استغلال الفرص في التنمية الاقتصادية

 

عبد الله العليان

تحدث سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن، رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى في مقالة له، عن قضايا هامة وحيوية تهم الاقتصاد الوطني وضرورة فتح المجال للاستثمار الإنتاجي، بما يُعزز التنمية الاقتصادية في بلادنا، وأهمها إيجاد البيئة المناسبة والمناخ الجيد من حيث القوانين والتشريعات التي تعتبر ضرورة قصوى في مسيرتنا التنموية، ومنها إزالة كافة المعوقات وتوفير الوسائل الجاذبة.

ومما قاله سعادة د. صالح في مُقدمة هذا المقال" تعلب البيئة التشريعية والقانونية دورا أساسياً في تهيئة المناخ الاقتصادي ليكون جاذباً للاستثمار ومحفزاً لممارسة الأعمال من خلال تفعيل القوانين والتشريعات لتقوم بدورها الرقابي والتنظيمي لتأمين بيئة الأعمال وتحفيزها لتحقيق المزيد من الإبداع والابتكار". ولا شك أنَّ ما قاله سعادة رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى، يصب في التوجه الذي رسمته الرؤية الاقتصادية العمانية 4020 كخطة مستقبلية مهمة وضرورة، ونستفيد من سلبيات الرؤية الاقتصادية الماضية 2020، التي كانت من حيث التنظير جيدة، لكنها في الواقع والممارسة لم تتحقق الأهداف والرؤى التي تحدثت عنها، ولاشك أن القائمين على الخطة المستقبلية الجديدة، والتي لاشك أن أهدافها وبرامجها جيدة، وفق ما جاء في خططها التي نشرت وجرى الحديث عنها، خاصة وأنها أشركت كل المؤسسات والهيئات ورجال الأعمال والخبراء، في إعداد ومناقشة هذه الخطة، وهذا لاشك مربط الفرس، إذ لا تستطيع أي خطة أحادية مهما كانت قدرة مخططيها، أن تحقق نجاحاً، بعيداً عن مشاركة ذوي الاختصاص، وإتاحة الفرص للنقاشات الموسعة، ووضع المناخ الاستثماري من حيث النظم والقوانين، والأهم من ذلك، المتابعة السنوية لسيرة هذه الخطط وتحركها ومُعالجة المعوقات أو السلبيات إن وجدت. وهذا طرحه سعادة د. صالح بن سعيد مسن، لأن الوقت مهم في استغلال الفرص، والفرص قد تكون سريعة التحرك، وفق ما هو موجود في البيئة الاستثمارية، وكما نعلم فإنَّ الكثير من المستثمرين من خارج بلادنا في العقدين الماضيين، جاءوا للاستثمار، لكنهم ذهبوا لعدم وجود الفرص المحفزة للاستثمار، لكن الظروف الآن اختلفت، والدولة وضعت الكثير من القوانين، وما تزال هناك حاجة ملحة لوضع تشريعات وقوانين جديدة تلائم الظروف المستجدة في المجالات الاستثمارية، ومنها تشجيع القطاع الخاص العُماني في الدخول في شراكات استثمارية كبرى، وهذا ما أشار إليه سعادة رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية، ولكن أيضًا لابد من الإسهام في دعم القطاع الخاص، وكما يتم الحديث عن أنَّ بعض الشركات تعاني من الظروف المالية، خاصة وأنَّ بعض الشركات لم تحصّل على مبالغ من الحكومة لبعض المشاريع المنفذة، نتيجة الظروف المالية الراهنة بسبب انخفاض النفط، وهذا يجعل الاقتصاد الخاص الوطني ضعيفاً من المبادرات الاستثمارية الكبيرة.

ومن هنا لابد من تشجيع هذا القطاع، لأن عليه الآن مسؤولية للمساهمة الوطنية، في التوظيف، وهذا بلا شك واجب وطني، لكن في المُقابل من المهم إتاحة الفرصة له من الانطلاق من حيث عدم المُشاركة الاستثمارية في كل المشاريع الحيوية، وخصوصًا إشراكه في المشروعات الكبيرة، مع الشركات الاستثمارية الأجنبية، والأمر الآخر والمهم الذي أشار إليه سعادة د. صالح مسن في هذا المقال، مسألة "الدفع بعملية التنويع الاقتصادي".

وهذه بلا شك نراها من الأولويات في الانتعاش الاقتصادي، ونحن نعاني من قضية عدم وجود تنوع، إذ يستحوذ القطاع النفطي، وقطاع المناولة البحرية في ميناء صلالة، في هذا الاستثمار، بينما نجد أن قطاعات السياحة، وهى من أهم القطاعات، تعد قليلة جداً، خصوصا وأن السلطنة، تمتلك أهم المقومات، وبإمكانها، أن تستوعب آلاف الشباب، ويحرك البيئة الاقتصادية الأخرى بصورة كبيرة، كما أن الاستثمار في التعدين وقطاع الأسماك، وقطاع الزراعة، وقطاع الثقافة، يشكل رافداً كبيرا للحراك الاقتصادي، وهذا القطاعات لم تحرك تحريكا يتناسب مع هذه الإمكانيات الكبيرة لما تملكه السلطنة للأسف، لكننا نتوقع أن الأمر في إطار الاهتمام والمراجعة الجدية، سواء ضمن الخطة المستقبلية 4020، أو من خلال البرنامج الوطني لتعزيز الاستثمار (تنفيذ).

والحقيقة أن ما طرحه سعادة الدكتور صالح مسن، جدير بالاهتمام من جهات الاختصاص، وقد طرح العديد من النقاط الهامة التي تهم التنمية الاقتصادية، لاسيما المجلس الأعلى للتخطيط، وهو بحق المسؤول الأول عن الخطط المقبلة، لكن من المهم أن نركز على القوانين الجاذبة للاستثمار، وقد كتبت عن هذا الجانب عدة مرات، صحيح أن وزارة التجارة والصناعة، قد عدلت في قانون الاستثمار الأجنبي منذ فترة ومنها (إلغاء رخص القيد الإلزامية، واشتراطات الملكية المحلية العامة والحد الأدنى لقيمة الاستثمار المقدر بـ (150) ألف ريال عُماني). وغيرها من القوانين التي تسهم في تسهيل الإجراءات، لكننا نأمل أن تتم مراجعة بعض الإجراءات المحفزة للاستثمار ـ كما أشار سعادة صالح مسن ـ في مقاله، والتي أعتقد أنها ليست بعيدة عن المجلس الأعلى للتخطيط.