جلسة

نبيلة الفولي - مصر

 

تعالي ياحبيبي
نحتاج إلى جلسة عائلية
ندعو فيها كل الأطراف..
القلب، العقل، الروح، الجسد، الخيال، الحب..
لنحسم قضية الحب بيننا
فعلى مايبدو أن التكنولوجيا أفسدت حياتنا؛ وباعدت بيننا
..
يقول الحب: فككت التكنولوجيا رباطكم بي؛
فأصبح كل واحد منكم فى اتجاه؛
بعد أن كنتم على قلب محب واحد
وأنا لا أتحقق إلا بجماعكم
يقول الخيال: كيف ذلك؛
لقد جعلتك حادثا دون اجتماع؛ أو جماع؛ سمه ماشئت من أسماء قديمة
أنت أيها الحب تريد دائما أن تبدو مميزا عن الجميع؛
تريد أن تتسيَّد علينا؛ وتتصدَّر المشهد؛
ولذلك اخترت القلب المتحكم فى حياتنا جميعا مقرا لك؛
توزع منه أوامرك؛
فتفرض سطوتك على الجميع كيف تشاء؛
ولا تريد مناقشة من أحد منا فى ذلك؛
أنت ديكتاتور أيها الحب؛
وآن لنا أن نثور عليك؛
ونجد وسائل أخري لنحد من سطوتك؛
فأنت تجعلنا ضعفاء؛ مستسلمين لأومرك؛ سائرين فى دربك؛ إلى حيث لانعلم؛ وهاهو القلب
أكبر مثالا فينا امتثالا لأوامرك؛
فهو ساكن ساكت دائما؛ إلى أن تعطيه إشارة؛
بشرارة من روح أو إيماءة من قلب؛ أو نظرة من عين؛ أو كيميائية من جسد؛ أو جموح من
خيال؛ أو لمسة من عصاك السحرية للفتنة؛ أو كل تلك الحشود مجتمعة؛ فيرفع درجة استعداده
القصوى؛ فيعلى من دقاته؛ ويقرع الطبول؛ ويهرول على درجات القلاع؛ لفتح المتاريس؛ وتوسيع المضايق؛ واستقبال الحشود المشاركة فى الأمر..
وسواء شئت أم أبيت؛ أنا سيد المشهد الآن؛ وهذا واقع حادث
يقول العقل: بل أنت من أفسده كلية؛
حين تنازلت عن الجمال الحي؛ وأعملت خيالك فى الجمال الإصطناعي؛
فهل أنت فى رضا إن حولت إنسانين حيين إلى "هلامين" تصورا قدرتهما على العشق!!
بل وصل بك الاستخفاف بي أن جعلتهما يصدقا أنهما قد يستطعما "قبلة" بلا شفاه؛ مع إن المعادلة المنطقية تقول..
شفاه × شفاه = قبلة (مع الأخذ فى الإعتبار العوامل الأخرى المساعدة لإتمام التفاعل الكيميائي المحقق للقبلة)
فكيف تهيئ لإنسان ذي عقل أن القبلة قد تتحقق؛ وتعطي نتيجة مشبعة بلا مدخلات إنتاج؛ واكتمال عناصر؟!! فى وجود حرارة!!
قس على ذلك كل أعضاء الجسد الحي
أترى؛ أنت مدلس كبير
يقول الخيال: وما القبلة إن لم أحركها برغبة وشغف؛ وهل يحدث الشغف أو تتحرك الرغبة إلا إن هيئتها لهم قبل كل شئ؛
بل متي حققت لهم ذلك فأنا قادر على تحقيق المتبقي من الإحساس وهو أيسر علي من لقاء
شفتين باردتين لايتمتعان بأي خيال
يقول العقل: ماعهدنا أن الكهرباء قد تسري بين طرفين مقطوعين؛
فما الشفاه إلا وصل شغفين لشطط الاشتعال؛ واحتراق الخلايا
الشفاة أداة توصيل الشغف الحي؛
تقشر جلدها؛ وشفت؛ وزادت حساسية شعيراتها لمساعدة الٱلتصاق
فى تمرير هذا المس الكهربائي؛ وتوصيل الحرارة؛ لكل الوصلات الرابطة بيننا كلحمة واحدة
لجسد واحد فى جسدين
تقول الروح: رويدكم جميعا؛ أنا هنا؛ انا ملهمة الشغف؛ ومحرككم جميعا نحو التجاذب؛
الشغف لايتأتي إلا بي؛ وأنا من أنادي بالافتنان ورغبة التلاقي؛ والتلاشي؛ تلاشيكم جميعا فى لقاء يمررني من عينين عاشقين؛ فاجري منهما مجرى الماء فى العطش؛ وما الجسدين إلا
ضفتين تحتضناني حيث أجري لاصل فى وصلهما بدء الخليقة بآخرها..
فكيف أيها الخيال تلغي كل تلك المسافات؛ وتقفز على بحار الشغف؛ وجبال الرغبة؛ وبراكين
الحمي؛ وغابات الشوق؛ وتقف على اضعف نقطة من المحيط المتجمد لطرفين ملتهبين من
منتصفهما؛ وتتصور الغرق فى جحيم الحب انت ومختصميك
وما جلسة حبيبين بجوار البحر إلا حنين الصلصال للماء واستلهام حلولي فى الشغف الاول
وما انت ايها الخيال وحيدا بهم الا ظلالا لتمثالين لا يلمسا مفاتن الحياة ولا يتذوقا طعمها
الانهار ؛ والبحار؛ والأشجار ؛ والعصافير؛ والعسل المصفي؛ والحدائق كلها من أفعال الجنة؛
وحين أنا أدعوهم لها فأنا أعيدهم على الحقيقة إلى جذورهم منها حين كانوا فيها نبتات أولي؛
فى حين انت ترسمها لهم خيالات تبعدهم عنها؛ وتلصقهم بالأرض
يقول الجسد: لقد سئمت منكم جميعا؛ وسئمت أنانيتكم واغتراركم
تتعاركون متجاهلين أحاسيسي الخمس الظاهرة؛ وأحاسيسي اللامتناهية غير الظاهرة
وتتصرفون كما لو أصبحت بلا أهمية
لقد ترتكتكم تستعرضون عضلاتكم أمامي؛ وأنا صاحب العضلات الحقيقي؛
وتركتكم تغترون بقدراتكم على إتيان اعمال ليست من أعمالكم؛ وهي أعمالي على الحقيقة؛
حولتم أفعالي إلى كلام؛ وصدقتكم أنفسكم ومفتونيكم؛ أن الكلام قد يغنيكم عني بمساعدة الخيال
بل وصل بكم الحد إلى تسفيه كبيركم (العقل) والاستخفاف به حد ٱيهام المعقول باللامعقول
بل واعتقلتم الروح فى زجاجة بلا زيت ولا مشكاة ولا نور
وتتصورون أن كل هذا أغني حاجاتكم عني
تبَّا لكم؛ بل الف تب
قال: أترين؛ لقد جعلتيهم جميعا يتعاركون فى جلستك بدلا من جماعهم
قالت: لأننا مازلنا سجناء هاهنا بين جدران التكنولوجيا؛ فلنحطمها؛ ونخرج بجمعنا إلى الطبيعة؛
إلى الحياة.

تعليق عبر الفيس بوك