"خليجي 23 ": تكتيك الأحمر العماني ومتانة الدفاع الإماراتي وشراسة الهجوم العراقي أبرز عناوين دور المجموعات

الرؤية - وليد الخفيف

تصوير/ عبد الله البريكي

ربما كان التنظيم الجيد وبلوغ الأحمر العماني للمربع الذهبي أجمل حلقات "خليجي 23"، التي أسدل الستار على دورها الأول بمستويات فنية متباينة. فالمستويات الفنية المتوسطة لمعظم المنتخبات المشاركة عكست مستوى الإعداد المتعجل للبطولة، التي مرت بحالة مخاض متعثرة انتهت على أسوار الكويت التي منحتها قبلة الحياة بعد رفع الإيقاف الذي فُرض عليها من أكتوبر 2015.

وضرب منتخبنا الوطني موعدا مع الدور قبل النهائي بمواجهة المنتخب البحريني يوم الثلاثاء الذي سيشهد أيضا على مواجهة العراق والإمارات في الدور نفسه. وتأهلت عمان والإمارات من المجموعة الأولى إلى المربع الذهبي، وودعت السعودية والكويت المنافسات من دور المجموعات، لم يكن للتوقعات دور في المشهد الذي صنعه رجال الأحمر بسواعدهم.

وجاء تصدر منتخبنا الوطني بفضل فوزين حققهما على الكويت والسعودية، حصد منهما النقاط الست، بينما بلغ منتخب الإمارات الدور نفسه بالحصول على 5 نقاط من فوز على منتخبنا الوطني وتعادلين أمام السعودية والكويت. ولم يقدم المنتخب السعودي في تلك النسخة ما يشفع لبلوغه الدور الثاني؛ إذ حقق فوزه الوحيد بصعوبة على صاحب الأرض الموقوف من أكتوبر 2015، قبل تعادل باهت مع الأبيض الإماراتي وخسارة موجعة مستحقة من الأحمر العماني، الذي كشف الإمكانيات الضعيفة للمدرب السعودي في التعامل مع مباراة تكتيكية من الدرجة الأولى، لا سيما في خط الوسط الذي شهد معركة حقيقية تفوق فيها الأخضر في الشوط الأول، وانتزعها الأحمر في "شوط المدربين"، كما كشفت النتيجة أن رديف السعودية لا يحمل الجين الدولي الذي يجري في عروق الفريق الأصلي الذي يستعد لمونديال روسيا.

ورغم وداع الكويت للمنافسة مبكرا، إلا أن التنظيم لاقى إشادة من الجميع، تزامنا مع رفع الإيقاف وعودة الحياة بعد صراعات داخيلة دفع جيل من الرياضيين الكويتي ثمنها غاليا.

وتبدو أسباب خروج الكويت مبكرا من النسخة التي استضافتها أراضيها واضحة؛ فالأزرق لم يستدع عددا من أبرز لاعبيه، إضافة للإعداد الضعيف، ليؤثر ذلك سلبا على الانسجام بين العناصر وافتقاد الانضباط التكتيكي.

ويبدو أن بونياك لم يكن ملمًّا بإمكانيات لاعبيه، فلم يُحسن توظيفهم، وعجز عن إشراك مهاجم صريح في مباريات لا تقبل بأنصاف الحلول، فضلا عن القراءة التقليدية لسيناريوهات المواجهات، لهذا لم تأت تدخلاته بجديد في "شوط المدربين" سوى في لقاء الإمارات الذي خاضه بلا هدف.

ورغم بلوغ المنتخب الإماراتي المربع الذهبي بالحصول على البطاقة الثانية -5 نقاط- خلف منتخبنا بفوز وحيد وتعادلين، بيد أن الأبيض الإماراتي الحاصل على ثالث آسيا لم يظهر حتى الآن في أبهى صوره، وربما كان أفضل على كل المستويات تحت قيادة مهدي علي، فما زال الإيطالي زاكروني يبحث عن سبل تطبيق طريقة لعبه 3/4/3 التي لم "يهضمها" لاعبوه حتى نهاية الدور الأول.

وفاز الأبيض على عُمان بهدف من ركلة جزاء، وتعادل مع السعودية سلبيا، وبالنتيجة نفسها أنهى مواجهته الثالثة مع الكويت، وكان الدفاع الأبيض هو الأقوى في البطولة، فلم تهتز شباكه في المبارايات الثلاث، في المقابل عاني الفريق من شح تهديفي واضح، فلم يسجل الإمارات سوى هدف وحيد جاء من ركلة جزاء تكفل بها علي مبخوت. ويبدو أن اهتمام زاكروني كان موجها لترميم المنظمومة الدفاعية التي كانت نقطة ضعف الأبيض في السباق الآسيوي، بيد أن ذلك جاء على حساب الشراسة الهجومية التي افتقدت "مخالبها" بطريقة اللعب الجديدة التي تعتمد هجوميا على القادمين من الخلف لتعزيز الكثافة الهجومية مع علي مبخوت.

وخالف الأحمر العماني التوقعات، فتسيد مجموعته بفوزين مستحقين، ولم تأت خسارته في اللقاء الأول -أمام الإمارات- لقصور في أداء لاعبيه، بل حملت سببين؛ أولهما صافرة الحكم، والثاني ضعف الفاعلية الهجومية واعتماد فيربيك على تكتيك الاستحواذ بقصد تحوله إلى ضغط هجومي، بيد أن ذلك لم يحدث، فظهر خط الهجوم منعزلا عن خط وسطه الذي عابه الالتزام بالواجبات الدفاعية دون القيام بدور هجومي فاعل.

ورغم فوز الأحمر على الكويت بهدف من ركلة جزاء، إلا أنه افتقد للنجاعة الهجومية، فخط الدفاع والوسط ظهرا بشكل جيد على المستوى الدفاعي، إلا أن قيامهما بالدور الهجومي لم يكن كافيا لإحداث الكثافة الهجومية المؤثرة.

وجاءت تغييرات فيربيك موفقة عندما دفع بمحمود مبروك بديلا لرائد إبراهيم البعيد عن مستواه على المستويين الدفاعي والهجومي؛ ليبدو الفوز في الشوط الثاني مستحقا، بعد شوط تحمَّل خلاله خط دفاع الأحمر المتلاحم مع خط وسطه، مسؤولية التصدى للنمر والمؤشر ورفاقهما.

وفي المجموعة الثانية، تسيد العراق مجموعته، فضرب موعدا مع المربع الذهبي، ولحق به شقيقه البحريني بفضل منظومته الهجومية القوية، بينما ودع قطر واليمن السباق مبكرا، ليتنازل العنابي في الكويت عن لقبه الذي انتزعه من الرياض النسخة الماضية من أصحاب الأرض تحت قيادة الجزائري جمال بلماضي.

وارتقى المستوى الفني للمنتخب العراقي من مباراة لأخرى؛ فتعادل في اللقاء الأول أمام البحرين بشق الأنفس، ثم حقق فوزا مستحقا على قطر، وواصل نجاحاته بانتصار عريض على اليمن "المكافح".

وارتفعت أسهم العراق لنيل اللقب بعد الأداء الذي وصفه المحللون بالقوى؛ فمقعد البدلاء القادر على صنع الفارق، والتكتيك الصائب للمدرب، وحماس اللاعبين ورغبتهم في الفوز، كلها كانت نقاط قوة أسود الرافدين.

وضرب البحرين موعدا مع المربع الذهبي بعد التعادل المثير مع قطر بهدف لمثله، في ختام منافسات دور المجموعات؛ فالمنتخب الذي استهل مشواره بالتعادل مع العراق أعقبه فوز صعب على اليمن، نجح في انتزاع نقطة التعادل عندما خاض اللقاء أمام العنابي.

وتكمن قوة المنتخب البحريني في حارس مرماه ومتانة خط دفاعه، ورغم تحقيق البحرين لمبتغاه في اللقاء الحاسم أمام قطر، غير أن تكتيك التشيكي ميروسلاف كان محفوفا بالمخاطر عندما اعتمد على الحالة الدفاعية البحتة أمام العنابي، الذي فضها بركلة جزاء سجل منها العيدوس هدف بلاده الوحيد. ويمتلك البحرين قدرات هجومية جيدة، وهذا ما دلل عليه في الشوط الثاني عندما بحث فيه عن إدراك التعادل.

ودفع المنتخب القطري ثمن الخسارة من العراق، فتنازل عن لقبه، وودع البطولة دون أن يشفع له اجتياحه لشباك اليمن برباعية، ولا بالأفضلية الهجومية التي فرضها على البحرين.

ويبدو خروج اليمن منطقيا عطفا على الظروف الصعبة التي يعيشها البلد الشقيق، فلم تُتح الظروف لكتيبة الإثيوبي إبراهام الدخول في فترة استعداد، ولا توجد مسابقة منتظمة في اليمن، وما قدمه اللاعبون أتى انعكاسا لرغبتهم في إسعاد جماهيرهم التي لم تدخر جهدا كعادتها في مساندتهم.

ولا يُقلل وداع اليمن من القيم الفنية والمهارية التي تزخر بها صفوفه، فاللاعب اليمني موهوب بالفطرة، غير أن الإمكانيات تقف عائقا أمام طموح منتخب يُمتع الجماهير ولا يتذوق حلاوة الفوز.

الأخطاء التحكيمية

وكانت الأخطاء التحكيمة عنوانا للمشهد، وغيرت من سير مباريات عدة؛ فالأحمر العماني على سبيل المثال خسر من الإمارات متاثرا بركلة جزاء مشكوك في صحتها، ولم يُوفَّق الحكم أيضا في احتساب ركلة جزاء غير صحيحة لقطر أمام العراق، وتغاضى عن ركلة جزاء لليمن أمام قطر، وأثير الشك حول صحة ركلة الجزاء التي احتسبت لصالح قطر أمام البحرين.

ولم تُحسن اللجنة المنظمة اختيار الحكام عندما أسندت للاتحادات الخليجية ترشيح الحكام من طرفها؛ فغابت أسماء خليجية كبيرة؛ مثل: أحمد الكاف على سبيل المثال، وحاولت اللجنة تدارك الأمر، فاستعانت بحكام آخرين لإدارة المباريات الأخيرة من دور المجموعات؛ مثل: طاقم الحكام السريلانكي بقيادة كريشنا بيريرا.

وكان المنتخب العراقي صاحب الهجوم الأقوى في دور المجموعات بإحراز 6 أهداف، متساويا مع قطر الذي ودع السباق، ونجح المنتخب الإماراتي من الاحتفاظ بشباكه نظيفة في ثلاث مباريات كأقوى خط دفاع في دور المجموعات.

تعليق عبر الفيس بوك