دعم حكومي لخطط التنويع الاقتصادي رغم الرقابة الصارمة على الإنفاق

"أوبار كابيتال": السلطنة تتوسع في "موازنة 2018" وتستهدف تحسين البيئة الاستثمارية وتخفيض العجز

 

≥ توقعات بأن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات العامة بداية أفضل بدعم من أسعار النفط

≥ صندوق النقد الدولي يتوقع تضخما بنسبة 3.2%.. وإرجاء ضريبة القمية المضافة يسهم في احتواء التضخم

≥ استقرار سعر الصرف مرهون بقدرة الحكومة على إدارة ميزان المدفوعات بشكل فعال

≥ صافي الإيرادات النفطية يشكل 51.3% من إجمالي الإيرادات

≥ الإيرادات المقدرة غير النفطية أعلى بنسبة 5% مقارنة بالعام 2017

بعد عام واحد من اتباع سياسة تقشفية، جاءت موازنة السلطنة للعام 2018 توسعية، تهدف لإعطاء الاقتصاد حافزا كبيرا، ودفعة نحو المزيد من الاستدامة. وأكد التقرير الأسبوعي لـ"أوبار كابيتال" أن الموازنة تطابقت وتوقعات معدي التقرير، خصوصا فيما يتعلق بأثر التعافي المستمر في أسعار النفط، ودعمه السلطنة لتقديم موازنة تلبي توقعات جميع شرائح المجتمع. ولفت إلى أن من أهم القطاعات والبنود التي شهدت زيادة في المخصصات تمثلت في بند الدعم بنسبة 43%، والصحة بنسبة 6.7%، والخدمات العامة بمبلغ 2.7%. وأشار التقرير إلى أن الحفاظ على نفس المستوى للعجز رغم الزيادة في الإنفاق سيخدم هدف زيادة النشاط الاقتصادي، مع عدم تقديم مبررات لشركات التصنيف الائتماني العالمية لإعطاء نظرة سلبية عن اقتصاد البلاد.

وتتوقع حكومة السلطنة أن تبلغ إيرادات عام 2018 طبقا للموازنة 9.5 مليار ريال عماني، أي أعلى بنسبة 9.2% مقارنة مع الإيرادات المقدرة للعام السابق؛ بسبب ارتفاع صافي إيرادات النفط والغاز المقدرة بنسبة 11%، وإيرادات غير النفط والغاز بنسبة 5%. وقد شكل صافي إيرادات النفط والغاز نسبة 71.4% من إجمالي الإيرادات، تلاه صافي إيرادات غير النفط والغاز بنسبة 28.6%.

 

مسقط - الرؤية

 

 

وبحسب التقرير، فإن الافتراضات والإجراءات والطرق التي تم أخذها بعين الاعتبار لدعم الإيرادات تشمل: اعتماد سعر نفط أعلى للإيرادات النفطية، والعوائد المتوقعة من حقل خزان مكارم، والعوائد المتوقعة من تخصيص بعض حصص الحكومة في الشركات، والتوسع في تقديم الخدمات التفضيلية، والبدء بتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع؛ مثل: المشروبات الغازية والتبغ، وتعديل قانون ضريبة الدخل، ورفع كفاءة تحصيل الضرائب وتفعيل الرقابة والمتابعة، وتعديل رسوم إصدار تراخيـص استقدام العمال غير العُمانيين، وتعديل بعض الرسوم الخدمية، وتعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية، وتعديل ضوابط تخصيص الأراضي، وتعديل رسوم الخدمات البلدية.

 

الإيرادات النفطية

وقدرت موازنة عام 2018 مبلغ صافي إيرادات النفط عند 4.87 مليار ريال عماني، بارتفاع نسبته 9.4% مقارنة مع الأرقام المقدرة في موازنة عام 2017 التي بلغت 4.45 مليار؛ وذلك رغم التزام السلطنة بالتخفيض المقرر لإنتاج النفط وفقاً لقرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). الارتفاع في الإيرادات المقدرة جاء على خلفية احتساب سعر نفط أعلى في الموازنة عند 50 دولارا أمريكيا للبرميل، مقارنة مع 45 دولارا للبرميل في موازنة 2017. نعتقد أن الحكومة اتبعت سياسة حذرة في افتراضاتها؛ كون سعر نفط المستخدم هو تحفُّظي، مقارنة بتوقعات الخبراء والوكالات الاقتصادية المختلفة لأسعار النفط خلال عام 2018؛ حيث تشير التوقعات لمعظم المؤسسات والمنظمات الدولية إلى أن سعر النفط سيتراوح بين 55 و60 دولارا للبرميل في 2018.

وتم تقدير إيرادات الغاز في موازنة 2018 عند 1.91 مليار ريال عماني؛ بارتفاع سنوي نسبته 15% مقارنة مع 1.66 مليار ريال عماني للعام 2017. وتعتبر هذه الإيرادات الأعلى على الإطلاق، والتي تم دعمها باحتساب إيرادات الغاز من حقل خزان العملاق. ولقد بدأ تطوير هذا الحقل في العام 2014 ومن المتوقع أن يسهم في النهاية بنسبة 33% من إنتاج السلطنة للغاز. وتملك كل من شركة النفط العمانية للاستكشاف والإنتاج وشركة بي.بي نسبة 40% و60% على التوالي من الحقل في منطقة الامتياز 61. يتوقع أن تنتج المرحلة الأولى من الحقل مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا، على أن يصل إنتاج الحقل من المرحلة الأولى والثانية إلى 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًّا. وسيشمل المشروع أيضا إنشاء منشأة معالجة مركزية جديدة ذات قدرة معالجة مصممة تبلغ 1.050 قدم مكعب من الغاز، و100 كيلومتر من خطوط أنابيب التصدير، و600 كم من خطوط التدفق وأنظمة تجميع أخرى.

 

الإيرادات غير النفطية

وبلغت الإيرادات غير النفطية المقدرة في موازنة العام الحالي 2.72 مليار ريال عماني، مقارنة مع 2.59 مليار ريال عماني في موازنة 2017، أي أعلى بنسبة 5%. وعلى مر السنين، أولت السلطنة اهتماما متزايدا للقطاع غير النفطي؛ بهدف تخفيف الاعتماد على الصناعات النفطية ذات نسبة المشاركة العالية في الإيرادات. وطبقا لبيان الموازنة، تنوي الحكومة اتخاذ سلسلة من الخطوات لدعم الإيرادات غير النفطية؛ منها: تعديل قانون ضريبة الدخل، ورفع كفاءة تحصيل الضرائب، وتفعيل الرقابة والمتابعة، والبدء بتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع، وتعديل رسوم إصدار تراخيـص استقدام العمال غير العُمانيين، وتعديل بعض الرسوم الخدمية، إضافة لتعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية، وتعديل ضوابط تخصيص الأراضي، وأيضا رسوم الخدمات البلدية.

وبلغ الإنفاق العام المقدر في الموازنة 12.5 مليار ريال عماني؛ بارتفاع نسبته 6.8%، مقارنة مع المقدر عام 2017، وأقل بنسبة 2% من الإنفاق الفعلي المتوقع لعام 2017 الذي بلغ 12.7 مليار ريال عماني. ووفقا للتقديرات الفعلية (الأولية)، بلغ إجمالي الإنفاق العام 12.7 مليار ريال عماني في العام 2017، مقارنة بالمبلغ المقدر لذات الموازنة عند 11.7 مليار ريال عماني؛ أي بزيادة قدرها 9%. ويعزى ذلك إلى ارتفاع الإنفاق الاستثماري على مشاريع التنمية ومشاريع قطاع النفط والغاز ودعم قطاع الكهرباء، فضلا عن تمويل عدد من بنود الموازنة لتلبية الاحتياجات الضرورية والعاجلة. كذلك أسهم ارتفاع تكلفة خدمة الدين العام نتيجة لزيادة الاقتراض برفع المصروفات. وبصرف النظر عن ارتفاع الإنفاق الفعلي عن المقدر، إلا أنه يظل أقل من الإنفاق الفعلي في العام 2016، الذي بلغ 208 مليارات ريال عماني.

ورغم فرض رقابة صارمة على الإنفاق، إلا أن الحكومة تدعم بشكل متزايد البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ"؛ حيث أشار بيان الموازنة إلى أن السلطنة ملتزمة بتقديم الدعم اللازم لتحقيق النتائج المتوقعة للتوصيات التي يقدمها "تنفيذ"؛ من أجل تحسين البيئة الاستثمارية. 

بنود الإنفاق الرئيسية تشكلت من المصروفات الجارية 71.9%، والمصروفات الاستثمارية 22%، والمساهمات ونفقات أخرى بنسبة 6.1%. وتعتبر الأرقام المقدرة للمصروفات الجارية قريبة من الإيرادات المقدرة؛ حيث بلغت النسبة من الإيرادات 95%، مقارنة مع نسبة 98% في موازنة 2017. وخلافا للعام الماضي، قدمت الموازنة هذه المرة تفصيلا أشمل لأرقام الدعم، والتي جاءت أعلى بنسبة الضعف من الدعم المذكور في موازنة العام السابق. وبشكل عام بلغ إجمالي المساهمات 725 مليون ريال عماني، مقارنة مع 395 مليون ريال عماني لموازنة 2017. وشكل الدعم التشغيلي للشركات الحكومية ودعم قطاع الكهرياء النصيب الأكبر من إجمالي المساهمات بنسبة 93%. وأدى ارتفاع تكلفة الدين العام خلال العامين الماضيين لتخصيص مبلغ إضافي في موازنة 2018 قدره 215 مليون ريال عماني؛ ما أدى بإجمالي الفوائد على القروض إلى أن يسجل 480 مليون ريال عماني، مقابل 265 مليون ريال عماني في موازنة 2017. كذلك أدى بدء عدة حقول للغاز بالإنتاج إلى زيادة المصروفات الجارية لقطاع الغاز، والتي تجاوزت للمرة الأولى المبالغ المقدرة لإنتاج النفط ضمن المصروفات الجارية. وبلغت مصروفات إنتاج الغاز في الإنفاق الجاري 380 مليون ريال عماني، مقارنة مع 340 مليون ريال عماني لإنتاج النفط. وعلى أية حال، سجل إجمالي الإنفاق المقدر لإنتاج النفط (الجاري والاستثماري) مبلغا أعلى من المقدر لإنتاج الغاز، وسجلت الزيادة في مصروفات إنتاج النفط والغاز نسبة 15%، مقارنة مع العام 2017 عند 2.1 مليار ريال عماني، مقارنة بـ1.82 مليار ريال عماني في عام 2017.

 

الإنفاق بالتوزيع القطاعي

وركزت الحكومة بشكل واضح على قطاعي التعليم والصحة على مدى العامين الماضيين، إلا أن المبالغ المخصَّصة لهم شهدت تراجعا خلال فترة التقشف، مع الحفاظ على نسبة المزيج فيما بينهم. وقد خصصت الحكومة مبلغ 654 مليون ريال عماني لقطاع الصحة في موازنة 2018، مقارنة مع 612 مليون ريال عماني في موازنة عام 2017؛ أي بارتفاع نسبته 6.74%. هذا، وتم مؤخرا التوقيع على اتفاقيات بمشاركة القطاع الخاص؛ بهدف تقوية القطاع الصحي في البلاد؛ نذكر منها تنفيذ ثلاثة مستشفيات جديدة؛ هي: مستشفى السلطان قابوس بصلالة، ومستشفى السويق، ومستشفى خصب.

وفيما يتعلق بقطاع التعليم، خصصت الحكومة مبلغ 1.58 مليار ريال عماني في موازنة 2018، وهو مبلغ قريب جدا من الرقم الذي تم تخصيصه في موازنة 2017. وأولت الحكومة اهتماما خاصا بتدريب الباحثين عن عمل من المواطنين من أجل تعزيز مهاراتهم وقدراتهم لكي تصبح جاهزيتهم أعلى للانضمام إلى سوق العمل. وهنا، أشار بيان الموازنة إلى الصندوق الوطني للتدريب الذي تم تأسيسه، وإلى تخصيص نحو 62 مليون ريال عماني لتغطية تكاليف برامج التدريب، الهدف من هذه البرامج التدريبية هو تبني أحدث منهجيات التدريب العالمية من أجل التدريب خلال العمل. ويقوم الصندوق حالياً بتدريب الدفعة الأولى البالغة نحو 4300 متدرب، والتواصل كذلك مع مختلف شركات ومؤسسات القطاع الخاص لاستيعاب هؤلاء المتدربين فور انتهاء التدريب.

وكغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، تحرص السلطنة بشكل كبير على الاستمرار بدعم الضمان والرعاية الاجتماعية لمواطنيها. وقد تم تخصيص نفس المبلغ تقريباً الذي شهدته موازنة العام السابق في موازنة العام الحالي عند 986 مليون ريال عماني، وتم تخصيص مبلغ 80 مليون ريال عماني لمواصلة تنفيذ برنامج الإسكان الاجتماعي، وبرنامج المساعدات الإسكانية للمواطنين المؤهلين، فضلاً عن قروض الإسكان المقدمة من بنك الإسكان العُماني. وعلاوة على ذلك، بلغت مخصصات قروض الإسكان والتنمية حوالي 30 مليون ريال عماني، وفيما يتعلق بتطبيق القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بشأن دعم الوقود للمواطنين المؤهلين، تقرر توزيع المخصصات المطلوبة لتغطية الدعم وفقا للآليات المعتمدة.

 

العجز المتوقع

وتتوقع الحكومة أن يسجل العجز الفعلي للعام 2017 مبلغ 3.5 مليار ريال عماني، في حين أن الرقم المقدر في موازنة 2018 يبلغ 3 مليارات ريال عماني؛ أي بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي.  وبشكل مطابق لآلية تمويل العجز التي حصلت في العام 2017، أوضحت أرقام موازنة عام 2018 أن تمويل العجز سيتم من خلال الاقتراض الخارجي بمبلغ 2.1 مليار ريال عماني، وااإقتراض المحلي بمبلغ 0.4 مليارات ريال عماني، والسحب من الاحتياطات بمبلغ 0.5 مليار ريال عماني. وبرأينا أن الحكومة كانت موفقة في آلية التمويل التي اتبعتها في العام 2017؛ حيث أخذت في الاعتبار الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة الأمريكية بناءً على الإشارات التي أوحى بها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتشير الأرقام الفعلية للأشهر العشرة الأولى من العام 2017 إلى أن الموازنة سجلت فائضا بمبلغ 1.75 مليار ريال عماني؛ وذلك بعد استخدام جملة وسائل التمويل.

وتشمل الأهداف العامة على المدى الطويل تحقيق معدل نمو اقتصادي بنسبة لا تقل عن 3% بالأسعار الثابتة، والسيطرة على معدل التضخم بشكل يحافظ على مستوى دخل الفرد، والاستمرار في خفض نقطة تعادل النفط للإنفاق الحكومي خلال الأعوام القادمة. وطبقا لتقرير صندوق النقد الدولي الصادر في شهر أكتوبر 2017، فمن المتوقع أن يبلغ سعر التعادل للنفط للحساب الجاري 76.3 دولار أمريكي للبرميل، وسعر التعادل في الموازنة 75.1 دولار أمريكي للبرميل؛ وذلك للعام 2018، ودعم العائدات غير النفطية، والعمل على رفع مساهمتها في إجمالي الإيرادات الحكومية بما لا يقل عن 30% من جملة الإيرادات العامة، والحد من ارتفاع الدين العام، والعمل على تخفيضه خلال السنوات المقبلة. وفي هذا الصدد، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع نسبة إجمالي الدين من الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة إلى 50.7% في العام 2018، مقارنة مع 44.5% في العام 2017، والحفاظ على مستويات المصروفات الاستثمارية بشكل يعزز عملية التنويع الاقتصادي، ويؤدي لزيادة معدلات التشغيل وتدعيم التنمية الاجتماعية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف الإسراع في تنفيذ عدد أكبر من المشروعات الاستثمارية ومبادرات القطاع الخاص، وتوفير الدعم اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ وذلك من خلال إسناد حصة من المشاريع والأعمال الحكومية اليها، والترويج لقطاع السياحة والقطاع اللوجيستي في السلطنة.

ويرى التقرير أنه تم إعداد وصياغة موازنة عام 2018  بطريقة عملية، متوقعا أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات العامة بداية أفضل من تلك التي تم تسجيلها في بداية العام السابق؛ كون مستويات أسعار النفط الحالية أفضل من التي تم البناء عليها في الموازنة. وفيما يتعلق بالتضخم، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 3.2% خلال العام 2018 وهو عند مستوى قريب من المستويات المتوقعة للعام 2017. إن التأخير في تطبيق ضريبة القمية المضافة سيساعد في احتواء التضخم، كذلك نتوقع أن يبقى سعر الصرف مستقرا طالما تتمكن الحكومة من إدارة ميزان المدفوعات بشكل فعال وناجح، ومن خلال استثمار أفضل لمصادر التمويل والمحافظة على مستويات مناسبة من الاحتياطيات الأجنبية.

تعليق عبر الفيس بوك