خلاصة ما سبق وتنويه لما هو آتٍ

د. عيسى الصوافي – سلطنة عمان
دكتوراه في إدارة الأزمات


لقد حاولنا في المقالات السابقة تقديم نظرة عامة عن الحالة التي تطورت وآلت إليها أوضاع المجتمعات الحديثة من حيث التنظيم والتعايش مع الأحوال الاستثنائية والظروف التي تثور بشكل فجائي.. وتبينا الجهود التي بذلت من أجل تحديد طبيعة الاختلالات التي تطرأ على حياة المجموعات الإنسانية بفعل الطبيعة أو الإنسان سواء بعمل تخريبي مقصود أو غير مقصود ناجم عن الإهمال وعدم المبالاة.
وفي شتى الأحوال، تكون القيادات والأجهزة الأمنية أو أجهزة الحماية المدنية والدفاع المدني وغيرها من الهيئات المختصة بمواجهة الأزمات مدعوة للتدخل بشكل سريع للحفاظ على مصالح المواطنين وأمنهم وأموالهم. وبالتالي التصدي للكوارث والأزمات مهمة تستدعي تعبئة مقدرات البلد وتنظيم التدخل بالكثافة المناسبة والتي تجعل أرواح المواطنين وممتلكاتهم في مأمن من غوائل المتربصين الذين يظهرون عند نقص المراقبة والتيقظ إزاء الضغط الذي يحصل جراء اندلاع الحالات الاستثنائية.
وفي أدبيات إدارة الأزمات سلطنا الضوء على الإمكانات المرصودة التي يتطلبها النجاح في المواجهة وأدرجنا كل ملابسات المعلومات والإعلام الذي يلعب دوراً رئيسياً في تنظيم وتعبئة المواطن وأيضاً في حمايته من وطأة الإشاعات والأخبار المزيفة، مما يسهل على قسم كبير من الجهود أن تؤتي ثمارها. وقد أكدنا على التطور الجديد الذي تلعبه تقنيات المعلومات في جمع المعلومات وتصنيفها على شكل قاعدة بيانات تشغلها برامج وتطبيقات ضمن نظام معلومات متطور ومتخصص في هذا الميدان. وهذا النمط الجديد من التجهيزات يقدم خدمات جمة لمتخذي القرار حتى ينتقلوا إلى درجة أعلى من التأهب يكون معها التنبؤ بالأزمات مسألة متاحة يسهل معها اتخاذ التدابير الملائمة وإدارة الأزمات بصورة ناجعة.
وأخيراً، كان من الضروري التعرض لخطط التوقعات التي تتم صياغتها تحسباً من حصول الأزمات بشتى أنواعها. فالتنبؤ الذي يفرض نفسه على متخذي القرار نتيجة تكرر وقوع الأزمات، ينتهي في الأخير إلى التعود على نمط معين من ردود الفعل تجاه كل أزمة وتغدو المواجهة ترسم وتنظم مسبقاً، وفق خطط مضبوطة محسوبة النتائج تخلص إلى النقص من الخسائر وتجنب فداحة الأضرار بل وتفاديها إن أمكن.

وفي المقالات التالية، سنعرج قليلا على ما يمكن القول إنه تطبيقي، أي إن تتبع إدارة الأزمات لم يكن مشتتاً واعتباطياً، بل إننا حاولنا تقديم حقول عرفت سياسيات للتصدي والمواجهة أدارتها قيادة السلطنة.
فبالنسبة لكوارث الأعاصير والأزمات التي خلفها إعصار جونو وفيت فإنه قد ظهر أنها قدمت عبرة استخلصتها القيادات العُمانية وأعادت على التو هيكلة البنيات المكلفة بمواجهة كوارث الطبيعة، حيث ظهرت إلى الوجود الهيئة الوطنية للدفاع المدني بتشكيلتها الجديدة وصلاحياتها الموسعة.
ولابد هنا كذلك من التنويه بالانشغال الأمني الذي يرافق عادة اندلاع الأزمات، حيث لعبت سلطنة عمان دوراً رئيسياً في فرض أسلوب الرصانة والحوار على الصعيد الداخلي وكذا على الصعيد الخارجي في محيطه الجهوي والإقليمي والدولي.
وأخيراً، سوف نتتبع عمليات البناء السياسي والدستوري الدؤوبة للنهوض بسلطنة عُمان وتصنيفها ضمن مصاف الدول المنتمية والمتبنية للخيار الديمقراطي.

تعليق عبر الفيس بوك