حوار جلالة السلطان قابوس مع مجلة المجالس الكويتية عام 1973م

حديث جلالة السلطان لمجلة المجالس الكويتية


أدلى جلالة السلطان قابوس المعظم بحديث صحفي لمجلة (المجالس المصورة) الكويتية الأسبوعية نشرته في عددها الصادر يوم السبت 2 من يونيو 1973م. وتحدث فيه جلالته عن أحداث لبنان وعلاقات عمان مع الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة والتسهيلات الممنوحة لاستثمار الرساميل العربية والأجنبية في السلطنة وعدد من القضايا الأخرى.. وفيما يلي نص الحديث كما نشرته مجلة (المجالس المصورة)..

المحرر: ما هو رأي جلالتكم بالأحداث في لبنان وما هو موقفكم منها ما دامت حديث الساعة؟
جلالة السلطان: لا شك أنها أحداث مؤسفة، وأمر يحز في النفوس أن يقتتل الإخوان فيما بينهم، بينما العدو الصهيوني يقيم الاستعراضات العسكرية احتفاءً بذكرى قيام الكيان الدخيل ونحن لا نستطيع تخطئة أي من الجانبين لأن الصورة ليست واضحة ومع ذلك فقد أصدرنا بياناً دعونا فيه الجانبين إلى التزام الحكمة والتعقل في معالجة الموقف بما يحقق الاستمرار والازدهار للبنان الشقيق وبما يحقق الأهداف النبيلة للثورة الفلسطينية في تحرير فلسطين.

المحرر: سمعنا يا جلالة السلطان خلال وجودنا في مسقط، بأن مساعدات عسكرية إيرانية وصلتكم مؤخراً وهي تشارك في محاربة ثورة ظفار فما هي صحة هذه المساعدات؟ وهل صحيح أنكم اتفقتم مع إيران على مراقبة مضيق هرمز وتفتيش السفن التي تمر فيه إلى الخليج العربي منعاً لتسلل السلاح السوفياتي إلى المنطقة، وهل أقامت إيران لنفسها وجوداً بحرياً في جزيرة مصيرة؟ مع ملاحظتنا للوجود التجاري الإيراني في بلادكم؟

جلالة السلطان: إيران قدمت لنا مساعدات لمحاربة الشيوعية التي تشكل خطراً كبيراً علينا.. فكما أن الاتحاد السوفياتي والصين تقدمان المساعدة "لثورة ظفار" فنحن نقبل المساعدة من أصدقائنا لمحاربة المتمردين في ظفار وهم قلة.. إننا بحاجة إلى مساعدة جميع الأصدقاء ولا سيما وإن نصف ميزانية السلطنة تصرف على محاربة هؤلاء المتمردين، أما القول بأننا اتفقنا مع إيران لتفتيش السفن التي تمر عبر مضيق (هرمز)، أو أنه أصبح لإيران وجود في المضيق، فهذا لا أساس له من الصحة إطلاقاً، ونحن نعتبر أن مضيق هرمز ممر مائي دولي ولا نقبل بأي وجود أجنبي فيه وكذلك ليس هناك أي وجود إيراني أو غير إيراني في جزيرة مصيرة. أما بالنسبة للتعامل التجاري، فقد استقبلنا وفداً تجارياً إيرانياً ورحبنا به ونحن نتعامل مع جميع الدول تجارياً فكيف لا نتعامل مع إيران وهي البلد الصديق الذي يمدنا بالمساعدات.

المحرر: جلالة السلطان ما دُمت تنفي الوجود العسكري الايراني، هل نعتبر أن هذا الوجود هو وجود بريطاني؟ لقد قيل لنا بأن حوالي عشرة آلاف جندي بريطاني متواجدين في السلطنة ولهم قواعدهم في صلالة وجزيرة مصيرة؟
جلالة السلطان: أين هم هؤلاء الجنود البريطانيون؟ دلوني عليهم.. إنني أؤكد مرة أخرى بأنه لا يوجد جنود بريطانيون في بلادنا.. باستثناء تسهيلات نقدمها لطائراتهم في مطارات صلالة ومصيرة، فهي تزود بالوقود والخدمات الأخرى وأعترف بأنه لدينا خبراء بريطانيين في الجيش لتدريب قواتنا على استعمال الأسلحة، ومثل هؤلاء الخبراء لهم وجود في كل الدول الشقيقة والصديقة.

المحرر: ماهي طبيعة علاقاتكم مع الدول الشقيقة والصديقة؛ ولماذا لم تتبادلوا التمثيل الدبلوماسي مع بعضها؟
جلالة السلطان: علاقتنا طيبة مع جميع الدول الشقيقة وقد تبادلنا معها التمثيل الدبلوماسي... إلا العراق.. لأن العراق يمد المساعدات العسكرية للمتمردين في ظفار ونحن لا نتعاون مع أي نظــام عربي أو أجنبي يناصبنا العداء ويساعد أخصامنا.. فالعراق قدم ويقدم المساعدات إلى المتمردين وذلك يعني أنه يعادينا، وكذلك الاتحاد السوفياتي فإنه يقدم المساعدات العسكرية للمتمردين ولسنا على استعداد لتبادل التمثيل الدبلوماسي مع روسيا أو الصين..

المحرر: ألا تعتقد يا جلالة السلطان أن تبادل التمثيل الدبلوماسي ووجود سفير عراقي بمسقط كذلك وجود سفير عماني في بغداد قد يؤدي إلى تفاهم بين البلدين؟
جلالة السلطان: نحن نرفض مثل هذه السياسية، ويجب على الحكم العراقي أن يأخذ المبادرة في وقف مساعداته للمتمردين. فليس المهم أن يعترف العراق بنا كدولة ويؤيدنا في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية، بل الأهم أن يبادر إلى وقف مساعدته للمتمرين.. لقد جاء السفير العراقي واعتذرنا منه وعاد إلى بلاده، لأنه لا يقوم تبادل دبلوماسي بيننا وبين العراق.

المحرر: ذكرت جلالتك بأن سلطنة عمان تحتاج إلى مشاريع كثيرة فما هي التسهيلات التي تقدمونها للرساميل العربية لاستثمارها في هذه المشاريع.
جلالة السلطان: التسهيلات التي نقدمها للرساميل العربية كثيرة، إلا أنها مشترطة بأن تكون نسبة مساهمة العماني بأي مشروع 35 بالمئة من رأسمال المشروع و 65 بالمئة للشريك العربي أو الأجنبي. فأنتم في الكويت تسمحون للشريك الأجنبي بنسبة 49 بالمئة فقط..

المحرر: ولكن تنفيذ هذه المشاريع يحتاج إلى أيدي عاملة فنية، فلماذا لا تفتح السلطنة المجال للأيدي العاملة العربية لتشارك في عملية البناء بعُمان؟
جلالة السلطان: للأسف الشديد إن بعض العرب غير مخلصين.. ولا يمكن أن نأمل لهذا البعض.. ولذلك فإن عملية السماح لهذه الأيدي بالدخول إلى عمان تحتاج إلى دراسة دقيقة.

هل حاولتم الاستفادة من صندوق التنمية الكويتي، أو من صندوق النماء في أبوظبي، وما هو مدى مساهمتكم في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي قــد يعمل لتمويل بعض مشروعاتكم؟
جلالة السلطان: في الحقيقة لم ننضم حتى الآن الى صندوق الإنماء العربي كما إننا لم نطلب مساعدات من الصندوق الكويتي، ونحن لا نطلب المساعدات، وجميعهم يعرفون مدى احتياجاتنا لهذه المساعدات وعليهم أن يقدموها لنا بدون طلب منا.

المصادر: ناصر أبو عون – صحفيون في بلاط صاحب الجلالة، محاورات السلطان قابوس مع وسائل الإعلام العربية والأجنبيّة، ص: 139، 140، 141، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع – الأردن – ط 2/ 2015م، وانظر أيضا:جريدة عمان، يوم  السبت 2 يونيو 1973م – 1 من جمادى الأولى 1393الصفحة الأولى – السنة الأولى- العدد29 – المجلد الأول.

تعليق عبر الفيس بوك