تحدثوا عن فجوة بين الجيل السابق والحالي

مثقفون: الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي من أسباب عزوف الشباب عن الأنشطة الثقافية

...
...
...

الرؤية – محمد قنات

أجمع عدد من المثقفين والمتابعين للساحة الثقافية على أنَّ شبكات التواصل الاجتماعي أثرت بصورة كبيرة على أحجام العديد من الشباب من متابعة الفعاليات والمناشط الثقافية، معتمدين بصورة كبيرة على ما يتم تداوله ونشره في شبكات التواصل من أجل المعرفة.

مشيرين إلى أن ابتعاد الشباب عن الساحات الثقافية أيضاً يعود إلى التحولات التي يشهدها العالم إلى جانب أن الشباب يتأثرون بما يحيط بهم سلباً وإيجاباً أن الساحة الثقافية يمكن أن تستقطب طاقات الشباب في إحداث حراك ثقافي باستقلال الفرص التي يتيحها العالم الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي

موضحين أن الفجوة التي تحدث مابين جيل اليوم والجيل السابق تتمثل في اختلاف الوسائل والمفاهيم خاصة وأن شباب اليوم يميل إلى السرعة والاختصار في الوقت متأثراً بسرعة العصر وطبيعة شبكات التواصل الاجتماعي.

وقال الدكتور رجب بن علي العويسي كاتب وباحث في المواطنة والتنمية والأمن الاجتماعي والتعليم وخبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية إن البحث عن دور المثقف الشاب في الساحة الثقافية يضعنا أمام قراءة لأبعاد التمكين الثقافي التي يحصل عليها الشباب والمساحات التي تصنع لثقافة الشباب حضورا في الواقع الاجتماعي، إذ من شأن هذا التمكين والاهتمام ببناء بيئات ثقافية وتطوير البرامج الداعمة لذلك أن يعزز من حضور الشباب وتواجده، وهو أمر يلقي على مؤسسات الثقافة والفكر والمنتدى الأدبي والنادي الثقافي وغيرها من المؤسسات الوطنية المعنية بالفكر والثقافة بناء إستراتيجيات داعمة للشباب بالشكل الذي يضعه أمام تحولات قادمة وأنماط ثقافية تتناغم مع الواقع الثقافي العماني المليء بالمفردات والأشكال التعبيرية الثقافية .

وأضاف كلما اتسع هذا المجال وتعددت مداخله وحصل الشباب على فرص أكبر للتمكين الثقافي مستفيداً من الفرص الوطنية المتاحة في هذا الشأن، كلما انعكس ذلك على قبول الشباب للدخول في المنافسة والبحث عن الشغف الثقافي وإثرائه بتجاربه وأفكاره نظراً لما يمتلكه من مقومات البحث والإرادة والرغبة في تحقيق الطموح وأنَّ مسألة الفجوة بين الجيل السابق وجيل اليوم حاضرة فثقافة الجيل الحالي تختلف بلا شك عن الجيل السابق، نظرًا لطبيعة الثقافة ذاتها وتنوع مصادرها وتعدد مداخلها، ولكن مع ذلك يبقى هناك مشترك بين جيل الشباب والكبار، من خلاله يمكن البناء على مسارات عمل قادمة، والاهتمام بقضايا مجتمعية تبرز فيها أهمية الثقافتين والدخول فيها من كل الأطراف بقوة ومهنية.

ومضى بالقول إنّ من يدعون أن هذه الفجوة قد حالت دون التقارب أو أوجدت نزعة كل طرف إلى إقصاء الطرف الآخر ليس من المصداقية بمكان، وواقعنا الثقافي بحاجة إلى خبرات الآباء والكبار وترانيم وبوح الشباب والصغار بالشكل الذي يضمن إعادة صياغة المنتج الثقافي بما يضمن له الاستمرارية والواقعية والدخول في حياة المواطن اليومية.

ورأى العويسي أن ابتعاد البعض عن الفعاليات والأنشطة الثقافية مرده للتحولات الثقافية في حياة الشباب وما يفرضه الواقع الاجتماعي والثقافي من مسارات متنوعة وبدائل وأدوات تختلف من مرحلة لأخرى، يفترض أن تنتهج الفعاليات والأنشطة الثقافية نهجا متوازنا قائما على تحقيق مساحات أكبر من التوافقية فيما تطرحه من قضايا أو تعالجه من موضوعات، أو حتى في طريقة التعاطي مع المنجز الثقافي، وبالتالي أن تمتلك هذه الأنشطة الثقافية رصيداً من الحافز والدافع والتشويق والتناغم مع فكر الشباب، وتستخدم أساليب قائمة على الحوار والنقاش وجلسات العصف الذهني واللقاءات النوعية والجلسات التفاعلية وغيرها، وهو ما نعتقد أنه من بين الأسباب التي تقلل حضور الشباب في هذه الفعاليات، لذلك فإن عمليات التجديد والتطوير لها ترتبط بمشاركة الشباب في إعدادها ومساهمته في بناء أجندتها وإدارة حواراتها واختيار موضوعاتها والتسويق لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية وغيرها.

وأوضح العويسي أن الساحة الثقافية يمكن أن تستقطب طاقات الشباب في إحداث حراك ثقافي من خلال استثمار الفرص التي يتيحها العالم الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي، وفي ظل تعدد الساحات الثقافية الوطنية الداعمة والمبادرات الشبابية في هذا الجانب، نعتقد بأنَّ المسألة يمكن تحقيقها بكل مهنية في ظل عمليات التسويق الثقافي عبر منح الشباب فرص أكبر للبروز في هذه الساحات الثقافية، وعليه يبقى هذا الأمر منوط بقدرة هذه المؤسسات والمراكز الثقافية باستقطاب قدرات الشباب وإيجاد البرامج الداعمة لهم بحيث يجد فيها الشاب شغفه واهتمامه، كما نعتقد بأن الاستفادة من استطلاعات الرأي السابقة التي نفذتها اللجنة الوطنية للشباب ووزارة الشؤون الرياضية ووزارة التراث والثقافي وغيرها سوف تستقرئ وجهات الشباب الثقافية وتبني فيهم الطموح بالبحث عن مسارات ثقافية متنوعه تعزز من رصيد الشباب الثقافي والفكري.

وقالت موزة بنت خالد اليحيائية رئيسة لجنة كتاب وأدباء الظاهرة: هناك قلة تفاعل من الشباب مع الأنشطة الثقافية التي تستقطب صفوة المثقفين من الجنسين خاصة وأن هناك حراكا ملحوظا تقوم به اللجان الثقافية في النوادي مثل نادي ينقل ونادي عبري، إلى جانب المسابقات والأنشطة الثقافية التي تقام بين فترة وأخرى، كما أن لجنة الكتاب والأدباء بمحافظة الظاهرة لها دور ولله الحمد في هذا المجال فهناك قراءات ثقافية في مجالات القصة والشعر والمقال والخاطرة والتي يستمتع بها الشباب من الحضور الذين تسمح لهم الظروف لحضور مثل تلك الأمسيات التي تقام بين فترة وأخرى.

وأضافت: إلى وقت قريب كانت المكتبات توفر مساحة للنقاش وتبادل الآراء والأفكار مما يخلق نوعاً من التواصل الفكري بين المثقفين، لكننا نفتقد الآن تلك التجمعات الثقافية التي كانت تعقد في المجالس والمساجد وحتى المدارس من خلال جماعات الآداب والفنون واستدركت أصبح أكثر المثقفين الآن يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي في البحث عن المعلومات والتي لا يأخذونها كاملة.

ومن جانبه قال محمود بن حمد سليمان الهنائي، إن دور المثقف أصبح محدودا يقتصر على إنتاج الروايات وكتابة بعض المقالات المتفرقة هنا وهناك، والمثقف نفسه هو من يعطي لنفسه زخمًا أو يسحب عن نفسه هذا الزخم بمشاركاته وأطروحاته وهناك مثقفون لهم منهج متزن وثابت وتنال كتاباتهم استحسان الجميع.. وآخرون متقلبون بين الثبات وعدمه. هذا إضافة إلى الفجوة التي تسبب فيها التقدم التكنولوجي والثقافي والانفتاح على الثقافات المختلفة

وأشار إلى أهمية إشراك الشباب عن طريق منحهم الفرصة الكافية لإدارة وتنظيم فعاليات ثقافية، وضمهم تحت مظلة ثقافية فعلية تلبي رغباتهم وطموحاتهم، وأن تصبح المراكز الثقافية مظلة يجتمع تحت سقفها الشباب.

وذهبت عفراء الحوسني إلى أن دور المثقف في الساحة الثقافية يظهر على استحياء، لقلة المنابر والمنافذ وقنوات التواصل بينه وبين محيطه.

ورأت أن من أهم الأسباب التي تحد من المشاركة الفاعلة للشباب في الحراك الثقافي والأنشطة السياسية هو عدم وجود قنوات تواصل مستمرة ومفتوحة مع هذه الفئة مثلا عدم وجود أندية ثقافية ومكتبات عامة ومقاهٍ ثقافية تستقطب هذه الفئة. بالإضافة إلى عزوف البعض عن المشاركة بسبب فقدان قناعاتهم بأهمية أدوارهم الثقافية ومسؤولياتهم المجتمعية وتابعت: يفترض أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي عامل دعم وبناء للمساهمات الثقافية وليس عامل هدم ولو شكلت لجان ثقافية على مستوى كل ولاية ترعى الفعاليات الثقافية والأنشطة السياسية وتنظم فيها حلقات نقاش وأمسيات وندوات لشجع ذلك المثقفين على الانخراط فيها والمشاركة بفاعلية، وأن تفعل وسائل التواصل الاجتماعي في هذا البث الثقافي وفي ديمومة الحراك الثقافي.

فيما اعتبر الشيخ ناصر بن سعيد السناني المثقف صوت الأمة ولسان شعبها، والعين التي يرى من خلالها المجتمع ما يحدث في العالم من مجريات وأخطار بكافة أشكالها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولهذا يمكن اعتبار دور المثقف جندياً يقف على ثغرة هامة في بنيان مجتمعه حين يبصر ويحلّل ويوضح الحقائق وينبَّه إلى المخاطر.

ورأى ناصر السناني أن التقنيات الحديثة من تلفزيون وسينما وإنترنت جذبت قطاعاً كبيرًا من الناس مما تسبب في غياب الشباب عن الفعاليات الثقافية وقلة مشاركتهم إضافة إلى أن ساعات العمل والدوام أصبح نوعاً ما يحول أمام بحث المتلقي عن الأنشطة الثقافية والمشاركة فيها ومسؤولية الغياب والابتعاد عن هذه الأنشطة مشتركة بين المثقف والشباب فقطاع من المثقفين يتعاملون بفوقية مع المتلقين؛ مما نتج عنه عزوف كثيرين عن المتابعة.

وتابع السناني:حتى تستطيع الساحة الثقافية استقطاب طاقات الشباب مما يعود بالنفع والفائدة على شباب الوطن في دفع عجلة التنمية عليها احتواء الشباب وتقديم البرامج الأدبية والثقافية من خلال طرح فعاليات مستمرة داخلياً وخارجياً وبثَّ وتشجيع البرامج الثقافية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الحديثة. والاهتمام بالمراكز الأدبية والثقافية في المحافظات وتنشيط لجانها بصورة أكبر وأكثر فعالية إضافة إلى وجوب فتح مراكز رعاية الموهوبين أدبياً وثقافياً وفنيّا.

وأوضح هشام مصطفى أنه يجب أن تسد الفجوة بين الأجيال وخاصة في مجال الثقافة، فالاختلاف طبيعي نتيجة تلك الفجوات وعلى العكس إن لم نجد ذلك الاختلاف وتلك الفجوات لكان الأمر غير طبيعي، فمعنى الاختلاف أن ثمة حياة وتجدد وأن عدم الاختلاف يعني بالضرورة الموت للحياة، فالأمر ليس اختلافا أو فجوات بل يمكن أن نراه تطورا للرؤى، وإن كان الاختلاف الطبيعي أو الفجوات الحادثة أو التطور الحتمي في حدود الانتقالات المحسوبة والمتفهمة لطبيعة التطور الهائل للحياة الرقمية.

وفيما يتعلق بابتعاد الشباب عن الساحة الثقافية: الشاب الذي يتميز بالانطلاق والسرعة..كيف تقنعه بالجلوس مثلا للاستماع إلى أغنية مدتها 30 دقيقة، أو لقراءة قصائد أو رواية.

وذكر أن شبكات التواصل الاجتماعي لها أثر سلبي على ضعف الإقبال ويجب أن نجعل منها سببا في الإقبال، ونعيد قراءة التاريخ لتطور الفنون مثلا وحتى الصحف كفن من الفنون، فالمسرح مثلا بدأ متحركا وتطور للمكان الثابت الذي نعرفه ولم يصبح ثابتاً إلا بعد أن رسخ نفسه ودوره في ذهنية المجتمع أتاح له البقاء والتطور والازدهار، وهو الآن تطور إلى ما يسمى المسرح التلفازي الذي يقوم فيه الممثلون بأداء دورهم ليوم واحد ومن ثم يتم عرضه على شاشات التلفاز ومنها انتقل لمنصات مثل اليوتيوب وأصبح له جمهور.

تعليق عبر الفيس بوك