الجامعة لا تزال جامعة

خالد الخوالدي

شكرا جامعة السلطان قابوس لأنك كسرتِ القاعدة التي تقول بأن الجامعات تجمع ثم تفرق، فها أنت جامعتي الحبيبة قد استطعتِ أن تجمعي المحبين والأصدقاء والزملاء مرة أخرى، في ليلة بهية قمرية شعَّ نورها ليضيء قلوبَ كل من حضر حفل الخريجين الرابع، الذي فتح المجال مرة أخرى في لقاء قلوب افترقت لأكثر من سبع عشرة سنة أو يزيد.

سنوات عديدة مرت بعد تخرجنا في جامعة السلطان قابوس، والتي وفرت لنا الملاذ الآمن والمريح والحياة الجامعية بكل معانيها، ووفرت لنا الأجواء العلمية والمعرفية والثقافية والأدبية والترفيهية التي يطمح إليها أي طالب علم، وتعتبر الدفعات من الأولى إلى الحادية عشرة أكثر الدفعات حظا في التعرف والاستمتاع بالحياة الجامعية من وجهة نظري؛ فهذه الدفعات كان لها نصيب الدراسة والسكن في الحرم الجامعي، والاستفادة من كل الخدمات التي تقدمها الجامعة.

في ليلة الخميس من الأسبوع الماضي، أعادت لنا الجامعة الذكريات الجميلة التي عشناها لمدة أربع سنوات؛ فطافت الذكرى بمسجد الجامعة الذي كان يجمعنا فيه المحدث الشيخ سالم بن علي النعماني، والشيخ محمد الشعيلي، وإلى كلية الآداب والعلوم الاجتماعية التي ضمَّتنا بين جنباتها، وإلى الدكاترة الأفاضل في قسم الصحافة والإعلام، الذين بذلوا معنا الجهد والفكر والمشقة، والذين أكدوا لنا في أكثر من مناسبة وحديث ودرس أننا سنكون الشعلة المضيئة في سماء الإعلام بالسلطنة، ولم يُخيِّب طلابهم هذا؛ حيث يشار إلى أغلبهم حاليا بالبنان ،وعادت الذكرى الجميلة إلى كل أقسام الكلية التي نهلنا منها المواد الاختيارية ومتطلبات الجامعة، وإلى المكتبة الرئيسية التي كنا ننهل منها العلم والمعرفة ومتعة القراءة والبحث، وإلى مستشفى الجامعة الذي كان مقهاه الملاذ الأخير لنا في الساعات الأخيرة من الليل، وكانت الذكرى الأكبر هي الساعات الرائعة التي قضيناها في السكن الجامعي، والتي لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة؛ فالغرفة (28 د) بالوحدة الرابعة، ستبقى الغرفة الأروع والأجمل والأحلى من بين الغرف التي عشقتها إلى الأبد، وستبقى الوحدة الرابعة بمن سَكن فيها من أجمل السكنات التي سكنت فيها الروح، ولن أنسى اللحظات الجميلة التي كنا نقضيها مع الزملاء والأصدقاء والإخوان في رحاب سكنات الجامعة الإحدى عشر سكنا، والتي كنا نتجول فيها واحدة واحدة؛ ففي كل وحدة لنا زملاء وخِلان نتزاور ونلعب ونضحك ونستمتع بالفعاليات والأنشطة المستمرة التي تقيمها الوحدات السكنية بشكل مستمر.

شكرا أيتها الأم الرائعة الوفية.. شكرا جامعة السلطان قابوس مرة أخرى على مساهمتك الرائعة في إعادتنا إلى أرواح تفرقت في هذه الدنيا، واستطعتِ تجميعها مرة أخرى، لقد كانت ليلة من ألف ليلة وليلة وأنا أشاهد تلك الأعداد الكبيرة التي حضرت من كل ربوع السلطنة، وأرى الابتسامة تعلو المكان، وقد عزفت الذاكرة أجمل ألحانها في ساعات قليلة، وكانت المتعة حاضرة في مشرق الجامعة ومغربها.

وكان شرق الجامعة ومغربها يعج بالتطور والعمران والمباني الجميلة والرائعة، ولا أخفيكم سرا أن شباب الدفعات الأخيرة التي سكنت في سكنات الجامعة، والتي اختتمت بالدفعة الحادية عشرة كان لها الفضل في عدد من المنجزات في هذه الجامعة الفتية؛ حيث تمخضت الحركة الطلابية التي حدثت في العام 1996 عن تغييرات جذرية في الجامعة؛ حيث وصلت مطالباتها إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- والذي أمر بإنشاء العديد من الوحدات السكنية، وبالمركز الثقافي الذي يعد اليوم صرحا سامقا في رحاب الجامعة، وبعدد من التغيرات التي أسهمت في تطور الجامعة وتقدمها إلى الأمام.

... إن ما تقوم به إدارة الجامعة من دعوة خريجيها للالتقاء، يعدُّ خطوة مباركة وموفقة في ربط خريجي الجامعة بجامعتهم التي جمعتهم بالمحبة، وألفت بينهم بالعلم والمعرفة، ونتمنى أن يستمر هذا التوجه، وأن تجمعنا بالأحبة لقاءات ولقاءات في ظل الجامعة... ودمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com

الأكثر قراءة