القوة الهجومية.. هاجس يؤرق فيربيك رغم الفوز على الكويت

...
...
...
...
...

 

تحليل - وليد الخفيف

تصوير/ عبدالله البريكي

قدم منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم أداءً تكتيكيا جيدا أمام نظيره الكويتي على مستوى الدفاع والوسط، بيد أن غياب القوة الهجومية لا يزال يؤرق الهولندي بين فيربيك الذي لم يضع الحلول الناجعة لذلك في المواجهتين، فخط الهجوم الذي يقوده الهاجري يفتقد تعزيزات القادمين من الخلف، والهدف الوحيد جاء من ركلة جزاء.

وعاني المنتخب من نقص في الكثافة العددية في منطقة جزاء المنافس؛ لذا فالتكتيك المعتمد على الأطراف لم يُثمر عن شيء؛ فجميع العرضيات التي نُفذت عبر سعد سهيل تعامل معها خط دفاع الكويت، ومن قبله الإمارات، بسهولة ويسر.

واعتمد فيربيك وبونياك على طريقة لعب واحدة 4/2/3/1، وتشابَهَا أيضا في مهام تغيير المراكز التي كلفا بها الأطراف، فتبادل الأدوار بين رائد إبراهيم وجميل اليحمدي، قابله تكتيك مشابه بين فهد العنزي وعبدالله البريكي، مع الاعتماد على لاعبين في الارتكاز يغلب عليهما الدور الدفاعي مع وجود مهاجم وحيد، فكان المطوع نافذة الكويت الهجومية، وخالد الهاجري مهاجا صريحا للاحمر.

التحفظ كان عنوان الشوط الأول بين الطرفين، ونفذ لاعبو الأزرق في الربع ساعة الأولى الضغط العالي على حامل الكرة، ووجد منتخبنا صعوبة في بناء هجمات منظمة، حتى تراجع مستوى اللياقة البدنية عند الكويتيين، ليعتمدوا على الضغط في وسط ملعبهم؛ الأمر الذي منح محسن جوهر فرصة الاستلام والتسلم بسهولة، فقام بدوره بتحريك الأطراف، ونجح الأحمر في بناء بعض الهجمات، غير أن نقص الكثافة في منطقة جزاء الأزرق، والتسرع، وافتقاد التركيز أحال دون استثمار تلك المحاولات، وإن كانت شحيحة.

وكان من حُسن الطالع عدم إلمام بونياك بإمكانيات لاعبيه تزامنا مع افتقاد أصحاب الأرض للانسجام التكتيكي، فلم يكن للكويت أي تواجد هجومي في منطقة جزاء الأحمر في الشوط الأول؛ لأن بدر المطوع لا يجيد القيام بمهمة المهاجم الصريح فتواجد خارج منطقة الـ18 في معظم الأحيان؛ الأمر الذي اكتشفه بونياك في السيناريو الأخير من الشوط الثاني.

الزيادة العددية في المواقف الدفاعية منحت الأحمر فرصة استخلاص الكرة، لا سيما بعد الربع ساعة الأولى من الشوط الأول، فسعد سهيل نجح في إيقاف خطورة العنزي، وكذلك علي البوسعيدي تصدى لمحاولات البريكي في أول المباراة، فالبوسعيدي وسهيل أغلقا المساحة التي كانت دائما مصدر أرق لمنتخبنا، مستفيدين من قيام جميل اليحمدي لمساندة ظهيرة، وضغط جانبي من كانو وحارب السعدي، الأمر الذي منح الأحمر الزيادة العددية الدفاعية في مواقف الضغط على حامل الكرة، أما رائد إبراهيم فلم يظهر بمستواه، على المستويين الدفاعي والهجومي.

واستفاد خط دفاع منتخبنا من الحاجز الدفاعي القوي الذي بناه خط الوسط بارتكازيه حارب وكانو، فأجهضت خلال الشوط الأول معظم مساعي أصحاب الأرض من مهدها، وظهر المسلمي في أفضل حالاته على مستوى التمركز والرقابة والتغطية والتسليم والتسلم والزيادة مع الهجمات، كما ظهر فهمي سعيد بشكل جيد غير أنه ارتكب بعض الأخطاء المؤثرة عند تعامله مع الكرات العرضية.

واقتنع فيربيك بأداء لاعبيه في الشوط الأول، فاعتمد على نفس التشكيلة في الشوط الثاني، غير أن الجديد تمثل في المهام والواجبات الثانوية ذات الطابع الهجومي؛ حيث فطن فيربيك لتراجع الكفاءة البدنية للكويت، فغير من تكتيك الضغط على حامل الكرة من وسط ملعبه إلى ضغط عال في ملعب المنافس، ليجد رضا هاني وعلي مقصيد -لاعبا خط وسط الكويت- صعوبة في استلام الكرة، تزامنا مع تضييق في المساحات ونزول رائد وجميل اليحمدي لوسط الملعب؛ للضغط على حامل الكرة في الحالة الدفاعية بجانب حارب وكانو، لتبدو المساحات ضيقة أمام الكويت، الذي لجأ مُضطرا للكرات الطولية لبدر المطوع وفيصل زايد البعيد عن مستواه، فلم يجد الأحمر صعوبة في استخلاص تلك الكرات الطولية، ومن ثم بناء هجمات عززت هذه المرة بدعم من الطرفين سعد سهيل يمينا وعلي البوسعيدي يسارا بالتبادل؛ تزامنا مع دخول رائد لوسط الملعب لفتح الخط أمام انطلاقات سهيل، وكذلك الحال لجميل اليحمدي الذي فتح الخط الأيسر للبوسعيدي، وتأثر سامي الصانع -الظهير الأيمن للكويت- بالزيادة العددية على جبهته، وكذلك الحال لضاير سعيد الذي افتقد المساندة الدفاعية من فهد العنزي، لتبدو الأطراف العمانية أكثر نشاطا ووصولا للنقاط المؤثرة، غير أن نقص الكثافة العددية أحال دون استثمار العرضيات.

ظهر محسن جوهر بشكل جيد، فكان محطة استلام وتسلم، ورؤيته للملعب منحته فرصة التمرير المتقن للأطراف، أو في العمق.

التمريرات العميقة ضربت دفاع الكويت الذي يعاني عدم الانسجام بين حسين حاكم وفهد الهاجري، ليجني الأحمر ركلة جزاء صحيحة، تُرجمت لهدف، وضع فيها كانو خبرة السنين. وعقب هدف التقدم، بدأ سيناريو جديد للطرفين، فالهولندي فيربيك لم يكن موفقا في تراجع مبالغ فيه للحالة الدفاعية -دفاع المنطقة- ليفرض الازرق حصارا محكما على الأحمر في عشرون دقيقة أتيحت له خلالها العديد من الفرص، التي تكفَّل بالتصدي لها الحظ أحيانا، أو العارضة في أحيان أخرى، وارتدى فايز الرشيدي قفاز الإجادة في كل المواقف الصعبة.

الحصار الأزرق تواصل مع تغييرات فيربيك التي لم تأت بجديد، فنزول سعود خميس كان مصدرا للهجمات المرتدة إثر تمريراته التي جاء معظمها للمنافس، وحاول ياسين الشيادي القيام بدور دفاعي عندما حل بديلا لمحسن جوهر، فكان الشيادي رأس مثلث قاعدته كانو وحارب، أما محمود مبروك فشارك بديلا لسعد سهيل للإصابة.

كانو وحارب وعلي البوسعيدي وسعد سهيل تميزوا بالأداء التكتيكي المنضبط طوال اللقاء، وظهر محسن في ثوب جديد، فكان محطة جيدة لاستلام الكرة من خط الدفاع، تحت ضغط المنافس، ومن ثم بناء الهجمة؛ سواء من الأطراف أو العمق.

وبذل الهاجري جهودا كبيرا على المستويين الدفاعي والهجومي، فكان نقطة الدفاع الأولى، ورغم عدم تسجيله، إلا أنه يحتاج مزيدًا من المساندة عبر القادمين من الخلف.

ولم يظهر رائد إبراهيم بنصف حمولته الفنية، ويمتلك جميل اليحمدي أكثر مما قدمه في اللقاءين. ويبدو واضحا أن فيربيك استفادَ كثيرا من القراءة الفنية الخاطئة لبونياك غير الملم بإمكانيات لاعبيه، لا سيما على مستوى خط الهجوم؛ فالفريق ظل بلا مهاجم صريح حتى إشراك فيصل عجب.

تفعيل الهجوم كلمة السر في لقاء السعودية، لاسيما وأن الفوز مطلب الأحمر لمرور آمن للدور الثاني، فهل يغير فيربيك من طريقة لعبه، أم يغير في المهام والواجبات الهجومية للاعبيه؟ سؤال سيجيب عنه الهولندي غداً.

تعليق عبر الفيس بوك