ظلِّي خطٌّ صامتٌ وخريف

عبد العباس كشيش – العراق


(1)    " خريف"
لم يبرحْ
صوت الساقية
أذنيّ...
ولا اصفرار أوراق
الصفصاف والتوت
ولا تجرّد أغصان التين...
مرات رأيت جسدي مدفوناً
تحت أكوام الورق الأصفر
كما يُدفن النومي الحلو
لكن الرياح كشفته
لأنه لم يُطمَر
كما يُطمر النومي الحلو
تذوقت مرارة شفتيّ
فارتعدتْ أوصالي
وهرعت إلى نخلة
لأقضم تمرة
مما جففه الخريف
ثم سرت وحدي
يصمُّ سمعي
عُتوّ الرياح الباردة
أرى مالا يُرى
وأعاني
ما لا يُعانيه
أحد.

(2)
(ظِلّي)
اطْعَن ظِلّي بوردة
إذا رأيتَه ..
فإن كانت
تزاحمه ظلال الغير
انتظر..
في أوقات لا يألفها
غيري؛
كهبوب الرياح الموحشة،
هبوط البرْد،
تشقق الدروب
من سطوة الصقيع
أطراف الليل
وحشة الأغصان
في ليالي الخريف
فإن كنتَ
لا تألَف،
غير سجن البيوت
وهفهفة الستائر
في عالم الدِّعَة والتَّرف
والإنبهار؛
لن ترى ظلي
ولن تراني..
إذن.

(2)    (خط صامت)
ما شأن السكك
إن ظلوا وإن رحلوا
هي..
ممر للبقاء وللرحيل
خط صامت
يملأه الشوك
إن هجرته الخطى
يغطيه العشب
إن رشقه المطر
تمر عليه
أقدام صغيرة
تغدو وتروح
أقدام مجهولة
أقدام غريبة
تقطعه مرة واحدة
إن طال ليل
أو قصر..
ما شأنها السكك
إن هبط البرد
في المساء
ماشأنها
بمن التحف
وبمن عافه النوم
من شدة البرد
وبؤس المأوى
تظل السكك في الليل
مسرحا لكائنات الليل
وفي النهار..
يمر عليها
نعش،
مهاجر،
حبيب..
مفارق،
بائس..
يحاول الوصول
إلى سكك
أخرى.

تعليق عبر الفيس بوك