فيربيك أفضل مدرب في البطولة.. وفايز الرشيدي نجم صاعد بقوة

"خليجي 23".. لقب مستحق لـ"الأحمر" بفضل الانضباط التكتيكي والأداء الجماعي

الرؤية - وليد الخفيف

تصوير/ عبد الله البريكي

رجح الأداء الجماعي المعزز بروح قتالية عالية مع الانضباط التكتيكي كفة منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم، لحسم لقب "خليجي 23"، المتوشح باللون الأزرق الكويتي.

وأجمع المحللون والنقاد الرياضيون على أحقية الأحمر العماني في نيل الكأس عن جدارة، عطفا على ما قدَّمه لاعبوه من أداء فني مُغاير عن ذي قبل، لتنجح مساعي التوليفة التي جمعت بين الخبرة والشباب في الوصول لمنصة التتويج، بعد غياب 9 سنوات عن التتويج باللقب الأول في مسقط 2009.

ولم تشهد النسخة -التي اختتمت منافساتها يوم الجمعة الماضي- ميلاد نجم خليجي جديد بحجم الأسماء التي أفصحت عنها النسخ الماضية؛ فالبطولة التي عانت من الشح التهديفي لم يظهر بها نجم الشباك، بل شهدت أداءً باهتا لنجوم كبار مثل عموري وأحمد خليل وعلي مبخوت وبدر المطوع، بيد أنها أنجبت حارسين من الكبار؛ هما: فايز الرشيدي وخالد عيسي، الذي توِّج بجائزة أفضل حارس لاحتفاظه بشباكه نظيفة في المباريات الخمس التي خاضها منتخب بلاده، ويبدو ذلك من إحدى عجائب النسخة، فلم تهتز الشباك الإماراتية، لكنه لم يحصل على اللقب، كما أنه لم يسجل إلا هدفا وحيدا، بيد أنه وصل للنهائي.

وأجمع محللون على أن فايز الرشيدي كان الأجدر بنيل جائزة أفضل حارس في البطولة؛ إذ نجح في التصدي لركلة جزاء عموري في الوقت القاتل من المباراة، قبل أن يعود مجددا ويبدد آمال اللاعب نفسه في هز شباكه بالركلة الترجيحة الخامسة، التي مهدت الطريق نحو منصة التتويج.

وعاب البطولة العُقم التهديفي، فلم يُسجَّل سوى 22 هدفا، حيث الرقم الأقل منذ انطلاق البطولة الخليجية في شكلها الجديد.

وأرجع محللون سبب تراجع الحس التهديفي لمعظم المنتخبات المشاركة لأسباب؛ أبرزها: تراجع مواليد منطقة الجزاء، فربما أثر اعتماد معظم الأندية الخليجية على المهاجمين الأجانب بالسلب على لاعبي هذا المركز من المواطنين، كما ظهر المهاجمون في كثير من المباريات منعزلين عن إمدادات الخلف، فلم يظهر صانع اللعب المهاري القادر على صنع الفارق تحت وطأة الالتزام بالمهام والواجبات الدفاعية المكلف بها، فالتيكتيك الدفاعي تغلب في كثير من الأحيان على نظيره الهجومي، والدليل وداع منتخب العراق صاحب أقوى خط هجوم.

وتنافس على لقب هداف البطولة أربعة لاعبين؛ هم: المعز علي بعد الله لاعب المنتخب القطري، وعلي فيصل وعلي عطية لاعبا المنتخب العراقي، وجمال راشد لاعب المنتخب البحريني، بيد أن الغريب أن لكل واحد منهم هدفين فقط، ولم يكن أحدهم طرفا في المباراة النهائية التي جمعت عُمان والإمارات.

وحقق الأحمر العُماني حزمة من الأهداف الفنية والمعنوية، إثر مشاركته الخليجية المكلَّلة بالنجاح، فحَصْد اللقب كان هدفا تحقق بجهود مقدرة من اللاعبين والجهاز الفني والمنظومة الرياضية بشكل عام ومن الإنصاف الإشادة بمساعي اتحاد الكرة في هذا الصدد. أما عن الأهداف الفنية، فتمثلت في ظهور معظم اللاعبين في حالة مثالية، شملت الجانب البدني والمهاري والتكتيكي والذهني؛ الأمر الذي مكَّنهم من الظهور بشكل أفضل في الشوط الثاني أمام الإمارات في دور المجموعات، رغم الخسارة "غير المستحقة"، ثم فوز غالٍ على الكويت والسعودية، وصولا لتخطي البحرين في نصف النهائي، حتى بلغ الأداء الفني ذروته أمام الإمارات في المباراة النهائية، التي آلت شكلا وموضوعا للأحمر، بيد أن السيطرة والأفضلية شبه المطلقة تزامن معهما غياب المهاجم القناص.

وعلى المستوى التكتيكي، فالانضباط كانت عنوان منتخبنا الوطني طوال البطولة، خطوطه المتقاربة ودفاعه المتين وجماعية أداء لاعبيه وسرعة تحولهم من الحالة الدفاعية للهجومية والعكس، تزامنا مع أداء دقيق للمهام والواجبات الأساسية والثانوية طوال المسابقة كانت مصدر قوته.

وحظي الأحمر العماني بتهيئة نفسية مثالية أسهم بها كل الأطراف المعنية بالمنتخب؛ فالجهاز الفني والإداري وتعاطي الإعلام الرياضي العماني والحشد الجماهيري، عناصر أسهمت في تهيئة المناخ المواتي لتحقيق الإنجاز.

ويبدو أن الزحف الجماهيري الذي ملأ جنبات ميدان جابر كان أحد العناصر المهمة لإتمام الأحمر مهمته بنجاح؛ فالجماهير العريضة زحفت خلف الأحمر برا وجوا، بعدما لمست تغيرا جذريا في شكل الأداء، فالأداء هو المحرك الأصيل للقوى الجماهيرية التي لم تكن ناعمة، بل وُصفت بالمؤثرة.

ويُشار إلى المبادرات الجماهيرية الرائعة للقطاعين العام والخاص، والتي تكلَّلت بجسر جوي متواصل، نقل أكبر عدد ممكن من الجماهير من مسسقط إلى الكويت، فلم يكن الأحمر وحيدا في ميدان جابر، بل كان مؤازرا بالآلاف.

وما زال التهديف الحلقة المفقودة للأحمر العُماني؛ فرغم قدرة الفريق على بناء الهجمات وخلق الحلول الهجومية عبر الهجوم المتنوع من الأطراف والعمق، بيد أن إهدار الفرص وغياب القناص داخل منطقة الجزاء ما زال قائما، ويتعين على فيربيك وضع الحلول الناجعة الفترة المقبلة؛ استعدادا لنهائيات أمم آسيا حيث المحك الأصعب.

وعلى مستوى المدربين، كان تفوق فيربيك واضحا؛ فالأداء التكتيكي للاعبيه برهن على حسن قراءته للملعب، وقد تفوق في شوط المدربين على كل منافسيه، ونجح في ترميم جسور الصلة بين جماهير الأحمر ولاعبيه بعد فترة فتور طويلة.

ولم يقدم ذاكروني أوراقَ اعتماده لقيادة الأبيض الإماراتي؛ فطريقته أفقدت ثالث آسيا أنيابه، فظهر قليلَ الحيلة يبحث عن أخطاء الآخرين لتحقيق فوز يخضع في كثير من الأحيان للصدفة.

وعاني الأبيض الإماراتي من عُقم هجومي واضح، فلم يسجل إلا هدف وحيد من ركلة جزاء مشكوك في صحتها في شباك منتخبنا الوطني، ولم يشفع له الاحتفاظ بشباكه بيضاء من انتقاد أسلوبه العقيم الذي أهدر ما صنعه مهدي علي.

ويبدو أن بونياك مدرب الكويت كان أحد أسباب وداع الأزرق؛ فلم يُحسن اختيار قائمة لاعبيه، ولم يتمكن من قراءة المباريات الثلاث التي خاضها تكتيكيا؛ فالدفع باللاعبين في مراكز لا تتفق مع إمكانياتهم دفع ثمنها الخروج من الدور الأول، ولم يشفع إلمام بونياك بكرة القدم الكوتيية توظيف أفضل للاعبي الأزرق؛ فالفريق ظهر باهتا يفتقد الأنياب الهجومية، يعاني ثغرات دفاعية، ومساحات استغلت للوصول لشباكه.

وربما كان باسم قاسم أحد المدربين الأكفاء في البطولة، لا سيما على المستوى الهجومي؛ فالهجوم العراقي يعد الأقوى، وربما عاني الفريق من غياب بعض الأسماء التي لم تعوضها التشكيلة المحلية.

أما ميروسلاف سكوب مدرب البحرين، فنجح إلى حد كبير في بناء منتخب للمستقبل، بيد أن التحفظ المبالغ فيه، والاعتماد على تكتكيك دفاع المنطقة والرد بالمرتدات، لم يكن كافيا لنيل أول لقب للبحرين؛ فالمدرب يحتاج إلى المزيد من الجرأة والثقة في إمكانيات لاعبيه الهجومية، لا سيما وأن رد فعلهم الهجومي نجح أمام قطر في إدراك التعادل، ونجح أيضا في محاصرة منتخبنا الوطني في الشوط الثاني بالدور نصف النهائي.

وتجرَّد قطر من اللقب الذي حققه في السعودية بـ"خليجي 22"، تحت قيادة جمال بلماضي، بوداع من الدور الأول في نسخة الكويت، فلم يتمكن الإسباني سانشيز من الحفاظ على اللقب، رغم خوض المسابقة بقائمة مكتملة؛ فدفع العنابي ثمن الأخطاء الدفاعية خسارة من العراق ومغادرة المسابقة مبكرا، ورغم القوة الهجومية الكاسحة للعنابي، بيد أنها لم تظهر إلا أمام اليمن، فيما ظهرت مقيدة أمام العراق، وقليلة الحيلة أمام البحرين.

تعليق عبر الفيس بوك