمة المدنية حققت بعد العام 2011 خطوات كبيرة نحو التحديث ولاشك أن العمل كان تراكميا ولا يغفل الجهد السابق لهذه الوحدة الهامة التي كانت بمثابة المجهول لرجل الشارع العادي قبل ذلك التاريخ فكم لقيت أناساً يستفسرون عما تقوم به هذه الوزارة من اختصاصات بل وتطرف البعض في القول بأن الأمر لا يعدو وجود منصب وزاري شاغر لمن يكتب له الحظ وتسعفه الظروف ليصبح وزيراً ويستمد هؤلاء حجتهم من أن الوظائف تخضع لكل وحدة على حدة، وموازنة تلك الوظائف تأتي من وزارة المالية، والمسميات الوظيفية كذلك تحددها الجهات فما الذي تبقى لهذه الوزارة غير مراقبة تطبيق قانون الخدمة المدنية الذي ينظم الحقوق والواجبات الوظيفية.

نعتقد أنَّ هذه النظرة كانت التحدي الأكبر للوزارة في ظل الانزواء النسبي لدورها قبل العام 2011. والمتتبع يرى أن الإدارة العليا للوزارة عملت منذ ذلك التاريخ على نفض الغبار المتراكم والبحث عن بؤرة الضوء التي تنير فكر المواطن بالدور الحيوي والهام لوزارة الخدمة المدنية من خلال تحديث أطقم العمل ومدها بوسائل النجاح، والاستفادة القصوى من الخبرات المتراكمة في ظل سياسة لا تعترف بالإقصاء الوظيفي ولا تتبعه كمنهج عمل مثلما يحدث في كثير من الوحدات التي يعتليها رؤساء جدد يسكن داخلهم هاجس أن من كان قبلهم يجب إقصاؤهم وتهميشهم متجاهلين أن هؤلاء أفنوا جل أعمارهم لخدمة تلك المؤسسات لعقود مضت.

حققت الوزارة تقدماً لافتاً في مجال التحول الرقمي لخدماتها ولاحظ ذلك الكثير من المتابعين والمستفيدين فبدت الواجهة الإلكترونية لوزارة الخدمة المدنية هي الأكثر جاذبية بعد جهاز شرطة عُمان السلطانية حيث بالإمكان الاستفادة من الموقع في إنجاز معظم الخدمات التي تقدمها الوزارة من الإعلانات الوظيفية إلى الاختبارات والتقييم الإلكتروني للمتقدمين وإعلان النتائج بشكل مباشر وغيرها من الخدمات الأخرى مما رسخ مبدأ الشفافية وتساوي الفرص الذي طالما كان حديث الناس قبل أن تنتهج الوزارة هذا المنحى الذي شهد له القاصي والداني ونالت على إثره عددا من الجوائز الإقليمية والعالمية ولاشك أن ذلك ساهم وبشكل أساسي في تعميق الثقة بين المواطن والحكومة وهنا نجد أن الوزارة عملت على تصحيح المسار وتوضيح الغايات النبيلة لفكر مولانا جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه-.

كما ساهمت الوزارة وبشكل فاعل في السعي لتوحيد أنظمة الجهات التي تعمل في مجال الخدمة المدنية بالسلطنة تحت مظلة واحدة مما أفضى إلى صدور نظام موحد للدرجات المالية لجميع منتسبي القطاع المدني في عام 2013، وهذه الخطوة الهامة أدت لوجود شعور بالرضا الوظيفي في ظل ارتفاع نسبي للرواتب مما ولد الإحساس بالمساواة، والصورة ستكتمل بصدور القانون الموحد للتقاعد الذي يجب أن يمنح القدر الكافي من الأولوية خلال المرحلة القادمة كونه سيمثل طوق النجاة من الترهل الوظيفي الحالي.

كما أزيح الستار مؤخراً عن الوجه الجديد لمعهد الإدارة العامة بيت الخبرة التدريبي والاستشاري الأول في السلطنة وسيكون المعهد وحدة حديثة ومتكاملة تساهم في رفع وتيرة جودة العمل في البلاد عن طريق التدريب والتأهيل وتقديم الاستشارات لجميع الجهات في السلطنة دون استثناء، بالإضافة لرفد المنظمات الإقليمية والدولية بالمؤشرات الحقيقية في المجالات ذات الصلة.

هذه كانت إضاءة أولى على التميز وموعدنا يتجدد بإذن الله تعالى.