دمى كوينتين تارينتينو

ممدوح التايب - مصر


حين يقول الأطفال أنهم رأوا القمر يتدلى
من كوة فولاذية تشبه إست القرد
صدقوا خيالهم البسيط وبذاءتهم
أقسم لكم بدماء الشهداء
أني رأيت عروساً تلمِّع مخالب ثور
وكان الليل، كفانوسي القديم هذا،
يشبه البلور برائحة المقاصل.
وأقسم لكم بعظمة جوجل
أني تلصصت على عملاق رأسمالي
يستمني على كومة من المواثيق
ولمحت في دولابه الخرافي
أقزاماً يحملون صلباناً
وشهادات نسبٍ لربٍ ما
كان يملأ دلوه بالنفط
يسقي أواني الزهر، يسمى "فرانكشتاين".
حين يصرخ أطفالكم من الكوابيس
صدقوا أنهم كانوا معلقين من أثدائهم
بخطافات تحلق بها الغربان إلى البورصة
يبيعونهم هناك وسط هتافات نازية:
الموتُ لأطفالك يا تارانتينو.
           *
تارانتينو يحبني لأنني أقدس لحيته المثلية
ولأننا مشينا عشية في تكساس
حك خصيتيه حين مس المطر
ذقنه الناتئ كإصبعٍ من جورب
وقال: سيجيء يوم، يا صديقي الوغد،
يحق لفتاة الستريبتيز أن تدغدغ بوذا تحت إبطيه
أن تشرق الشمس من مقبرة جماعية
أن تذوب الفوارق الطبقية
بين ست الحسن ولص الدجاج
أن نلجُ جحر الأرنب، هذا، ولا يتأفف
من أحذيتنا الممتلئة بالمدافن
أن تخلع الربة بنطالها، عند النبع، ولا تمسخ الراعي.
سيجيء زمن كأنه ذئب مجنح
لكنه طيب كالخلد ولا يفعصُ كالقمل
عمال المناجم وبائعي اليانصيب.
سأخبرك بسر خبأته في نعلي
دست قطاً وأنا، لأول مرة، أقود عجلتي
وقبل أن يموت، على فراشي،
دلَّني على كنز تحت تمثال الحرية
بحثت مراراً، ما وجدت غيرَ سيفٍ مرصع بالرؤوس
ووصية كتبها هتشكوك:
الخراب قادم يا أوساخ.
مللتُ المواسم، كيف لقلبي أن يحتمل موتَ شجرةٍ
كانت تربي على أغصانها العصافير
كرهت أن تجثو حبيبتي عند ركبتي
ثم بعد، داس باص الاتحاد
على ظلي أمام ملعب الرجبي
ظل يشتم عنصرية الأمة نهاراً بأكمله،
أعطيته سيجارة، نفخ دخانها في وجهي واختبأ.
           *
هذا العالم الناسك أعرفه مذ كان يتحسس أفخاذ
الصبيةِ في هارلم
رأيته يربي خرفاناً ملونةً في حوض السمك
رأيته يقايض هندياً أحمراً على شرف زوجته ثم
يقف كفيلسوف إغريقي يخطب في ساحات النصر
عن خطرِ الانترنت وحبوب منع الحمل.
طاردتُ أيلاً كان ينط على سياج بيتي
حتى ضللت الطريق، فانتبهت إلى الخواء
من حولي ببدنه المملوء بالقش والفقاقيع
لم تعد الموسيقى الجنائزية تملأ قبعتي،
حتى مظلتي لم تكفِ
لتكون غابةً أو خيمةً لعبيد الحرب.
ورأيتُ يهوذا يبحث عن وظيفة
وحين تبعته إلى الحانة
كان يصرخُ مثل دغلٍ ضاحكاً:
كيف شارك المسيح عشاءه،
شرب الروم من كأسه،
ضرب معه موعداً عند الشروق،
وبعد العناق، سلمه للحرس.
          *
 أريد أن أنعس، حيثما أرحت رأسي
على جريدة يومية، على عربة موتى
على ظهر امرأة لا يقتتل عليها الفلاسفة
وللبحر، قميصي الواسع، أن ينكمش
بين فخذي ويملأ وقتي بالرطوبة
وللسماء، قبعتي المثقوبة، أن تتفتح
كسقف حلماتٍ ترضع المداخن
وأمشي، سعيداً، أسب الكهنة
بوجوههم الصامتة في العملات.
هيا بنا، يا صاحٍ،
نتفاخر بهذياننا عند الكنيسة القديمة
ثم نمرق على النهرِ
نستحم كأي قندسين،
نضحك من سراويلنا الرثة وأعضاءنا الضامرة
وحين يقول الأطفال أنهم رأوا القمر يتدلى
من كوة فولاذية تشبه إست القرد،
سنصدقهم ونكمل الحكاية.

تعليق عبر الفيس بوك